المعارضة العربية... والتدخلات الإقليمية والدولية...!!

11:46 2022/10/25

بدايةً...
لم يعد يخفى على أحد بأن الشعوب العربية قبل نكبة الربيع العربي المشئومة كانت تعيش في حالة من السلم الاجتماعي، وفي حالة من الأمن والاستقرار، وفي حالة من البناء والتقدم والتحضر، وفي حالة مقبولة من استقلالية القرار 'وإن كان ذلك الوضع يختلف نسبياً من دولة لدولة أخرى' إلا أن ذلك الوضع كان هو السائد، وذلك رغم المحاولات الحثيثة لزعزعة الأمن والاستقرار المجتمعي العربي من طرف أحزاب المعارضة وجماعات الإسلام السياسي بإيعاز من الخارج...!!
 
هذه التوطئة المختصرة هي بمثابة المقدمة التي سوف تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن التدخلات الإقليمية والدولية السلبية في الشأن العربي هي المسئولة عن صناعة الصراعات القائمة اليوم في العالم العربي، التي تعصف بالعديد من دوله في دوامة الفوضى والعنف والاقتتال والتشرذم والتمزق، فتحول الأوضاع من حالة السلم إلى حالة الحرب، ومن حالة الاستقرار إلى حالة الفوضى، ومن حالة البناء إلى حالة الخراب والدمار، لم تحدث من فراغ بل بفعل فاعل 'ولم تحدث بطريقة عفوية أو ارتجالية بل بطريقة مخططة تخطيطاً دقيقاً ومنظماً ومرتبا له بعناية فائقة...!!
 
ورغم أن الكثير من قراءات الباحثين والمفكرين العرب قد ذهبت إلى التأكيد على هذا المسلك التآمري منذ وقت مبكر إلا أن ذلك كله كان يندرج في خانة التكهنات والتوقعات البحثية، حتى ظهرت إيميلات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة قبل عامين تقريباً' لتضع النقاط على الحروف وتحول تلك التكهنات والتوقعات إلى حقائق وأدلة يمكن الاعتماد عليها 'ولم يعد موضوعنا في هذا السياق إثبات أو نفي ذلك لأن الأمر قد حسم بشكل كبير' وبات واضحاً للجميع بأن كل القيادات السياسية والحزبية العربية المعارضة التي شاركت في نكبة الربيع العربي 'قد انخرطت بمحض إرادتها في تلك المؤامرة القذرة طمعاً في الاستحواذ على السلطة' واستجابة لتوجيهات قوى خارجية لها مشاريعها وأطماعها التوسعية في المنطقة العربية...!!
 
والجديد في الموضوع هو أن أحزاب المعارضة العربية التي كانت تصم آذاننا بتبعية وعمالة أنظمة الحكم العربية للخارج 'هي من باتت ترفع لواء التبعية للخارج بشكل واضح وصريح ودون خجل أو حياء' وهي من باتت تتغنى بمشاريع وأجندات خارجية تستهدف السيادة والقومية العربية 'وهي من باتت تغامر بمستقبل الدول العربية وأمنها واستقرارها لمصلحة الخارج' وهو ما جعل الجماهير العربية تعيش في حالة من الصدمة والذهول 'وهي تشاهد من كانوا ينتقدون الأنظمة ويهاجمونها بذريعة التبعية للخارج' هم أنفسهم اليوم من يرفعون لواء التبعية والعمالة الخارجية عالياً 'بل ويقاتلون من أجله ويفاخرون به' دافعين بأوطانهم نحو الدمار والخراب وبشعوبهم نحو القتل والتشرد والضياع 'لتتبلور في ذهن الجمهور العربي قصة الثعلب وهو يرتدي ثوب الناصحين والصالحين' بعد أن رأوا رأي العين قيادات أحزاب وجماعات المعارضة وهم ليس أكثر من أدوات تعمل بكل جد وإخلاص في خدمة مشاريع توسعية خارجية 'وليشاهدوا بلدانهم وهي تابعة وفاقدة للسيادة وللقرار بفضل مغامراتهم وسياساتهم ومواقفهم...!!
 
لذلك كان ولا يزال وسيظل موضوع استقلالية القرار السياسي العريي هدفاً منشوداً عند كل الأحرار والشرفاء في العالم العربي' ودون العمل على تحقيق هذا الهدف سيظل العالم العربي بكل مقدراته وإمكانياته وثرواته وخيراته مباحاً لكل من هب ودب 'وكل من يشجع أو يدعم أو يوالي أو يناصر هذا الطرف الإقليمي أو الدولي أو ذاك' فإنه بهذه المواقف السلبية لا يعمل على تحقيق استقلالية القرار السياسي العربي ولا يعمل على تحقيق الهدف القومي العربي المنشود 'وهو بهذه المواقف بعلم أو بدون علم يجعل من نفسه أداة تدمير وتخريب بيد غيره للأسف الشديد' وهو بذلك يساهم في جعل الوطن العربي مسرحاً للتدخلات الإقليمية والدولية 'ولن يتمكن العرب من الاستحواذ على قرارهم ونيل سيادتهم الكاملة إلا بإلتفافهم حول المشروع القومي العربي' نقطة آخر السطر...!!