هل ستقع الحرب النووية؟

10:11 2022/10/23

هل هي صدفة أن يتوافق اسم الغرب مع حالته الآن، وهو أنه ينهار ويتداعى بصورة واضحة تماما كما نرى الشمس تختفي تدريجيا خلف الافق، بينما الشرق الذي عمه ظلام الظلم الغربي طوال قرون يصعد كالشمس التي يزداد نورها كلما ارتفعت فتنير العالم مزيحة ظلام ظلم الغرب؟
 
إنه توافق فريد بين الاسم والمسمى هذا الذي نراه الآن. ونحن العرب ننظر إلى ما يجري ليس من منطلق أيديولوجي بل من حقيقة وجود تهديد مباشر لبقائنا كبشر والذي وصل في العقدين الأخيرين مرحلة حاسمة حيث يحاول الغرب إنهاء أمتنا العربية بكافة الوسائل،
 
نحن لسنا مع أو ضد إلا بقدر معاناتنا العميقة من أطراف غربية تعمل هي ومن معها مثل الإسرائيليتين الغربية والشرقية.
 
لذلك، فنحن ننظر إلى غروب الغرب وشروق الشرق من زاوية محددة جدا، وهي تعاظم فرص تحررنا من الكوارث التي صنعها الغرب وأدواته.
 
الغرب الآن ينهار كما توقعنا طوال أكثر من ثلاثة عقود. وفي كتابي (متلازمة أمريكا) الذي كتب في عام 2011 وصدر في عام 2016 وكتابي الآخر (صراع الهويات القومية) الذي صدر بعده بعامين، شرح مفصل لعملية انهيار الغرب خصوصا أمريكا واقترابها من التفكك الداخلي. وفي الكتابين كما في بقية كتبي ومقالاتي إعادة تأكيد وشرح إضافي لواقع أن أمريكا تنهار وتتفكك وأنها متجهة لامحالة للزوال لأنها دولة شركة عظمى وليست دولة أمة كباقي الأمم. الآن الانهيار صار يتجسد في تحولات عميقة تثبت أن الغرب يتجه للانهيار وفقدان دوره المهيمن على العالم، وهي عملية لا يمكن تغيير مسارها مهما فعل الغرب.
 
وبحكم حتمية زواله، نرى الغرب يتجه للخيار النووي لأنه لن يعود فتيا فهذا حلم الشيخ الذي يريد العودة لصباه، وعالمنا يتغير بحتمية لامفر منها الا بحرب نووية خطط الغرب من خلالها لمحو ستة مليارات من البشر كي يبقى ولو عليلا ماسكا بالعالم المكون من مليار أو أقل بقوة التكنولوجيا والمال فقط.
 ما هو الدليل؟
 
 1- من هم زعماء الغرب الآن؟ القادة يقدمون بمواصفاتهم حالة امتهم، وعندما تحللون شخصيات قادة الغرب ترون الانهيار ظاهرا، ففي أمريكا انتخب بوش الصغير والذي وصف من قبل الرأي العام الأمريكي بانه (أغبى رئيس لأمريكا وأكثرهم تخلفا) وهو الذي نفذ خطة النخبة بشن حرب ابادة جماعية للعراقيين.
 
وانتخب ترامب نصف الأمي والذي لم يترك الإعلام الأمريكي وخصومه الديمقراطيين صفة مذمومة إلا وأطلقت عليه، والآن بايدن وهو رجل فقد نصف عقله فهو لا يتذكر ما عرفه قبل لحظة، وهو يرى أشباحا فيمد يده ليصافح الهواء، وآخر مظاهر فقدانه للقدرة على التمييز هو نسيانه لمخرج منصة الخطابة في يوم 20-10-2022 فبحث كي يعثر عليه وساعدوه للخروج!
 
هؤلاء الرؤساء الثلاثة أمثلة فقط للانحدار الجذري في مواصفات الرئيس الأمريكي وتعمد اختيار رؤوساء أنصاف أميين أو مرضى نفسيا أو كبار سن أو فاسدون كما هو بايدن وابنه، بحيث يفقدون القدرة على التمييز، واختيارهم يعود إلى ضرورة السيطرة عليهم بسهولة ومن خلالهم تنفذ أخطر القرارات. ولو قارنا هؤلاء الرؤساء برؤساء أمريكا حينما كانت تصعد  مثل آيزنهاور وكندي ونيكسون لرأينا الفرق الهائل بينهم، تعمد نخب أمريكا انتخاب ناقص الأهلية أحد أهم مظاهر الانحدار الأمريكي.
 
 أما في بريطانيا فنرى الحالة نفسها، فبعد مارجريت تاتشر القوية والتي كانت آخر رئيس وزراء قوي، رأينا رؤساء وزراء ضعفاء وآخرهم بوريس جونسون وليز تراس، فجونسون كان شخصا غريب الأطوار، وخليفته تراس لم تستمر أكثر من 44 يوما واستقالت لأنها عجزت عن الوفاء ببرنامجها الانتخابي، وكانت أيضا نصف أمية في القضايا السياسية، ولذلك تدهورت مكانة بريطانيا أكثر في العقدين الأخيرين وانكشفت عيوبها البنيوية.
 
فحالة أمريكا وبريطانيا وهما قيادة الغرب الفعلية، تؤكد أن انهيار الغرب حتمي لأن من متلازمات انهيار الامم صعود قادة ضعفاء أو أنصاف أميين خصوصا في مجال السياسة أو فاسدين جدا وذلك أحد أهم دروس التاريخ.
 
 2- هشاشة الاتحاد الأوروبي: لو نظرنا للاتحاد الأوروبي لرأينا أن الامال التي عقدت على إنشائه، وأهمها تحول أوروبا إلى كتلة موحدة الأهداف وتسهم في قيادة العالم مع أمريكا وبريطانيا، أخذت تتبخر بسرعة، الآن نرى الاتحاد الأوروبي يتفكك بسرعة بعد كوفيد 19 حيث ظهرت بوادره بـترك إيطاليا تعاني منه بلا دعم أوروبي، فتطوعت روسيا والصين وقدمتا الخدمات لإيطاليا، وذلك كان جرس إنذار حاسم بأن علاقات دول الاتحاد غير عضوية، أي قابلة للتفكك السريع، وجاءت حرب أوكرانيا لتؤكد تلك الظاهرة، الاتحاد الأوروبي الآن في حالة يرثى لها. فمثلا ألمانيا تدعم شركاتها ماليا كي تساعدها على البقاء في مخالفة لقرار مركزي اتخذه الاتحاد الأوروبي يقضي بعدم دعم الشركات بصورة منفردة لمنع ترجيح كفة شركات البلد الذي يقدم الدعم لشركاته. كما أن دول الاتحاد تتبنى مواقف متناقضة تجاة العقوبات على روسيا، فالمجر ترفضها ودول اخرى ترفضها سرا، خصوصا وأنها أوقعت دول الاتحاد الأوروبي في أخطر أزمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية وهي تهدد بانهيار كل ما حققته أوروبا من تقدم وتطور في العقود الماضية، فالتضخم ارتفع بصورة خلقت مشاكل اجتماعية معقدة أبرزها تناقص القدرة الشرائية للمواطن بنسبة وصلت أحيانا أكثر من 100%، وإغلاق شركات والتهديد الجدي بإغلاق آلاف الشركات إذا استمر الصراع مع روسيا، وبسبب هذه التناقضات رأينا الصراع التقليدي بين المانيا وفرنسا ينبعث من جديد، وظهرت خلافات دول أوروبية أخرى مع بعضها.
 
 ومما زاد من ضعف الاتحاد الأوروبي هو اندلاع الاحتجاجات في أغلب دول الاتحاد على تراجع مستوى المعيشة بقوة وتغير موازين القوى السياسية بسرعة داخلها فقد ظهرت حالة غريبة وهي صعود اليمين واليسار معا وتراجع الوسط. وتلك بادرة تهدد بتدمير أسس الاستقرار التي ارتكزت عليها دول أوروبا طوال عقود، ناهيك عن أن رفض التبعية لأمريكا وضرورة السلام مع روسيا أخذ يتصاعد بسرعة بعد أن ظهر الفارق في معادلة من المتضرر من حرب أوكرانيا ومن المستفيد منها، فقد ظهر جليا أن الشركات الامريكية  هي المستفيد الوحيد من الحرب حيث أخذت تبيع الغاز والنفط لأوروبا بأربعة أضعاف سعر روسيا، وهذا هو الذي خلق التضخم وزيادة الفقر أو ظهوره مجددا، وهذه الحقيقة دفعت المزيد من الجماهير الأوروبية للدعوة لحماية المصالح القومية أولا وليس مصلحة الاتحاد الأوروبي.
 
 3-صعود دول فتية: مقابل تراجع الغرب بقوة، نرى الصين تصعد بقوة هائلة وتستعد للتربع على عرش العالم خلال عقد او اقل ودفع امريكا للخلف. كما أن روسيا تحقق المزيد من التقدم: فمن كان يتوقع أن الاتحاد السوفيتي الذي كان يعاني من نقص التقدم التكنولوجي والموارد الزراعية سوف تصبح بعد انهياره روسيا مصدرة للغذاء والسماد؟
 
ومن كان يتوقع أن روسيا سوف تتطور تكنولوجيا على الأقل في المجال العسكري لتصبح أسلحتها هي الأولى في العالم؟
 
هذه المعادلة المتناقضة والخطيرة المتمثلة في التراجع السريع للغرب والصعود الأسرع للشرق يشكل ظاهرة ستؤدي حتما إلى انتهاء عصر سيطرة الغرب على العالم، وتبدأ مرحلة سيطرة الشرق عليه.
 
 وتلك ضربة موجعة للحلم الأعظم لنخب أمريكا الجشعة والمريضة بداء افتراس الآخرين، وهو أن يكون القرن الحادي والعشرين قرنا أمريكيا كما وعد جورج بوش الأب في نهاية القرن الماضي، وهو ما عبر عنه المفكر الأمريكي من أصل ياباني فوكوياما عندما طرح نظرية مغرقة في السذاجة تقول بأن الصراع بين الاتحاد السوفيتي وأمريكا انتهى بانتصار أمريكا في صراع القرن وسيادة الليبرالية الأمريكية على العالم كله!
 
 وبما أن فقدان أمريكا لزعامتها للعالم لن تكون مجرد تراجعها للخلف، بل نتيجته الحتمية هي تفككها وزوالها كدولة وانبثاق دول على أنقاضها مثلما حصل للاتحاد السوفيتي، إن جرس الخطر دق بقوة ليثير لديها نزعة الافتراس بصورة اقوى، وتفكك أمريكا ليس أمنية أو تصور، بل هي حقيقة ميدانية أخذت ملامحه تظهر علنا منذ الأزمة المالية في عام 2008م
 
عندما تبعتها دعوات لانفصال أغنى الولايات الأمريكية وهي كاليفورنيا وأكثر من 10 ولايات أخرى لكي لا تتحمل أعباء دعم الولايات الفقيرة! كل ذلك ظهر للعلن لأن أزمة مالية ضربت أمريكا، فكيف حينما ستواجه انحدارها إلى مستوى دولة من العالم الثالث قريبا؟
 
وهي تدرك النتائج الكارثية لتراجعها وصعود الصين وروسيا، خصوصا حتمية زوالها كدولة تمسكت أمريكا أكثر بالبقاء قائدة للعالم بلا منافس، وبما أن ذلك مستحيل سلميا فإن الحرب هي الضمانة الوحيدة لبقاء أمريكا ولكن تلك الحرب لن تكون كلاسيكية حتى لو بدأت كذلك، فما إن تصل مخاطرها على روسيا إلى حد هزيمتها حتى تتحول حتما إلى حرب نووية وهو ما تريده أمريكا من الضغط المتزايد على روسيا، فالحرب الاوكرانية ليست سوى  حرب أمريكية تشن على روسيا.
 
ولكن ربما يسأل البعض وهل من المعقول أن تختار ىمريكا الحرب النووية التي قد تفقدها ثلاثة ارباع سكانها إن لم تكن نتيجتها انهاء الحياة كليا في الكرة الارضية؟ إن النخبة التي تتحكم بأمريكا لديها مخطط قديم تم تبنيه رسميا منذ سبعينيات القرن الماضي يقوم على إبادة أغلب سكان العالم مع إبقاء مليار إنسان أو أقل ويتم ذلك بنشر الأوبئة والحروب المتناثرة في كل القارات والتي لا تتوقف إلا بعد ان تدمر أسس الحياة الطبيعية، ونشر الشذوذ الجنسي لتقليل السكان، وتلويث البيئة لزيادة نسب الموت وتعمد منع إجازة أدوية تعالج الأمراض القاتلة والاكتفاء بأدوية تخفف الأعراض... الخ.
 
 وفي هذا الإطار الستراتيجي نرى بوضوح كاف أن الحرب الاوكرانية هي تنفيذ لخطة أمريكية هدفها اكمال خطوات إبادة ستة مليارات إنسان على الأقل، وذلك ليس سرا فقد كتب العشرات عن هذه الخطة ونشروا وثائقها الدامغة، وكنت احد من كرر التنبيه لها منذ ثمانينات القرن الماضي عندما ظهر الايدز وكتبت أنه مرض مصنّع عمدا.
 
هل ستقع حرب نووية؟
 
من سيقرر ذلك ليس أمريكا أو روسيا والصين بل الاتحاد الأوروبي فإن اتخذ قرارات حاسمة بضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا عبر توقف دعمه لحكومة أوكرانيا فإن نيران الحرب ستنطفئ، ولن تستطيع أمريكا مواصلة تغذيتها بمفردها مهما فعلت، وبذلك ستنقذ البشرية من مخاطر الفناء. فالكرة الآن في ملعب أوروبا، فهل ستكون النخب الأوروبية بمستوى الواجب التاريخي لإنقاذ كوكبنا من الفناء النووي؟ ثمة بوادر تشير إلى أن هذه النخب أخذت تتلمس الكوارث التي تنتظر دولها إن لم تطفأ النيران التي اشعلتها أمريكا، خصوصا رؤيتها لحقيقة أن الحرب العالمية الثانية ستبدو بنتائجها مجرد خدش بسيط مقارنة بدمار الحرب النووية.
 
كاتب عراقي