اليمن وإدارة الدولة بمنهج الأزمة

01:12 2022/06/11

تكاد اليمن تتميز منذ عقود بمنهج الإدارة بالأزمة؛ ففي كل أزمة نمر بها نصاب بحالة من التنظير والإسهاب السردي والتوصيف السطحي لها، دون رؤية وقدرة على اتخاذ التوجهات والقرارات السليمة. 
سلسلة من الأزمات: أزمة نظام الحكم، وأزمة الوحدة والانفصال، وأزمات اقتصادية، وأزمة التفتيت الوجداني للذات اليمنية وزراعة الكراهية والتشظي الوطني، نتيجة غياب العقل الاستراتيجي للدولة الذي له علاقة مباشرة بضعف الرؤية الوطنية الجامعة، وغياب المصالح الوطنية العليا التي تعبر عن الدولة والشعب اليمني ككل؛ ما أدى رغم كثافة الفعل السياسي إلى ارتباك وانقسام الساحة الوطنية، وحدوث التصدعات في النسيج الوطني، فوجدنا أنفسنا في موطن تلبية مصالح الآخرين على حساب مصالحنا، دون مسار وطني محدد، ودون إرادة حقيقية تحقق مصالحنا الوطنية المتفق عليها.
الوضع الكارثي الذي وصل إليه اليمن ، هو محصلة إضعاف وتعطيل المنظومة  التي تتم فيها عمليات التفكير والتخطيط الاستراتيجي للدولة؛ أي العقل الاستراتيجي لها الذي يحلل الأزمات وفق أسبابها، واضعا لها الحلول الناجعة مخططا للمستقبل، ضابطا مسار الدولة نحو الغايات الوطنية، ويمثل غيابه بقاءنا متناحرين منقسمين ندور في حلقة مفرغة، دون رؤية وطنية واضحة ومحددة المعالم، ومحصلة إضعاف وتعطيل المنظومة المسؤولة عن عمليات الهندسة الإنسانية لليمنيين؛ أي عمليات تشكيل البنية المعرفية والثقافية لليمنيين، وهندسة بناهم الاجتماعية وبنائهم النفسي  ويمثل الفشل في مجال البناء الوجداني والتشكيل المعرفي والثقافي للإنسان اليمني فشلا في تأهيل المورد البشري القادر على تحقيق النهضة، وإخلالا بمفاهيمنا وفلسفتنا للحياة، المستندة لمبادئنا وقيمنا الحضارية المتجذرة في عمق التاريخ.
حان الوقت للنظر بعمق ومسؤولية لمشاكلنا في إطار وطني، ولإدارة الدولة وفق رؤية عصرية تتجاوز العصبيات الحزبية والمناطقية والمذهبية، بالاعتماد على منظومة القيم الوطنية والثورية التي سكب اليمنيون من أجلها أنهارا من الدماء شمالا وجنوبا؛ للتحرر من الاستعمار والاستبداد، وعلى صلابة الهوية اليمنية السليمة، واحترام القانون والنظام والبناء المؤسسي للحكم الرشيد.
 
*كاتب صحفي ومحلل سياسي يمني