ضريبة الانتماء!

08:01 2018/10/26

هذا هو الانتماء الحزبي باختصار ..
 
أن تحمل على عاتقك ما قد يسمى ذنوباً لغيرك من وجهة نظر البعض؛ فيما غيرك هذا فعلها كحسنات من وجهة نظره .
 
أن تحاسب على الغث والسمين من أدبيات انتماءك ؛ والخطاء والصواب من أفكار صدرت من سواك كبيعة متكاملة لا يحق لك رفض بعضها وقبول آخر بحسب قناعتك .
 
أن تحاسب على ما قد يكون في عداد الخيانات القولية أو الفعلية لأفراد أنت عقليا ونفسيا ترفض تواجدك معهم على ذات الخط .
 
أن تجبر على الدفاع عن أشخاص يمثلون هذا الانتماء وأنت في قرارة نفسك لا تكن لهم الاحترام أو تؤمن أنهم يمثلون الفكرة فعلا .
 
وببعض التفكير ستجد نفسك أبعد ما يكون من كل هذا الهراء والتراكمات التي ربما تجهل معظمها .
 
وتصل إلى قناعة أنه ليس على عقلك النقي وفكرك الطاهر أن يتحمل أوزار سياسات الآخرين وأفعالهم ..
 
ولا ينبغي أن تُكتب أخطاء وأطماع الآخرين في سجلك النظيف .
 
وليس عليك أن تحاكم نفسيا بسبب سخافات وغباء غيرك ..
 
أن تحاكم وأنت في معزلك الاختياري بأفعال أشخاص لا تمت إليهم بصلة سوى نقاء فكرة لوثتها اطروحات الكثير وأطماعهم وتجاوزاتهم وسياساتهم الخرقاء ..
 
فقط لأن قلبك وعقلك مع هذا الوطن؛ لذا أنت تنشد الخير له مع الركب الذي تجده الأكثر صوابية في الساحة ..
 
في حكم الانتماءات الحزبية من الصعب أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون بل عليك أن تتحمل أوزار كل السابقين من تعرف ومن لا تعرف .
 
لن تكون إصلاحيا دون أن تحمل على كاهلك كل تناقضات وهفوات الإصلاحيين وتحسب عليك شئت أم أبيت .
 
ولن تكون مؤتمريا إذا لم تتحمل كل أخطاء المؤتمر وخياناته وجرائم كل المنتمين إليه .
 
من الصعوبة على المنتمي لحزب ما أن يبدأ من جديد وأن يتنصل من تبعات حزبه مع الاحتفاظ بهيكل الجثمان المتداعي لهذا الحزب كخيمة انتماء .
 
سيقول قائل : لماذا التكتل والاصطفاف داخل حزب ؟ لماذا لا يبقى المواطن مستقلا وحزبه الكبير هو الوطن .
 
الحقيقة أن كلمة مستقل هي أكبر أكذوبة نرددها لأنفسنا إلا القلة ممن اعتزل أمر الناس تماما .
 
الكل لديه توجه ما؛ ورأي قد يمثله حزب ما؛ هكذا هو الأمر حقيقة .
 
وإعلام هذه الأحزاب يصنع هذا الوعي الذي قد يصل إلى درجة التباين في عقول العامة والمثقفين على حد سواء في عملية فرز واضحة .
 
الكل لديه انتماء أما موالي لحزب أو عضو وليس الجميع أعضاء فاعلين .
 
 فالحزب أشبه بصورة مصغرة من حكومة الدولة قد ينفرد رأس قيادته بالرأي ويدفع قواعده الثمن.
 
لكن بمجمل الحال أنت محسوب على ذمة حزب كلما انعكست عليك توجهاته وأدبياته وكنت داعيا إلى بعضها أو مدافعا عنها .
 
في الدول المتقدمة يصبح هذا التباين بين الكتل الحزبية مصدرا للتنافس من أجل الحصول على موقع الأفضل والأكثر فائدة للبلد .
 
لكن في دول متخلفة وعياً كبلداننا العربية يصبح هذا التباين مفتاحا لكل الشرور .