الكشف عن مؤامرة إيرانية – إخوانية في مياه البحر الأحمر
كشف السياسي الأمريكي البارز والأمين العام للمجموعة الأطلسية النيابية، وليد فارس، عن معلومات تفيد بوجود مؤامرة تهدد الملاحة في مياه البحر الأحمر والخليج العربي، تتمثل بالتحالف الجاري بين تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي وإيران عبر وكلائها في المنطقة.
وتشكل المياه الدولية للبحر الأحمر، واحدة من أكثر وأهم المساحات المائية بالنسبة للعالم، منذ قرون، نتيجة أهمية البحر الأحمر الاستراتيجية وموقعه الهام في منطقة حيوية، لذا هو في مواجهة خطرين يهددان مياه الخليج واستقرار المنطقة يتمثلان في "المتطرفون الإسلاميون"، وإيران.
ويقول وليد فارس، كبير الباحثين في "هيئة الدفاع عن الديمقراطيات" بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستشار الكونجرس في الإرهاب، إن الحروب في منطقة البحر الأحمر خلال القرن العشرين، استمرت حتى عهدنا الحالي، وهذه البقعة وصلت الآن إلى المرحلة القصوى في تاريخها، وهي إما أن تصل إلى السلام والاستقرار والازدهار، وإما إلى حقبة حروب ومواجهات تستمر لسنوات. وهناك قوتان ستدفعان بمنطقة البحر الأحمر إلى واقع أو آخر.
ويرى فارس ان تهديد "القوى المتطرفة" (الإخوان) لأمن واستقرار منطقة البحر الأحمر استراتيجياً، بدأت منذ انتهاء الحرب الباردة؛ حيث سعت تلك القوى إلى إقامة شبه "خلافة" على شطرَي البحر، عبر إسقاط الأنظمة في القاهرة والرياض وصنعاء، والاستفادة من نظام البشير في الخرطوم لبناء قواعد إقليمية لهذا المشروع.
ويضيف: "كما هو معروف، كانت النواة لهذا المشروع المقاتلين العائدين من (جهاد أفغانستان)، وبدأوا حربهم على دول الاعتدال في المنطقة، فاجتمعوا تحت مظلة حسن الترابي في الخرطوم في عام 1992، وأطلقوا حملتهم لإسقاط الحكومات المعتدلة وضرب الولايات المتحدة. وكان هدفهم الاستراتيجي أساساً وأولاً إسقاط مصر، وعندما تسنح الظروف، السيطرة على السعودية، وإقامة (خلافة) عبر البحر الأحمر، والإمساك بمدخلَي البحر الأحمر".
وحاولت تلك القوى، انطلاقاً من سيطرة "الإخوان" على مصر، في ظل رئاسة محمد مرسي، جعل هذا البحر أكبر قاعدة لجيوش، بإمكانهم السيطرة عليها إبّان ما عُرف بـ "الربيع العربي"، ولكن ثورة مصر الشعبية أسقطت المشروع المتطرف في أرض النيل في عام 2013. وأتت إصلاحات السعودية لتنهي هذا الخطر في تلك الدولة منذ عام 2014. وغيّرت ثورة السودان اتجاه الدولة في الخرطوم في عام 2019. فنجحت دول البحر الأحمر الكبرى، مصر والسعودية والسودان، في إنهاء المشروع الإرهابي الذي كاد أن يسلم الساحلَين إلى التطرف والحروب الدائمة.
ووفقا للخبير الامريكي، فإنه يبقى لدى "القاعدة" وبعض المليشيات المتطرفة جيوب في اليمن، وبعض الخلايا النائمة في إريتريا ومنطقة القرن الأفريقي، لكن التهديد المتطرف الاستراتيجي تمت إزالة معظمه من "البحيرة الحمراء".
وحول الخطر الإيراني، يقول فارس: "إذا كانت موجة التطرف قد أُزيحت استراتيجياً عن منطقة البحر الأحمر حالياً، بفضل التحالف المصري – السعودي وشركائه، فإن التحدي الإيراني لمنطقة البحر الأحمر توسع وتعمق منذ عام 2009 تقريباً".
إيران لها مطامع إقليمية عقائدية غير خفية، بالإضافة إلى تمددها في الهلال الخصيب من العراق إلى لبنان، ولنظامها مطامع تاريخية في الجزيرة العربية، تتجسد في النهاية بالسيطرة على مناطق في شرق وجنوب السعودية، للوصول إلى أقدس مقدسات المسلمين، مكة والمدينة، أو وضعها تحت "التأثير الخميني".
لذلك، فإن الوصول إلى البحر الأحمر يخدم هكذا استراتيجية لتطويق المملكة. فضلا عن البحرية الإيرانية، التي تنظر إلى نفسها كأداة دولية للنظام، تحتاج للمرور الدائم عبر قناة السويس للوصول إلى الساحل السوري، وربما اللبناني، عبر المتوسط.
مؤامرة إقامة "جمهورية خمينية" على حدود الحجاز
وأضاف وليد فارس، الخبير الأمريكي والأستاذ في جامعة الدفاع الوطنية: "من هذا المنطلق، دعم النظام الإيراني مليشيات الحوثي منذ انطلاقتها العسكرية حوالى عام 2010 من صعدة، شمال اليمن. ودخلت طهران حرب اليمن بهدف إقامة جمهورية خمينية على حدود الحجاز وعلى مسافة جغرافية خطرة من مكة والمدينة، القلب الروحي للعالم الإسلامي. لكن البعد الجيوسياسي الأعمق لحرب إيران في اليمن كان ولا يزال السيطرة على مئات الكيلومترات من الساحل اليمني على البحر الأحمر، وصولاً إلى مضيق باب المندب".
أهداف إيران في البحر الأحمر
وما يبغيه مخططو الحرب الإيرانية في اليمن، هو السيطرة الاستراتيجية على جنوب البحر الأحمر، عبر مرافئ وقواعد حوثية على الساحل، ومحاولة احتلال جزر المضيق الجنوبي. وصولاً إلى الهدف العسكري الأكبر، وهو زرع منصات الصواريخ الباليستية الإيرانية، لتهديد الداخل السعودي وحتى استهداف الخليج «من الوراء»؛ أي من اليمن. ومن بين الأهداف أيضاً، نصب بطاريات صواريخ بعيدة المدى، من صنع روسي وصيني «لإغلاق المجال الجوي» فوق البحر الأحمر وجزر باب المندب، ضد التدخلات الجوية الأمريكية والأطلسية. ومن هنا يُفهم تعنت الحوثيين بالبقاء في مرفأ الحديدة.
حرب السيطرة على البحر الأحمر
إن خطة إيران الاستراتيجية حيال البحر الأحمر هي بالطبع إقامة نظام على شاكلة «حزب الله» يسيطر على الساحل اليمني، لكن الأهداف الاستراتيجية أبعد من ذلك. فطهران تبغي مد نفوذها باتجاه الجانب الأفريقي للبحر، عبر محاولات للتواجد الأمني والاستخباراتي في إريتريا، وجيبوتي، وأرض الصومال، لاسيما من خلال مشاريع تجارية يمولها الاتفاق النووي إذا عادت أمريكا إليه. وتعتمد طهران أيضاً على حلفائها الروس الذين يحاولون الحصول على قاعدة على ساحل السودان، قد تستعملها إيران، وعلى تمويل صيني محتمَل.
ويتابع: "إن إيران تريد منطقة نفوذ في البحر الأحمر الجنوبي للسيطرة على الملاحة عبر باب المندب، والمقايضة مع حرية ملاحتها عبر قناة السويس. ففي منطق القيادة الإيرانية، حرب اليمن هي جزء من حرب السيطرة على البحر الأحمر".
تحالف البحر الأحمر
وتابع الخبير الأمريكي، في مقال نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية: "تقود المملكة العربية السعودية جهود المواجهة للمخطط الإيراني بمساعدة شركائها الإقليميين.. وفي اليمن، تعتمد الرياض على الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وعلى القوات الميدانية للمجلس الجنوبي، وتدعم الإمارات والبحرين، التحرك السعودي المناهض لإيران".
ويقف التحالف العربي إلى جانب الرياض، بما فيه الأردن، الذي له مرفأ العقبة على البحر الأحمر. كما تتضامن مصر، التي لها سواحل طويلة في سيناء وأفريقيا، مع التحالف. وصرحت القاهرة أكثر من مرة أنها تعترف بالحكومة الشرعية اليمنية، وأنها لن تقبل بتحويل هذا البحر والممرات المائية إلى بحيرة عسكرية للمحور.
موقف واشنطن من مطامع طهران
ويأتي التحرك الأخير، عندما نقلت مصر ملكية جزرها في تيران إلى المملكة، ووافقت إسرائيل على تعديل تمركز قواتها لصالح السعوديين، ليعزز الجدار الشمالي للبحر في وجه الإيرانيين. إذ إن القطع البحرية الإيرانية ستواجه تحالفاً للقوات البحرية السعودية، والمصرية والأردنية، ومن ناحية أخرى الوحدات البحرية الإسرائيلية، إذا غامرت شمالاً في البحر الاحمر، ولن تنجو في أي مواجهة. إلا أن السؤال الأكبر يبقى حول موقف الولايات المتحدة من المناورات الإيرانية في منطقة البحر الاحمر. إدارة جو بايدن لن تكون البادئة في مواجهة بحرية مع إيران في المياه الدولية، لكن القوات الأمريكية تنسق مع القوات السعودية والمصرية والإسرائيلية، وتتبادل المعلومات معها.
في حال حدوث مواجهة بين إيران والعرب أو إسرائيل في تلك المنطقة، سيدرس البيت الأبيض الوضع ويتخذ القرارات المناسبة. إذ إن الاتفاق النووي لا يزال هدفاً للإدارة حتى اليوم. فإما أن تزود واشنطن حلفاءها لوجستياً ومعلوماتياً، أو أنها تدعهم يردون على الإيرانيين في حال المواجهة. والاستثناء الوحيد هو في حال اعتداء إيران على قطع أو سفن أمريكية، أو على الملاحة الدولية.
ويختم الخبير الأمريكي قائلا: "لا يزال جنوب البحر الأحمر منطقة غير مستقرة مادام الحوثيون يسيطرون على سواحل يمنية".