المشاريع الخارجية... والمصالح الوطنية...!!

09:03 2022/11/04

من المعلوم...
بأن التبعية للخارج بكل أشكالها تتعارض تماماً مع سيادة الوطن واستقلاله 'وتتصادم كلياً مع مصالحه العليا وثوابته الوطنية، والارتباط بالمشاريع الخارجية والعمل وفق رؤيتها وتنفيذ أجنداتها هو المعنى الحقيقي والحرفي للتبعية، ومن المعروف بأن المشاريع الخارجية باختلاف مشاربها وثقافاتها تتعارض مع المشاريع الوطنية، لذلك كل شعب من الشعوب يجب أن يكون له مشروعه الخاص به' الذي يراعي تاريخه وتراثه وحضارته ومعتقداته وثقافته وعاداته وتقاليده 'ويعمل على تحقيق مصالحه وأهدافه وتنفيذ سياساته الخاصة به...!!
 
لأن الأنظمة السياسية المرتبطة بمشاريع خارجية في أي دولة، ملزمة ومجبرة بالعمل بما يتلاءم مع أجندات وسياسات تلك المشاريع' وبما يحقق أهدافها ومصالحها، حتى وإن تعارض ذلك مع الثوابت الوطنية، وحتى وإن ترتب على ذلك الإضرار بالمصالح الوطنية العليا، لذلك كانت ولا تزال التبعية والارتهان للخارج، من أسوأ أنواع الخيانة للأوطان، ولمصالحها العليا، ولا حاضر... ولا مستقبل... ولا أمل... ولا تطور... ولا تقدم... لوطن يقوده نظام سياسي مرتبط ومرتهن بمشاريع خارجية، مهما تغنَّى باسم الوطن والوطنية، ومهما ادعى حرصه على الوطن، وعلى مصالحه...!!
 
وأتعس وأشقى الشعوب في العالم، هي الشعوب التي تقودها أنظمة سياسية مرتبطة ومرتهنة بمشاريع خارجية، لأنها لن تتردد في تسخير كل إمكانيات ومقدرات شعوبها في خدمة تلك المشاريع، حتى لو وصل الأمر إلى الزج بشعوبها في أتون الحروب والصراعات الإقليمية والدولية، دون مراعاة لما قد يترتب على ذلك من معاناة ومآس لشعوبها 'وما يحدث في الدول العربية اليوم من صراعات وحروب ودمار، هو النتيجة الطبيعية، لارتباط وارتهان القوى السياسية والنخب الحاكمة فيها بمشاريع خارجية. وبذلك وجدت الشعوب العربية نفسها، وهي تخوض غمار حروب وصراعات، لا ناقة لها فيها ولا جمل، ولا تخدم مصالحها الوطنية، لا من قريب ولا من بعيد، ووجدت أوطانها وقد أصبحت ميداناً لمعارك ليست معاركها، وحروباً ليست حروبها، وأدركت بأن دماء أبنائها ليست سوى وقوداً لتصفية الحسابات فيما بين مشاريع خارجية متصارعة ومتنافسة...!!
 
لذلك لن نبالغ إذا قلنا بأن كل القوى السياسية التي لها ارتباطات بمشاريع خارجية، لا خير فيها، ولا أمل فيها، ولا مستقبل لها، ولن تجني الشعوب منها سوى الخراب، والدمار، والتخلف، والفقر، والضعف، والهوان، والذل، والتبعية، وفقدان الكرامة والسيادة والاستقلال، وما يحدث في العالم العربي، خير نموذج لذلك. ومهما تغنت الأنظمة الحاكمة المرتهنة للخارج بالوطن والوطنية، فإنها مجرد شعارات كاذبة وخادعة، الهدف منها مخادعة الشعوب وتخديرها، واستغلالها واستغفالها وتسخير قدراتها وإمكانياتها في خدمة مشاريع خارجية، فعن أي وطنية تتغنى أنظمة الحكم، والقتل والجوع والخوف يفتك بشعوبها والدمار والخراب يجتاح أوطانها، وهي تصر على الاستمرار في الارتهان للخارج' وترفض الالتفاف حول مشروع وطني وقومي جامع...!!
 
ومن ينتظر خيراً، من القوى المرتهنة والمرتبطة بمشاريع خارجية، فمثله كمثل من يلهث خلف السراب في صحراء قاحلة، ولن ترى الشعوب العربية الحياة، والتقدم، والسلام، والأمن والاستقرار، ما دامت النخب الحاكمة، التي تتحكم بها وبمصيرها، خاضعة وتابعة لمشاريع خارجية 'ولن ترى هذه الشعوب النور والعزة والكرامة والسيادة إلا عندما تتحرر من التبعية للخارج ويكون لها مشاريعها الوطنية والقومية الخاصة بها' التي تراعي خصوصيتها وتاريخها وثقافتها ومعتقداتها وحضارتها وعاداتها وتقاليدها وحتى بيئتها المحيطة بها.!!