أبطال المعارك الجانبية
إن كان الرئيس عبدربه منصور هادي، ومن معه، يملكون رجولة وموقف من التحالف، فعليهم أن يجلسوا على الطاولة ويقولوا ذلك رسمياً للناس، لا بالنواح والعويل عبر غُلمانهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
نعرف جميعاً أن إطالة أمد الشرعية الحالية لن يكون باختلاق المعارك الجانبية، وأن فشل الإخوان الذين يسوقون الرئيس هادي كدمية مطاطية لن يخلق لهم النجاح في نهم والجوف وتعز وكل معاركهم التي لا نجدها إلا في الإعلام فيما تنفي الأرض ذلك.
قبل أسبوعين هتفت الفرقة الشعبية التي تطبل على الدوام عند الحاجة لأي دعم من التحالف معلنة معركةً "قطع النفس" والتي لم تكن تعني سوى نهب أربعة مليارات، ثم ما لبثت تلك الطبول أن غابت لتقرع معزوفتها في اتجاه سقطرى وشبوة.
وقبلها كانت تلك الفرقة تعزف في ميدي بنفس الأصوات والأدوات، وكان الهدف كذلك ثلاثة مليارات أخرى تم ضمها إلى قوام مليارات سابقة في جيوب فاسدين.
واليوم هم في مأرب يرفعون أصواتهم لمعركة كلامية من أجل استجلاب الدعم وتقاسم الفائدة، وقد ذهبت عشرة مليارات أخرى لمهمة غامضة ستنتهي بلا شيء كالعادة، والمثل الشعبي يقول "قطع العادة عداوة".
الذين هللوا بالأمس أن أبو العباس هو حجر عثرة لتحرير تعز، والذين ناحوا في سقطرى وشبوة وعدن، واستبسلوا لإيقاف معركة الحديدة، هم أنفسهم الفاشلون الذين لم يكتبوا نصراً في أي معركة، وهم أنفسهم أبطال المعارك الجانبية الذين لا يجيدون سوى الضجيج..
إن الدولة ليست كلمات مرصوصة يحيكها صنائعيون في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بل إدارة تقف بثبات لتعبر عن موقفها وقوتها.
الدولة التي تحترم نفسها، هي التي لا تترك القضايا المصيرية للناس مجرد أدوات ابتزاز لتحقيق مصالح شخصية..
الدولة ورجالها الذين يجب أن يحظوا بالاحترام، هم الذين لا ينقلبون على حلفائهم، ويثيرون الزوابع لحماية كرسي الحكم عندما يلمسون تحركات سياسية للتغيير.
رجل الدولة المسؤول ليس الذي يتم توريد ميزانية وزارة الداخلية إلى بيته بالمليارات شهرياً، بينما هو يجند مليشيات مناطقية ويوزع السلاح فقط لجماعات من محافظة واحدة بالآلاف.
الدولة التي يجب أن ندافع عنها، ورجل الدولة الذي يجب أن نحترم وطنيته، ليسوا بهذه الأشكال التي نراها اليوم تصنع بطولات زائفة في الإعلام، فيما تغيب رجولتها في مواجهة الحوثيين.
إن الشرعية التي ينشدها اليمنيون ليست شرعية هذه الشخصيات المهترئة، بل شرعية الفكرة ورمزية الدولة ومبدأ الإدارة.
ورجال الدولة الذين يعتمد عليهم ليسوا هذه الكائنات التي تعلن الانبطاح حد الابتذال للمملكة العربية السعودية، ما دام ذلك سيحقق لها هدف النيل من الإمارات العربية المتحدة، وتفكيك هذا التحالف بين الدولتين الشقيقتين.
هذه الكائنات نفسها سنجدها تستخدم ذات الأسلوب والألفاظ والاتهامات ضد السعودية غداً.
الدولة التي تحترم نفسها يجلس رئيسها على الطاولة ليقرر ويتخذ المواقف برجولة وإحساس بالمسؤولية.
هناك لجنة مشتركة يمنية سعودية إماراتية أنشئت بموجب التحالف لنقاش كل ما له علاقة بالحرب في اليمن، وكان على الرئيس هادي أن يجلس إليها إذا أراد أن يقول شيئاً أو رأياً أو يعلن موقفاً..
أما شلة المسؤولين الفاشلين الذي يعتقدون أن مهاجمة الإمارات وتفكيك التحالف بطولة، فعليهم أن يقوموا بمسؤولياتهم بدلاً من التنطع في الإعلام.
إن كثيراً من الحمقى يضيعون حقوقهم المشروعة وقضاياهم العادلة بسبب سوء استخدام الكلمة.
يقول الملحن الأمريكي جون ويليامز "الحرب لا تقضي على آلاف أو مئات الآلاف من الشباب فحسب، بل على شيء ما في الشعوب لا يمكن استعادته مرةأخرى". وبالفعل فقد قضت الحرب باليمن على الأخلاق ومن الصعب استعادة ذلك لدى الساسة اليمنيين.