Image

شهر على اتفاق السويد.. انقلاب الحوثي على الاتفاق وخروقاته يضع المجتمع الدولي أمام موقف محرج..! – (تقرير شامل)

قبل 30 يوما، تراءى للعالم أن قطار السلام المتعثر في اليمن قد تحرك أخيراً من محطته إثر مشاورات السويد حين اجتمعت الأطراف على طاولة واحدة.

ففي قلعة "جوهانسبرج" شمالي العاصمة السويدية ستوكهولم حيث عُقدت اللقاءات بدا المشهد تاريخيا، ومعه حلّقت آمال اليمنيين في السماء، مستقطبة معها أنظار العالم بأسره، بانتظار بداية طريق نحو حل سياسي ينقذ ما تبقّى من وطن اختطفته مليشيات حوثية حولت البلاد إلى جحيم مشتعل.

وما بين الأمل اليمني والمدينة السويدية، وفرحة المبعوث الأممي مارتن جريفيث، بحمل الحوثيين إلى محادثات السلام بعد تعنت دام أكثر من سنتين، يبدو أن مياه التسوية قد تبخرت خلال شهر، بفعل ارتفاع حرارة الاستهتار والتعنت الذي تمارسه المليشيا الانقلابية

استهتارٌ حوثي ترجمه الانقلابيون عبر سياسة الالتفاف والمراوغة في تنفيذ الاتفاق تارة، وألغام الموت التي زرعوها في الأرض والجو والبحر تارة أخرى، لتضع المليشيات بذلك صخورا عالية حالت دون تفعيل الاتفاق..

وخلال المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة، في شهر ديسمبر الماضي، بستوكهولم، اتفق وفدا الحكومة اليمنية والمليشيات الانقلابية على حلول لملفات، بينها الأسرى وموانئ الحديدة، إضافة إلى تعز التي تئن تحت حصار المليشيات المدعومة إيرانيا منذ 4 أعوام.

ومع أن المصافحة بين رئيسي الوفدين المفاوضين بدت تاريخية في حينه، بل منحت قناعة بأنها بمثابة ضمانة لما جرى الاتفاق عليه، إلا أن الملفات الـ3 المذكورة لم تراوح مكانها حتى اليوم، ولم تسجل الجهود الأممية أي اختراق حقيقي في جدارها جمود يعتبر سليل سياسة المماطلة التي امتهنها الحوثيون طيلة محطات التسوية التي شهدتها السنوات الماضية من عمر الصراع الملتهب في اليمن بسبب أذرع إيران في اليمن.

الحديدة واستخفاف الحوثي

ملف الحديدة الذي نص اتفاق السويد على انسحاب مليشيا الحوثي من هذه المدينة وموانئها، وإعادة انتشار القوات الحكومية فيها، يقف شاهدا على نسف الانقلابيين لعملية السلام.

خرقٌ للاتفاق تجسد من خلال إجراءات شكلية لتسليم ميناء الحديدة، حيث قامت مليشيات حوثية ترتدي ملابس مدنية بتسليم الميناء لعناصر أخرى تتبعها بملابس قوات أمنية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها استخفاف بالراعي الأممي ولجنته التي يرأسها الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت.

ويقود كاميرت لجنة أممية مكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة، وتطبيق بندين آخرين ينصان على انسحاب الحوثيين من موانئ المحافظة التي تحمل الاسم ذاته.

كاميرت لم تستخف به مليشيا الحوثي التابعة لإيران فقط، بل هاجمته تارة على لسان المتحدث باسمها ورئيس وفدها لمشاورات السويد محمد عبدالسلام، الذي اتهم المسؤول الأممي بالخروج عن مهمته، وتارة أخرى عبر المدعو حسن زيد، أحد منظري الحوثي، الذي دعا إلى طرد الجنرال الهولندي والاعتداء عليه.

تعز.. سجل إجرامي حوثي متواصل

أما تعز المحاصرة من قبل مليشيا الحوثي منذ 4 أعوام؛ فما زالت تقبع وراء حواجز الانقلابيين الذين حولوا المدينة إلى ساحة يتساقط فيها المدنيون بشكل شبه يومي بقذائف الهاون ورصاص القناصة فالسجل الإجرامي الحوثي في تعز ما زال مزدحما بالانتهاكات بدءا بالخطف والتعذيب، مرورا بالتشريد والتهجير والتدمير، وصولا إلى القتل والتجويع.

الأسرى ضحية مناورة حوثية جديدة

اتفاق الأسرى الذي كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في غضون 40 يوما من التوقيع، توقفت مراحله عند مناورة حوثية جديدة تمثلت في رفضهم التعليق على حالة 232 من المعتقلين والمحتجزين؛ بينهم المشمولون بالقرار الأممي 2216

ويتضمن اتفاق الأسرى 5 مراحل تتمثل في تبادل القوائم، ثم إفادات حولها، قبل تقديم الملاحظات على تلك الإفادات، يليها الرد على الملاحظات، فيما تشمل المرحلة الخامسة الترتيبات اللوجستية لإتمام عملية إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين.

وتبادل وفدا الحكومة الشرعية اليمنية ومليشيا الحوثي في السويد، قوائم شملت 16 ألف اسم

وقال هيج لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، إن الفريق الحكومي واجه صعوبات مع الحوثيين في مسألة القوائم لكنه أبدى مرونة في ذلك.

وأشار إلى أن الحوثيين قسموا القوائم التي قدمتها الحكومة إلى مجموعات، إحداها قالوا إنهم ليسوا معتقلين رغم وجود أدلة تثبت أنهم في الأسر وفي أي سجن يوجدون، وقسم آخر قالوا إنه جرى إطلاق سراحهم وهو ما لم يحصل، وقسم ثالث ادّعوا أن الأسماء وهمية

قصف وتجويع

لم يتوقف الإرهاب الحوثي عند مراوغتهم ومماطلتهم في تنفيذ اتفاق السويد، بل عمدوا إلى قصف عشوائي لمنازل المواطنين والمساجد في مدن متفرقة أبرزها الحديدة وتعز، فضلا عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية ونهبها

وعلاوة على عرقلة مرور المساعدات، أقدمت المليشيات أيضا على قصف مخازن برنامج الغذاء العالمي في الحديدة، في مشهد يكشف عن الوجه الآخر للمخطط الحوثي لضرب أدنى مقومات الحياة في اليمن

الحكومة اليمنية كشفت في تقرير صدر الجمعة، عن مقتل 37 شخصا وإصابة 312 آخرين، جراء الخروقات الحوثية لقرار وقف إطلاق النار بمحافظة الحديدة غربي البلاد

وذكر التقرير الصادر عن خلية التنسيق في مركز العمليات المتقدم بمحور الحديدة، أن مليشيا الحوثي ارتكبت 464 خرقا منذ سريان الهدنة في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي حتى 9 يناير/كانون الثاني الجاري.

ومع اكتمال الشهر على مشاورات السويد، صرح وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني، بأن شيئا لم يتحقق، مذكرا بأن هناك أكثر من 75 اتفاقا منذ الحروب الـ6 مع الحوثيين.

وأعلن اليماني، في تصريحات صحفية، أن البعثات اليمنية والسعودية والإماراتية ستبعث تقريرا مفصلا إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن حول انتهاكات وخروقات الحوثيين.

الحوثي وإجهاض السلام

والواضح من خلال تتبع الخط البياني للمشاورات اليمنية السابقة وأسباب فشلها، أن الحوثي سار على درب إجهاض السلام بل ووضع المجتمع الدولي الذي سعى مراراً وتكراراً لاحلال السلام في اليمن، وضعه في حرج كبير.

ففي المشاورات المقامة بجنيف في 2015، انتهت وكأنها لم تنعقد، بسبب تعنت المليشيات وإصرارها على المشاركة بـ"حوار قوى سياسية"، أي ترفيع مستوى تمثيلها بالمفاوضات إلى أكثر من وفدها

بينما في الجولة الثانية من المفاوضات، التي يصطلح عليها إعلاميا وسياسيا بـ"جنيف 2"، والمنعقدة بمدينة "بيل" السويسرية، في 2015، فتمكّن المبعوث الأممي حينها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من تجاوز مسألة الاختلاف حول صيغة الحوار.

وجرى الاتفاق على هدنة بالتزامن مع انطلاق المفاوضات في 15 ديسمبر/كانون الأول 2015، غير أنّ الحوثي اخترق الهدنة؛ ما قاد نحو نهاية خالية الوفاض للمشاورات، وهو ما تكرر في الكويت عام 2016

أما الجولة الرابعة التي كانت ستنعقد في جنيف يوم السادس من سبتمبر/أيلول الماضي، فأجهضها الحوثيون في مهدها برفضهم الحضور إلى المدينة السويسرية

حصيلة قاتمة وانتهاكات جسيمة قد لا تجعل السلام على من فجَّر الحرب وانقلب على الشرعية، أمرا محببا، بل إن قناعة شبه راسخة تتملك مراقبين بأن الحرب أهون وأسهل على الحوثي من السلام، وهذا ما اتضح من خروقات المليشيات في المشاورات السابقة.