Image

تماهي الأمم المتحدة مع الحوثي يحيل الهدنة إلى مكسب صافٍ للارهابيين

كسابقيه من المبعوثين الأمميين إلى اليمن، يتماهى المبعوث السويدي هانس غروندبرغ، مع مسرحيات مليشيا الحوثي بشأن الهدنة ورفض رفع الحصار على مدينة تعز الذي تفرضه المليشيا منذ سبع سنوات.
الخميس الماضي، غادر المبعوث هانس، خلسة، العاصمة صنعاء بعد زيارة استمرت لنحو 24 ساعة. غادرها خالي الوفاض، حيث لم يكن ثمة جدوى من الزيارة ولا من لقائه مع قيادات مليشيا الحوثي، بشأن مناقشة مقترحه المتعلق بفتح الطرق المغلقة في مدينة تعز المحاصرة.
وعلى غير عادته، لم يصدر عن المبعوث الأممي أي تصريح صحفي يذكر فيه نتائج زيارته إلى صنعاء ولقائه مع القيادي الحوثي مهدي المشاط، رئيس ما يسمى المجلس السياسي التابع للانقلابين الحوثيين، وهو الأمر الذي يعكس حالة الإحباط الأممية من جدوى المشاورات مع المليشيا.
لكن وبالرغم من حالة الإحباط التي منيت بها الزيارة الأخيرة للمبعوث الأممي، مازالت الأمم المتحدة تصر على عدم وضع النقاط على الحروف، فتخرج للعالم والمجتمع الدولي بإدانة واضحة لمليشيا الحوثي وتحميلها مسؤولية عرقلة جهود السلام؛ بل نجدها تدلل المليشيا إلى أبعد حد، بحيث أصبح مبعوثها بمثابة سمسار يلبي كل مطالب الحوثيين ولا يفرض عليهم تنفيذ أي التزامات. 
هذا التعامل المريب والغريب للمبعوثين الأمميين مع الملف اليمني يضع علامات استفهام بدأت بجمال بن عمر ولن تنتهي بغروندبرغ، الذي عاد بخفي حنين من زيارته إلى صنعاء ولقائه بقيادات مليشيا الحوثي بخصوص مقترحه "المنقح"، حيث كان المبعوث هانس قدم مؤخرا "مقترحا منقحا" بشأن فتح الطرق في تعز بموجب اتفاق الهدنة المعلنة التي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل الماضي، قبل أن يتم تمديدها لشهرين إضافيين حتى أغسطس المقبل.
المقترح الذي قدمه هانس، بعد تعثر جولتين من المفاوضات بين الوفدين الحكومي ومليشيا الحوثي في العاصمة الأردنية عمّان، يتضمن فتحا تدريجيا لخمس طرقات في مدينة تعز ومحافظات أخرى، تشمل طريقا رئيسا إلى المدينة التي يفرض عليها الحوثيون حصارا مطبقا منذ ثماني سنوات.
هذا المقترح قوبل بالرفض من قبل قيادة مليشيا الحوثي في صنعاء، والتي حاولت المناورة بتقديم مبادرة مفخخة من خلال شرق طرق فرعية جديدة باتجاه مدينة تعز تمهد للمليشيا الانقضاض على المدينة من خلال عملية عسكرية كبيرة ومفاجأة.
وأقصى ما استطاع المبعوث الأممي فعله خلال زيارته لصنعاء هو الإشادة بتمديد الهدنة لشهرين إضافيين، بما يوحي وكأنها إشادة بالحوثيين وبقبولهم تمديد، وكأن ذلك التمديد هو ما استطاع الظفر به منهم، مع أنه يدرك تماما بأن الهدنة هي مطلب حوثي قبل أن يكون مطلبا للحكومة الشرعية، فالجميع يدرك بأن الهدنة في النهاية تصب لصالح المليشيا. 
ومع ذلك، تستمر المسرحية بين الأمم المتحدة بمبعوثها وبين مليشيا الحوثي، لجعل الهدنة مكسبا حوثيا بامتياز. فهي أولا جاءت لتخفيف الضغط عن المليشيا في جبهات القتال، حيث إنها تنفست الصعداء بعد أن كانت قد تلقت ضربات موجعة من قبل القوات الحكومية والتحالف. وثانيا جاءت لتركها تسرح وتمرح مع فتح مطار صنعاء ودخول السفن إلى ميناء الحديدة، وثالثا أن الهدنة أعطتها نوعا من الشرعية والاعتراف الأممي والدولي، ورابعا لأن تلك الجماعة تدرك أن كونها مليشيا خارجة عن القانون يجعلها في حل من أي اتفاق أو التزام، وبالتالي لن يستطيع المبعوث الأممي ولا غيره إلزامها بتنفيذ النقاط التي وردت في الهدنة أو بتنفيذ أي اتفاق آخر.