الحديدة: دموع الطبَّاخين من بصل!

09:20 2019/12/29

 
 عوداً على بدء، أهلُ السفينة الأمميَّة في الحديدة فضُّوا سابع اجتماع ناقش مقترحات كانت حُسِمت في أول اجتماع، على صِلة بأول خطوة على الإطلاق "فتح المعابر". 
 
 ردموا عاماً من الكذب والخديعة والخيانة الجامعة. واستهلُّوا ثانياً، من بوابة العودة إلى البند الأول والنقطة الأولى والخطوة الأولى المتعثِّرة منذ باتريك كاميرت.
 
 كشفتْ مسؤولة الاتصال بالبعثة، أنَّ أهل "أونمها" يعيشون احتجازاً فعلياً في السّفينة العائمة قُبالة الحديدة. وعرضت نماذجَ مِن مُصادَرة وضبط الحوثيين أجهزة حواسيب واتصالات وهواتف المراقبين والإطلاع على المراسَلات السِّرية وبيانات البعثة. 
 
 وفي ضوء هذا قرَّروا طردها واثنين من زملائها، لأنهم كانوا الأكثر تمسُّكاً بتوثيق وإرسال الخروقات وانتهاكات وقف إطلاق النار.
 
 قبل عام بالتّمام، راهنا هنا: على أننا سنلتقي بعد عام، لنتحدث كيف أنَّ الهوان المتستّر بأوهام ومزاعم الحرص على السّلام، قد مكَّن لوكلاء إيران أكثر، وقوَّض جدية ومصداقية الشرعية والتحالف أكثر وأكبر.
 
 لا يبدو أنَّ النتائج أقل من هذا. بل هي أسوأ بكثير.
 
 وقلنا إنّ الله خلق العقل ليميز بين: الأبيض والأسود، السّلام والحوثي، الصدق وغريفيث.
 
 بعد عام أو عشرة أو قرن، لن يتغير هذا القانون. وأولئك الذين يهرطقون عن وحدة الصف، لن يغيروا النغمة؛ فيتحدثون، ولو كذباً، عن: وحدة تبدأ باستعادة الحديدة والحوبان، ولا تنتهي دون عاصمة الصف الجمهوري الواحد الموحَّد. لا وحدة صف تبدأ وتنتهي في تويتر وفيسبوك، وكشوف الصَّرف. وحدة صرف هذه، لا وحدة صف.
 
 وما لم يتخلَّ المعنيون، غير المعنيين فيما يتضح تباعاً، عن نظرية: "تقديم الخدمات للحوثيين، على سبيل استعادة الشرعية"، فلن تُنجز معركة بهكذا خُطة وخطيئة معمَّدة بالإصرار والعمد.
 
 الذين باعوا الحديدة في ستوكهولم، يمارسون حياتهم ومصالحهم بأريحية. وانصرف كلٌ في سبيل كرشه وفرشه. ولا لعنة يمتلكها هذا الشعب، (في لحظات، مستثناة من صيرورة "إذا الشعب يوماً"، وممتدة أكثر مما ينبغي)، فيصبّها عليهم. وبدلاً من هذا، يتجرَّع تبعات وويلات لعناتهم.
 
 كان ناقص اليماني يخرج يذكِّرنا، وكأنه يسخر منا أكثر، بأنَّ اتفاق الحديدة قد فشل خلال عام كامل، و لم ينفَّذ. وقال أيضاً "للأسف". وانتهى الطبّاخ من فرك البصل!
 
 هكذا، للأسف. وكان قبل عام وخلال عام يلوك عبارة جوفاء ويبصقها في وجوهنا بخِفّة متناهية: "لا نرى الفشل خياراً". ولقَّنها الرئيس، الذي ردَّدها غير مرة ومناسبة إحداها القمة العربية. ثم أمضى استقالته وذهب يتشمس ويرفه على كرشه بالمياه الدفيئة.
 
 لكنه ليس الوحيد، هناك عصابة كبيرة جداً من الطباخين، قدموها طبقاً على مائدة الحوثي، وبقوا يسخرون منا بالتأسف ويذرفون دموعاً من بصل.
 
 اجتماع المياه المفتوحة قبالة الحديدة، للجنة إعادة الانتشار، المنعقد يومي 18- 19 الجاري، (عام مضى، والنجاح العظيم الذي يراكمه غريفيث إحاطات شهرية لمجلس الأمن، لا يفلح في إيجاد موطئ اجتماع بمدينة الحديدة)، ناقش، مقترحات ثالث رؤساء البعثة واللجنة والمراقبين، وتتضمَّن: إنشاء مركز قيادة، تشكيل فرق تنسيق، بصدد تداول في "إعادة الانتشار". وخارطة طريق لفتح الممرات.  
 
 أول إشكالية على الإطلاق شَكَا منها واعترض باتريك كاميرت، في مطلع العام، كانت خطوة بناء الثقة الأولية والبسيطة والمتواضعة جداً: فتح الممرات. وفتح خط صنعاء لمرور الإغاثات الإنسانية.
 
 ولأن الجميع، كما لو أنهم في خدمة الحوثيين، تواطأوا، علانية لا سرّاً، ضد مطلب وبند الخطوة الأولى، وناصروهم على حساب كاميرت الذي تعرَّض لإطلاق النار والإهانات والتهديدات وأخرجت مظاهرات مسلحة في وجهه بالحديدة.
 
 ثمّ.. ليتضامن غريفيث والشرعية والتحالف والرعاة ومجلس الأمن مع الحوثيين، الذين عطّلوا الاجتماعات واللقاءات لأكثر من شهرين، فصرف الجنرال الهولندي مرضاة لجن إيران.
 
 ذَنْب باتريك الذي لم يُغتفر، أنه تمسَّك بخطوات مزمَّنة وتنفيذ مشترك لبنود الاتفاق. بدايةً من فتح المعابر وليس انتهاءً بإنهاء مسرحية الانسحاب الأحادي، الذي أجازه لهم خلفه لوليسغارد، وباركه غريفيث، وصفَّق له من تويتر السفير البريطاني، أم نقول المندوب السامي؟!
 
 وتبعاً لخدمات الجميع الجزيلة، ها نحن، في اجتماع مفتتح العام الثاني من ستوكهولم، نشهد أكبر عملية سخرية واستهزاء بالعقل وبالعقلاء، بمشاركة ومباركة الجميع، الجميع بلا استثناء، بصدد حديث أمميّ حول استحلاب البحر الأحمر خارطة طريق مستقبلية تفصل القول في فتح المعابر. في الخطوة الأولى!!
 
 لا بأس، نحن سيئون، كالعادة. سيقول غريفيث لمجلس الأمن مجدَّداً، النجاح العظيم تراكم، صار أعظم. 
 
 وسيجدِّد أهل الشرعية والتحالف القول الأثير، والمأثور، ندعم جهود المبعوث، وفقاً للمرحعيات الثلاث. 
 
 وسيقول الحوثيون: الله في صفنا دون توقف. 
 
 وسيؤذن، المؤذنون في مالطا، حول: وحدة الصّف، وتحرير المخا وذو باب!
 
 ما لم يقرِّر ولاة الشّرعية، وولاتهم، استعادة شرف المسئولية وإنهاء عمل صفقة العار وصفعة الشنار. وما لم تستغنِ قوات التّحرير عن مهمة حصر الخروقات وتستأنف مهمتها؛ لنضرب موعداً بيننا، هنا، بعد عام، لنتحدث، عندها، حول أشياء كثيرة ومهمة: خُطة فتح المعابر، مثلاً..