الاستعمار والاستبداد... والعنصر المحلي السلبي...!!

10:20 2022/10/25

غالباً ما يتعرض شعب للاستعمار الخارجي أو للاستبداد الداخلي دون وجود عنصر محلي داعم ومساعد له، فالاستعمار والاستبداد لا يتحققان ولا ينجحان دون وجود تواطؤ ودعم محلي من داخل الشعب نفسه، فالاستعمار الخارجي من أهم مقومات استمراره وبقائه أطول فترة ممكنة في أي مكان، وجود عملاء وخونة ومرتزقه محليين يساعدونه على ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للاستبداد الداخلي فديمومة سيطرته وهيمنته على البلاد والعباد تحتاج لأعوان ومؤيدين من بين أفراد المجتمع، ومن يتعاون مع الاستعمار أو الاستبداد هم الأشخاص الذين يخافون على فقدان مراكز نفوذهم ووجاهاتهم المجتمعية أو القبلية، أو الذين يخشون على خسارة مصالحهم التجارية أو المالية أو الاستثمارية، أو الذين يطمحون في تولي مناصب قيادية، أو الذين لا هم لهم سوى اشباع بطونهم وغرائزهم بغض النظر عن من الحاكم وكيف يحكم، أو المفسدين وقطاع الطرق وأصحاب السوابق بهدف تحسين أوضاعهم من خلال إخلاصهم وتفانيهم في خدمة المستعمر الخارجي أو المستبد الداخلي، الذي لا يبحث عن أخلاق الأفراد وسلوكياتهم بقدر بحثه عن إخلاصهم وولائهم له...!!
وعلى العموم يظل العنصر المحلي أياً كانت أهدافه وغاياته ومبرراته، هو الأداة المسهلة والمساعدة لبقاء واستمرار المستعمر الخارجي للوطن، وهو القوة الداعمة والساندة لبقاء واستمرارية وسيطرة المستبد الداخلي على السلطة أطول فترة ممكنة، فلا يمكن للمستعمر الخارجي إحداث أي اختراق في بنية المجتمع الداخلية إلا بتعاون وتواطؤ وخيانة وعمالة أفراد وقوى من داخل المجتمع نفسه، ولا يمكن للمستبد الداخلي الاستيلاء على السلطة والاستمرار فيها وممارسة استبداده وطغيانه وظلمه إلا بمساعدة ودعم وتخادم وتواطؤ قوى وأفراد من أبناء الشعب نفسه، ودون دعم وتعاون العنصر المحلي لن يستطيع المستعمر الخارجي البقاء والاستقرار داخل الوطن، ولن يتمكن المستبد الداخلي من السيطرة على السلطة والاستفراد بها، وبذلك فإن للعنصر المحلي أهمية بالغة في نجاح مساعي المستعمر الخارجي أو المستبد الداخلي، ومن يقوم بهذا الدور هو العنصر المحلي السلبي...!!
والعنصر المحلي السلبي هو موجود في كل مجتمع وشعب، ومن النادر جداً أن تجد شعبا أو مجتمعا خاليا منه، ولا يتوقف هذا العنصر من تبرير سلوكياته السلبية، فقد تراه وهو يصنع المبررات لبقاء واستمرار المستعمر الخارجي لوطنه، بل قد يصل به الحال إلى تجميل صورة المستعمر، وإلى تبرير جرائمه وانتهاكاته ضد أبناء شعبه، وقد تراه وهو يصنع المبررات لاستمرار وبقاء المستبد الداخلي، بل قد يصل به الحال إلى تجميل صورة المستبد، وإلى تبرير طغيانه وظلمه وانتهاكاته ضد المواطنين، كل ذلك من أجل مصلحة أو منصب أو وظيفة أو فتات، ولا يتوقف العنصر المحلي السلبي عن تقديم الخدمات وكل فروض الولاء والطاعة للمستعمر الخارجي أو للمستبد الداخلي لنيل رضاهم، وللأسف مهما فعل فإنهم ينظرون إليه باستصغار واحتقار، ولا يثقون به فالمصلحة هي دينه ومبدأه وغايته، وأينما كانت سعى لها ولهث خلفها...!!
وبذلك فإن العناصر المحلية السلبية هي نقطة الضعف في كل المجتمعات والشعوب، فمن خلالها وعبرها تعبر كل المؤامرات والتدخلات الخارجية في شئون الأوطان، وبسببها تسقط الأوطان في فخ الاستعمار وتقع في مستنقع الاستبداد والطغيان، وهكذا عناصر هم العاهة المستديمة التي تشوه صورة كل شعب أو مجتمع بشري، كما أنها تمتلك أقنعة متعددة تبدلها حسب مقتضيات مصالحها، ولا وفاء ولا عهد لها، فهي لا تؤمن بأي قيم دينية ولا بأي مبادئ وطنية أو إنسانية، فقط يؤمنون بالمصلحة والمال فأينما كانت يمموا وجوههم نحوها، وهي التي تدفع بهم نحو التصرفات السلبية التي يقومون بها، والمصلحة لها تأثير كبير ليس على تصرفات الأفراد بل على تصرفات الدول، ففي سبيل المصلحة تتصرف بعض الدول بتصرفات عدوانية ضد الدول الأخرى، دون اعتبار للنتائج الكارثية التي قد تسببها تلك التصرفات على شعوب الدول المستهدفة، من أجل ذلك جاءت الأديان السماوية بالكثير من التشريعات والأحكام التي تسعى إلى ضبط النزعة المادية داخل النفس البشرية، والتي تعمل على تعزيز القيم الروحية وتقويتها داخل النفس، بهدف وضع حدود للمصلحة أياً كان شكلها، فالمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الفردية، وتحريم أي مصلحة أياً كان نوعها إذا ترتب عليها إلحاق الضرر بالآخرين، لكن القليل هم الذين يلتزمون بالتشريعات والأحكام الدينية...!!