طريق الأقروض من جرائم الحرب الأكثر بشاعة!

03:42 2022/09/18

قطعت مسافة الـ5 دقائق من الحوبان إلى المدينة بخمس ساعات. وبحسب عدد كبير من المسافرين، يحتاج المنكوب في أحايين كثيرة إلى وقت قد يصل إلى ثمان ساعات وأكثر، خاصة إذا وقع حادث أو تعطلت مركبة. لم أكن أتخيل الطريق بهذا السوء وبهذا الجحيم. كتبنا كثيرا عن طول المسافة، بيد أن خوض التجربة كشف لي تفاصيل في غاية البؤس والقرف. لقد أدركت وأنا أقطع المسافة في أحد الممرات الضيقة أن خصوم تعز يتكاثرون وأن حصارها ليس في تضييق الخناق على الناس وحسب، وإنما في تحويلهم إلى أدوات صراع.
 
 وعورة الطريق وزحلقتها 
 
تضطر الناقلات -الدينات والبوابير الكبيرة- في معظم الأوقات إلى التوقف لخطورة الموقف، وأما ضيق الشوارع في منطقة حلق الديك بالذات فأمر لا يصدقه عقل. بالكاد تمر سيارة واحدة في طريق طويل  وفي حال ظهرت أمامها سيارة أخرى يكون أمام أصحاب المركبات عدة خيارات؛ إما أن يعود أحدهم مسافة يصعب تخيلها أو يبتكرون حلا في ذات اللحظة ويقبلون أن يمروا مع حدوث التصاق يسبب أضرارا للسيارات أو أن تتوقف الحركة إلى أن يأتي الحل من أطراف أخرى، ناهيكم عن زحمة الشاحنات فيتكرر التصاق المركبات الكبيرة ببعضها إلى درجة أن فكها يحتاج إلى وقت طويل.
لا يمر أحد من هذه الطرق إلا ولعن كل من تسبب في هكذا جحيم لأكثر من أربعة ملايين تعزي، ثم حول المحافظة إلى مادة اعلامية يراد لها في الظاهر الخير وفي الباطن يحاك ضدها أقسى المؤامرات، بات من الواضح أن كل طرف يسعى إلى شيطنة الآخر من خلال تعز. وكأنه مكتوب على هذه المحافظة أن تصبح ورقة رهان طويلة الأمد دون النظر إلى حجم المعاناة التي يعيشها المواطن التعزي.
يكفي أن نقول باختصار إن ضحايا طريق الأقروض أبشع ممن يسقطون في الجبهات، يتشابه الوجع هنا وهناك مع فارق أن من يقطع المسافة بين تعز والحوبان بهذا النحو من الغثاء يشعر بحسرة كبيرة كلما تذكر أنه كان بإمكانه أن يصل في غضون دقائق.
ينبغي ألا يغلق ملف فتح الممرات الآمنة لأن ما يحدث في نقيل الأقروض وحلق الديك جرائم ترقى إلى جرائم الحرب، بل أكثر من ذلك.