فشل تمديد الهدنة والحرب المؤجلة والقادمة في اليمن

08:18 2022/10/03

بعد كل هذه الفترة الكبيرة من اللا حرب أو وجود بوادر للسلام، لم يبرز أي أفق لإنهاء الصراع المرير الذي يدفعه الشعب اليمني، نتيجة الصراع الدولي والإقليمي بين الدول العظمى الدولية ومصالحها الإستراتيجية من جهة، ومن ناحية نقل مشكلة الملف النووي الايراني لليمن من خلال تبني إيران ودعمها للحوثي، لا بد أن نعترف أن الحرب لم تؤت أكلها لحد الآن أو تحقق أهدافها والتي قادها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.  كما بتنا نعتقد حتى لو لم يتم تجديد الهدنة لفترة إضافية وإطلاق مشاورات سلام، فإنه بات واضحًا أن شكل الحرب قد تغير تمامًا، وقد تستمر الهدنة غير المعلنة بين السعودية والإمارات والحوثيين وتبقى سارية. وما نخشاه أن تعود الحرب وتستمر كحرب داخلية يمنية يمنية، وألا يكون هناك دعم وإسناد جوي من التحالف لدعم إعادة الشرعية ومؤسسات الدولة وسيادة واستقلال اليمن. وبذلك يكون قد نجح المجتمع الدولي والتحالف العربي المجاور لليمن من التملص من الالتزامات تجاه اليمن، وأن تبقى الحرب في اليمن حرباً منسية، وتتحول لحرب شطرية وطائفية تسير باليمن إلى منزلقات خطيرة قد تصل إلى حد الانفصال بين الشمال والجنوب، وبروز حرب وصراع مذهبي في شمال الشمال اليمني، لأن الحوثي كما هو واضح يريد فرض عقيدته ومعتقداته بالقوة على اليمنيين.   التنازلات التي دأبت الشرعية اليمنية على تقديمها للحوثي لم تقنع الحوثي الذي يرفض كل تلك التنازلات، والسبب أن تنازلات الشرعية وموقفها ضعيف أمام الحوثي ورغبتها فقط في تمديد الهدنة لتبقى في المشهد لا أكثر، وأن تظل تستولي على موارد النفط دون عمل خطة ردع عسكري لاستعادة الدولة. وهذا ما جعل الحوثي يتحدى أكثر، ولا يبدو أن هناك جدية في حسم الوضع أو جنوح للسلام الذي يحفظ ويصون دماء وكرامة وسيادة واستقلال ووحدة اليمن أرضاُ وإنساناً.   أخيراً فشل تمديد الهدنة ووصل المجتمع الدولي لنقطة الصفر، الحوثي يطرح شروط خارجة عن سياق رفع المعاناة عن الشعب اليمني، ولديه الاستعداد لابقاء واستمرار الحرب هو يريد تنفيذ أجندته وتسليم المرتبات من الطرف الآخر. الحوثي يريد أن ينهب ولا يريد أن يتحمل المسؤولية ويحقق السلام بين اليمنيين وأن تبقى اليمن ساحة لتصفية حسابات من أجل الضغط في مصلحة الملف النووي الإيراني وإشكاليته مع الغرب. الطريقة التي عبر فيها الحوثيون عن إفشال الهدنة حملت بصمته الخاصة، بصمة الضغط لتوسيع إرادته في خارج سياق الحل، بينما سلطة المجلس الرئاسي عليها أن تدرك أن كل الاتفاقات والمعاهدات التي التزمت بها انتهت، وعليها أن تكون أكثر قدرة في إدارة الفترة القادمة حرباً أو سلماً. كما أن الاستعراضات العسكرية الأخيرة للحوثيين وتهديده المتكرر باستهداف مناطق إنتاج وتصدير النفط هو مؤشر لم يدركه الكثير حول ظروف وخطة الحوثيين من عملية رفض خيار السلام. الحوثي دولة جباية، ووجوده قائم على الحرب، ومرواغته منذ البداية هو أن تكون كل الخيارات مفتوحة له لشرعنة وجوده بعيد عن الالتزامات أمام اليمنيين أو المجتمع الدولي. الحوثي لن ينتصر وستكون هزيمته كبيرة، في حال تم تشكيل مجلس حرب رئاسي وتعطى كل الصلاحيات وتسلم للرئيس رشاد العليمي، وتوضع كل القوات تحت إمرته، سواء تلك التي في الساحل الغربي أو القوات الجنوبية، أو القوات التي في جبهات مأرب، ولا بد على الرئيس من إعادة تشكيل جيش حقيقي موحد.  كذلك التحالف العربي في اليمن لا بد عليه الابتعاد عن رعاية مصالحه وتشكيل ودعم المليشيات، وما على رشاد العليمي غير إحداث تغيير في ألوية حزب الإصلاح والانتقالي الجنوبي وإعادة صياغة توجهها وعقيدتها، وعلى الإمارات أن تبتعد عن فكرة الانفصال، فالحرب على الحوثيين هي حرب ضد المنطقة والأمن العربي ككل. الحرب التي يريد الحوثي لي ذراع الجميع بها ربما ستخرجه من دائرة التأثير ستخرجه لأن وجوده هو ناتج عن ضغط دولي، لمنع تجاوز حدوده وواقعه. ولهذا فالحوثي تعرض للعديد من الهزائم وكاد أن يفقد الحديدة لولا التدخل الدولي. كما أن هزيمته في شبوة أربكته، مع أن المعركة كانت محدودة في مساحة معينة. ومع الانقسام الذي تعانيه المؤسسة العسكرية اليمنية في صف الشرعية، فإن الوقت قد حان لتحرير الجيش من هذا الانقسام من خلال تشكيله وفق المعايير المؤسسية، وسحب صلاحيات القيادات السياسية والخارجية والأيدلوجية، ووضع قيادات حقيقية وليست قيادات لا تفهم عن الحرب وإدارة الخطط. لا بد من التخلص من المتطفلين بإسم الجيش، وربما قد يصبح لزامًا على قوى الشرعية إذا فشل مجلس القيادة الرئاسي الحالي في قيادة معركة استعادة الشرعية، بأن يشكل مجلس عسكري وسياسي جديد تتفق كل الأطراف عليه واختيار شخصية عسكرية قادرة على لم شمل اليمنيين وفرض خيار المعركة الموحدة لتحرير اليمن وانتزاع اليمن من تحت مخالب الحوثيين. *رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الاستراتيجية. 3 أكتوبر 2022.