ثورة أكتوبر والمنهزمون وجدانيا !!
بصراحة قد لن تجد تفسيرا كافيا يشخص لك بدقة حالة التيه والبؤس التي وصلنا اليها الـيوم حتى أصبح الكثيرون منا يمجدون طربا لماض الاحتلال البريطاني دونما أدنى معرفة لمعنى بقاء بلد حر تحت وطأة سلطة أجنبية، ويشعلون غداة كل ذكرى اكتوبرية نار الحنين لحقبة الاستعمار البائدة وأيضا بغير كامل فهم لدوافع الثورة عليها .
ومع أن الأمر هذا قد يقرأ تارة كتعبير عـن كرههم وإمتعـاضهم الشديد إزاء الاوضاع المزرية التي نعيشها اليـوم والتـي تمثل بـطبيعتها إمتـدادا عضـويا مماثلا للاوضاع التي أعـقبـت رحيل المستـعـمر البريطاني عـن عـدن وسائر الجنـوب آنـذاك، وتارة أخرى كرغبة قاصرة منهم في التندر وبث روح الدعابة هربا من منغصات العيش الرتيب .
غير أن الشيء المؤكد هنا والذي قد يعد تفسيرا أقرب لحالة السادية الموسمية تلك هو أننا فعلا قـد أصـبحـنا نخشـى كثيرا مواجهـة الواقـع كما هو ونعجز غالـبا عن تجـاوز الاخطـاء التـي صنعتها صبيانية الـرفاق وجهـلهم وجرتنا اليها يومئذ الانظـمة السيـاسيـة المراهقة التـي حكـمت بعـيـد مغـادرة الانجليـز البلـد .
ذلك فضلا عن إفتـقارنا كليـا للشجاعة الكـافيـة وجـرأة الحديث بشفافية مطـلقـة عن مجمل المخاوف والتوجسات التي لم تزل تخالج أذهاننا حتى اليـوم تجاه بعضنا كفرقاء سياسيين مزقتهم شهـوة السلطة ونشوة الإستئثار بالحكم، حتى صار البعض اليوم وعلى إثر ذلك الواقع يلجىء دون حرج نحو خيار الهروب من حاضره المليىء بالخيبات والنكسات ولو كان ذلك عبر بوابة العودة إلى ماضي الاستعمار بكاء ولوعة ومهما بدا أن في إستدعاء ذلك العهد وخيار التمسح به ثمة تجاوزا سافرا لثمن التخلص منه لاينبغي إغفاله، وتعديا صارخا على معنى الجلاء في أدبيات الثوار لايجب حدوثه .