Image

"عبور المضيق" ـ حكاية مهاجرين عبرا المانش إلى بريطانيا

 عبر جهاد وزبير بحر المانش وصولا إلى المملكة المتحدة. كان عبورهما خطرا وأوشكا على الغرق. لم يخبرهما أحد قبلا بأن العبور سيكون بهذه الصعوبة والخطورة. التقى فريق مهاجر نيوز بهما بالقرب من مسكنهما الحالي ”ثكنات نابير“.

لم تسجّل الأيام الأخيرة عبور مهاجرين لبحر المانش وصولا إلى المملكة المتحدة. إذ لا يسمح المناخ العاصف والأمواج العالية بذلك. يغلّف البرد أجواء منطقة فولكستون التابعة لكينت (شمال شرق إنكلترا)، لاسيما خارج ثكنات نابير العسكرية ”سابقا" والتي باتت منذ العام الماضي مركز إيواء لطالبي اللجوء في المملكة المتحدة.

خرج جهاد وزبير من بوابة المركز ”بوابة 14“ للقائنا. كنا بانتظارهما في موقف سيارات بجانب الثكنات، التي يحيط بها سياج معدني ملفوف بأقمشة زرقاء. جلسنا على رصيف الموقف معا، فالمنطقة شبه مقفرة، ولا يسمح للصحفيين بالدخول والحديث مع طالبي اللجوء في الداخل.

الحكاية الأولى، جهاد (27 عاما) عراقي كردي.

عبرت من دنكيرك إلى المملكة المتحدة. لم أعرف وقتها أن مكان انطلاقي هو دنكيرك. وصلت إلى هناك على متن شاحنة كانت انطلقت من ألمانيا. أخبرني المهرب أنني سأذهب إلى  المملكة المتحدةعلى نحو آمن. لكن بعد وصولي إلى ساحل دنكيرك أجبرني على الصعود في القارب. رفصت، فهددني بمسدس واضطررت إلى الصعود. انطلقنا في الساعة السابعة صباحا، كنا نحو 59 شخصا بيننا أربعة أطفال وامرأتين. كان السماء غائمة والجو باردا. أعتقد أنها كانت تمطر. لم يكن معي سوى معطف وهاتف.

لم أكن أعرف السباحة. حاولت ومن معي إخراج الماء من القارب. استخدمت سترتي لذلك واضطرت إلى رميها.

بعد عشر دقائق على انطلاقنا، بدأ الماء يتسلل إلى القارب. خفنا، وطلب معظم المهاجرين من السائق إعادتهم. لم يفعل، كان صديقا للمهرب. حينها، قفز أكثر من 40 شخصا في الماء وعادوا سباحة إلى الشاطئ. أما أنا، فبقيت في القارب بصحبة 10 مهاجرين، خائفا. لم أكن أعرف السباحة. حاولت ومن معي إخراج الماء من القارب. استخدمت سترتي لذلك واضطرت إلى رميها. طلبت من السائق أن يعيدنا لكنه لم يفعل.

لم يتبق ماء في القارب، لكنني مع ذلك أردت العودة. حاولت الاتصال بخفر السواحل الفرنسي والبريطاني، طوال الوقت. لم يهتم الفرنسيون، واظبو على القول إنك في القناة الإنكليزية ولا يمكننا فعل شيء. في حين طلب مني السائق ألا أتصل بأحد، قال”سنصل لوحدنا".

لا يعرف الناس أن هناك سفن كبيرة وزوارق أخرى في القناة، يظنون أن هناك شرطة فرنسية وبريطانية فقط.

علا الموج كثيرا وشعرت ببرد شديد. كان السائق يتبّع حيلا للوصول السريع غير آبه لشيء. يتابع الخريطة على هاتفه، بينما أحاول الاتصال لطلبا المساعدة. رأينا سفنا كبيرة جدا. كنت خائفا.

كانت الساعة 11 عندما رأينا منحدرات دوفر البيضاء، وفي السماء طائرة مروحية تتجه صوبنا. بعدها، قدم قارب خفر السواحل لإنقاذنا.

لا يعرف الناس أن هناك سفن كبيرة وزوارق أخرى في القناة، يظنون أن هناك شرطة فرنسية وبريطانية فقط.

ما إن انتهى جهاد من حكايته، حتى بدأ يترجم لنا حكاية عبور صديقه زُبير الذي جلس إلى جانبه مرتديا الثياب نفسها التي عبر بها بحر المانش، على متن قارب مشابه لقارب جهاد.

الحكاية الثانية، زبير (24 عاما) إيراني كردي.

قضيت ليل 7 كانون الثاني/ أكتوبر على ساحل دنكيرك، مختبئا بين الأشجار. كان طلب منا المهرب ذلك.. لم يكن الصبح قد حل، عندما طلب منا المهرب الصعود إلى القارب. كانت الساعة نحو الخامسة صباحا، الجو بارد والأمواج عالية جدا.

قلت في نفسي، ربما يكون هذا يومي الأخير.

وقفت ومجموعة غيري رافضين الصعود. هددنا المهرب قائلا سأقتلكم إذا لم تصعدو. ساعدني شخص في القارب على الصعود. فكرت قبل أن أصعد في أمي، إنها تعيش في إيران في قرية بيران شاهر. لم أرها منذ بداية رحلتي في 19 آب/أغسطس 2021، قلت في نفسي، ربما يكون هذا يومي الأخير.