Image

كيف حول الحوثيون الأربعاء إلى "كابوس" ويوم أسود يعيش تفاصيله جميع موظفي العاصمة صنعاء! - (تقرير)

صنعاء - سمير الصنعاني: لم يعد يوم الأربعاء في العاصمة صنعاء كما كان منذ زمن طويل نهاية لأسبوع عمل يعود في ختامه الموظفون إلى منازلهم ليقضوا إجازة الأسبوع، بل بات كابوساً يعيشه كل موظفي مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء التي ترزح تحت سيطرة جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن.
 
كل يوم أربعاء يجبر جميع الموظفين على حضور الدورات الثقافية التي يتلقون فيها محاضرات فيديو لزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي وبعض المحاضرات التي تتضمن كلها مفاهيم طائفية ومذهبية مثل مفهوم الحق الإلهي، والولاية لعلي والحسين، وفضل آل البيت، والجهاد وتكفير المخالفين لفكر مليشيا الحوثي... وغيرها من القضايا التي تصب في جوهرها في إطار مفاهيم مذهبية بحتة تريد ترسيخ أفكار المليشيا ومزاعم وأكاذيب أفضليتهم على الآخرين.
 
الأربعاء يوم أسود
 
الملازم محمد (ضابط في المرور) يتحدث عن يوم الأربعاء الذي يصفه باليوم الأسود الذي يعيشه ويقول: أنا بلا مرتب، ولكنني مجبر على الذهاب لحضور الدورة الثقافية، ما لم فإنني قد أتعرض للسجن أو الطرد من عملي.
 
يضيف لنيوزيمن: رغم أننا لا نستلم مرتبات، إلا أنهم يجبروننا على حضور هذه الدورات التي لا علاقة لها بعملنا لا من قريب ولا من بعيد، ولابد أن نستمع كل يوم أربعاء لمحاضرة عبدالملك الحوثي التي يقول فيها كلاماً لا علاقة له بالواقع مطلقاً.
 
ويضيف: البعض من أفراد المرور وضباطه يخرجون لممارسة عملهم في الجولات كل أربعاء من وقت مبكر كعذر من أجل التهرب من حضور محاضرات زعيم المليشيا، وهذا هو السبيل الوحيد للهروب من سماع أشياء مفروضة عليك بالقوة.
 
ما علاقة الحسين بتقنية المعلومات؟!
 
أحمد، موظف في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، هو الآخر يشكو من أن يوم الأربعاء يتحول إلى كابوس يعيشه كل أسبوع ويقول لنيوزيمن: كل يوم أربعاء أشبه بكابوس أعيشه واقعاً، فأنا مضطر أن أحضر صباحاً إلى مقر عملي قبل أن أتركه مجبراً للحضور مع بقية زملائي من الموظفين الدورة التثقيفية التي يكون علينا أن نستمع فيها لما يقوله عبدالملك الحوثي من كلام لا علاقة له بعملنا.
 
ويضيف: تخيل أن مدراء ومهندسين متخصصين في الاتصالات وفي تقنية المعلومات وفي البرمجيات وفي مجال الشبكات والانترنت وكل ما له علاقة بالمعلوماتية مضطرون لسماع هراء يقوله عبدالملك الحوثي كل أسبوع عن أشياء لا صلة لها لا بتخصصاتنا ولا بعملنا ولا بواقعنا.
 
ويسخر من هذا الواقع بالقول: ما الذي يعنيه كلام الحوثي عن الحسين والولاية لعلي لمهندس يعمل في مجال الاتصالات، أليس هذا هو الهراء بعينه؟! وهو الكابوس الذي عليك أن تعيشه رغمًا عنك؟
 
غمدان، موظف في الخدمة المدنية، وحاله لا يختلف عن بقية الموظفين في مؤسسات الدولة، حيث يضطر كما يقول لنيوزيمن: السماع لمحاضرات زعيم المليشيات الحوثية كل أربعاء.. وهي، كما يقول، باتت وجبة عليه أن يلتهمها كل أسبوع، لكنها تثير التقيؤ عندما يخرج من المكان الذي يستمع فيه إلى تلك المحاضرة.
 
ويتابع: إن بعض الموظفين يتهربون يوم الأربعاء ويختلقون مئات الأعذار من أجل عدم حضور هذه المحاضرات أو الدورات كما يسميها مشرفو المليشيات الحوثية، لكن كثيراً منهم يتعرضون للعقوبات وللتهديد بالفصل، والبعض إذا كان يتسلم حوافز فإنه يتم خصمها عنه حينما يتغيب عن الحضور.
 
محاضرات القطرنة والمتحوثين
 
أبو عبدالله، موظف في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، يقول لنيوزيمن: إن مشكلة يوم الأربعاء لم تعد تقتصر فقط على أنك مجبر على السماع لما لا تريده بقدر ما أصبح يوماً تتعرض فيه لكل أنواع اللمز والغمز والتهديد خصوصاً من قبل أولئك الذين يسمون بالمتحوثين، والذين أصبحوا يؤدون دور مخبري الأمن السياسي في قطاعات الدولة بحيث يرفعون تقارير عن زملائهم المتغيبين أو الذين يتخلفون عن حضور محاضرات زعيم المليشيات الحوثية كل يوم أربعاء.
 
ويؤكد أبو عبدالله، أن بعض الموظفين تم اعتقالهم من قبل مليشيات الحوثي على خلفية تقارير رفعها المتحوثون في الجهاز عليهم بأنهم يتغيبون عن حضور الدورات الثقافية كل يوم أربعاء، أو أنهم يسخرون مما يقوله زعيم المليشيا في محاضراته التي عليهم الاستماع إليها، قبل أن يفرج عنهم ويلتزموا بالحضور لسماع تلك المحاضرات التي يصفها بمحاضرات الدجل التي لا تختلف عن فكرة القطرنة التي كانت أيام الإمامة.
 
ويمكن التأكيد على أن ثمة إجماعاً لدى موظفي الدولة في العاصمة أن يوم الأربعاء بقدر ما هو يوم كابوس يعيشونه مرغمين، إلا أنه بات يوماً يتندرون فيه من الكلام الذي يسمعونه من زعيم المليشيا الحوثية عن أمور وقضايا بينها وبين زمنهم وواقعهم 14 قرناً، حتى إن ما يقوله بات محط سخرية واستهزاء يتبادله الموظفون فور خروجهم من القاعات التي يُجمَعون فيها بغية سماع الحوثي.