لماذا يحقد الحوثيون ذراع إيران على 26 سبتمبر؟!
يعمد الحوثيون إلى طمس مآثر ومنجزات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، إيمانا منهم بأن هذه الثورة تشكل لهم عقدة تاريخية واجتماعية لا يستطيعون تجاوزها.
فمن الناحية التاريخية، جاءت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر لتلغي إرثا متراكما من التجهيل والامتهان حاول الأئمة بكل السبل تكريسه في ذهنية الإنسان اليمني طيلة قرون، فإذا بالثورة تباغتهم وتعصف بكل ذلك الإرث البغيض وتلقي به في مزبلة التاريخ، وتصنع بدل عنه إرثا جمهوريا مشرقا، مبنيا على كل ما هو جميل وخلاق.
ومن الناحية الاجتماعية، صنعت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر فارقا جوهريا في العلاقات المجتمعية تم إلغاء الفوارق الطبقية وفتح الباب أمام الجميع مضمارا للتنافس الشريف للبناء المبني على العلم والتطور ومواكبة العصر، فكان التطور وكانت المنجزات وكان الرخاء، وخرج اليمن من سبات ما يقرب الألف عاما، عائدا إلى سجله الحضاري ومتخففا من حالة الفقر والجهل والمرض.
مليشيا الحوثي تحقد على ثورة 26 سبتمبر لأنها النقيض الحقيقي لمشروعها. فشتان ما بين المشروعين، بين مشروع بناء ومشروع هدم،و بين مشروع تعليم ومشروع تجهيل.
ولذا، فإن ثورة 26 سبتمبر تشكل لها عقدة كبيرة حاولت وتحاول بشتى السبل ضربها وتجاوزها، حتى في اختيار ذلك التوقيت لما سمته ثورتها، بحيث يصبح هناك ثورتا سبتمبريتان، ومع الوقت لا يعود ثمة من ذكر إلا لثورتهم، فلم يفلحوا.
ثورة 26 سبتمبر تفسد قلوبهم، لأنه بمجرد مرور سنتين من قيامها كانت المستشفيات وكانت المدارس وكانت الطرقات وكانت البنية التحتية، بينما همجيتهم عبارة عن فيد وجبايات لم تقدم شيئا للمجتمع. وما الذي يمكن لمثل تلك القوى الظلامية أن تقدمه سوى الهدم والخراب؟!
وبقدر ما تمثل ثورة ال26 من سبتمبر حصانة صلبة للنظام الجمهوري، فإنها في الوقت نفسه تمثل كابوسا موحشا بالنسبة لمليشيات الحوثيين ذراع ايران، التي ترى في تلك الثورة أكبر إدانة تاريخية لمشروعها الظلامي الذي ورثته عن أجدادها الأئمة السلاليين الكهنوتيين، وبالتالي فإنها تسعى إلى طمس كل ما له علاقة بثورة 26 سبتمبر واستبداله بنكبة21 سبتمبر (ذكرى إسقاط المليشيا للعاصمة صنعاء في العام 2014).
الكاتب الساخر والصحفي الشهير فكري قاسم قال إن الأفعال التي انتهجها الحوثيون في اليمن دفعت الناس للتمسك بقيم ثورة 26 سبتمبر، وأكد أنها أصبحت حاليا محل اهتمام كل اليمنيين بعد أن كان معظم الشعب لم يعد يعيرها أي اهتمام.
وقال فكري قاسم: "علينا أن نشكر الحوثيين بصراحة لأن فعائلهم صحت فينا الضمير الجمعي تجاه ثورة ٢٦ سبتمبر العظيمة وخلونا نشعر بالخوف من زوالها، وكنا قد نسيناها ونسينا رموزها الخالدين وانشغلنا بخبابير ورموز قريش وتهنا في الطريق القويم إلى الجمهورية الشعبية من دون أن نشعر، ونسينا أغانيها الوطنية الكثيرة بتواطؤ غريب ومريب احتجزها في الأرشيف وغيبها عن الأذهان وعن التداول لسنين طوال لأهداف خطيرة لم تكن في الحسبان".