عندما يراق الدم اليمني ليس من أجل اليمن.!

01:35 2022/09/10

الفوضى العارمة جائت إلى اليمن مع تدشين مشروع الفوضى الخلاقة في مطلع عام 2011 م ، كان هناك تفاؤل نسبي لدى المراقبين والمشاركين في منهاج التغيير الذي كان مخططًا له ،ومدعومًا من قبل الدول الاستعمارية ،وبدعم من الدول المواليه للغرب في منطقة الشرق الأوسط ، في الواقع اليمن كان هناك طريقًا وعرًا وشاقًا ، لم يكن في مخيلة أو حسبان أحد اننا قد نصل الى هذه المرحلة الخطيرة من انسداد الأفق، وضياع لكيان الدولة وتفكك المجتمع وتهشم النسيج الاجتماعي اليمني، و خصوصًا دور القبيله اليمنية ذلك العنصر المؤثر في صنع القرار السيادي والسياسي لليمن.
 
قادت الفوضى  اليمن الي مرحلة من احدى اخطر الحروب المدمرة في تاريخها المعاصر ، وبدأ تنفيذ هذا المخطط العميق ابتداءً من عام 2011، ونفذه البعض مخطط افقد اليمن وضعها السياسي كان ماجرى على حساب الوطن وضد مصلحة الشعب ومع كل هذه الظروف السيئة،لا يستطيع  أحد التنبؤ بنهايتها ، لكن من المعروف ان هذا الصراع قد شمل كل الكيانات السياسية والاجتماعية والقبليه ، وتولد  الكره والحقد بين اليمنيين الذين وصفهم الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بأهل الحكمه وأرق افئده ، حتى بدأ أن هذا الصراع أوقع اليمنيين في مأزق، أنهم جمعيا لايرغبون ببعضهم بينما سمحوا لبعض الدول بالتحكم بهم، واذلالهم وتجويعهم وتدمير مستقبلهم. 
 
الامريكيين والأوروبيون سعوا إلى تجنيد ودعم كل الطاقات والإمكانيات للفوضى عبر عملائهم، ودمروا مقدرات وتاريخ وحضارة الأمة العربية وإستغلال قوى الإسلام السياسي بشقيه "السني" و"الشيعي" لتنفيذ هذه الاجنده الشريرة، و لا يزال مسلسل القتل بين اليمنيين دون سواهم ، وقد أصبحت القسوة والغلظة على بعضهم البعض بقدر الشحن الديني والطائفي ، و بقدر ما رصد من مال عربي سخي ، ولكن كان كل ثمن ذلك دماء يمنية صرفه و بلا خوف ، فكل طرف من القاتل والمقتول في الواقع والصراع اليمني ، يعتقدان انهما سيذهبان للجنه ، ومع كل ذلك لايزال هناك من ينفخ في الحض على كير الكراهية والفجور بين اليمنين. 
 
المؤسف حقًا الحال الذي وصل اليه العرب اليوم بشكل عام واليمن بشكل خاص ، وعندما اصبحت الحرب عربيه عربية و يمنية يمنية ، و أخذت هذه الحروب تتأجج بين ابناء الوطن والمصير المشترك، و ليست ضد أعداء الأمة الغاصبين للأراضي العربيه والمقدسات الدينية في فلسطين  ، حتى نسي العرب أو تناسوا عمداً ان هناك دولة عربية محتلة ،يتعرض شعبها لأبشع الاضطهادات والقتل والظلم على ارض عربية  تسمى"فلسطين" تحوي مقدسات المسلمين وأنّ هناك شعباً عربياً مظلوم، ويتعرض للاضطهاد والتهجير والقتل ليرغم على السكوت والقبول بالعبودية ، وهذا ما قد بدا يلوح في الافق ويهدد استقرار الوطن ،ويزيد من فرص إزدياد دورات العنف الخطيرة على اليمن أرضًا وإنسانا". 
 
ابتعد اليمنيون عن المبادئ والقيم الإنسانية وعن منهاج الشريعة الإسلامية السوي ، الذي أتى بها القرآن الكريم، وسنة رسوله الكريم فهذا القرآن ، كتاب رباني صالح لكل الازمان والأوقات ، ولكن ما يؤلمنا اليوم حيث ما يحدث يعد مخالفًا بشرع الله، فكيف لإنسان يمني من أن يزعم أنه مسلم، وهو يستبيح دماء اخوانه المسلمين دون وجه حق ، ترى هل ما يدور علي اليمنيون في بلادهم من ظلم قد فاق التوقعات والحدود هناك أحتمال اكثر !
أنه عقاب ألهي من الله على الظالمون ثم يدمرهم بعد ذلك أجمعين، وإلا كيف سمحت بعض القوى لنفسها على مهاجمة وهدم كيان الدوله وقياداتها ، ام أنها سعت لتدمير السلطة، وأكثر مافي هذه الحروب دموية أنها تخاض بالسر وتحت مُسميات مختلفة مثل بروز حركات التطرف المذهبي والديني لتنشط اكثر ، وهناك غزو مُباشر ومعلن من الخارج ، كالذي يقع على اليمن وحجته عكس الحروب السابقة، فهناك مبررات أتت لتدمير اليمن واضعاف توجهاته وانهاك شعبه بصراع لانهاية له، إذن ليس بوسعنا كمسلمين نخاف الله، إلا أن نستنكر هذه الأفعال المخالفة للدين، وقيم وعهود القبيلة اليمنية ومبادئها الأصيلة الضاربة في القدم ،لأنّها وبكل المقاييس تمثل عدوانا سافرا ومفضوحا، ومن المحزن جداً، أن نرى اليمن بتاريخه وحضارته تدفع قيمة هذا اللي يحصل لها اليوم من تآمر وأهوال من سياسات الفوضى .
 
اليمن ستظل تسير إلى ماهو أخطر والاسباب واضحة ،وتتمثل بظروف تغيب خيارات السلام ،وهذا يرتبط بقوى أتت إلى السلطة بطرق العنف ولذلك تدرك أن الثمن ما سينهي وجودها أن ترضخ للسلام ،
ستظل الحرب تبحر باليمنيين من عمق إلى أخر ومن سىئ إلى اسوأ ،حتى يكون الحل يمنيا بعيدًا عن واقع البطش الخارجي وتدخلاته وانهاكه لوضع اليمنيين لمجرد استنزافهم .
 
إنَّ هذه الدماء اليمنية الزكية التي تراق من اجل هذه الحرب الظالمة، ليس لها إلا نتيجة واحدة، ألا وهي التدمير المادي والنفسي، الذي لا يمكن جبره واصلاحه ، وإن الأفعال التي تجاوزت أدبيات وقيم القتال في الجبهات، نحن نعتقد ان الاجيال اليمنية ستظل تحمل الحقد والضغائن على فيما بينها من تأثير هذه الحرب القذرة التي تم اقحام اليمنيين فيها على مدى عقود قادمة.
 
وبما ان اليمني الغيور على أهله ووطنه لن يستمع لآحد و هو من سيُقرر القرار المناسب الذي يشفي اوجاع ومعاناة الناس من هذه الفتنه التي لا تزال تظل بظلالها على الجمهورية اليمنية، واليمني العربي لا يقبل الضيم، وهو المُقاتل العنيد الذي تهون عنده الدنيا وان لا يستسلم ويبيع وطنه وشرفه كما يتصور البعض من ضعفاء النفوس.
 
*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.