تحرير الحديدة.. فك الحصار على اليمنيين!
الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعاني منها الشعب اليمني تتطلب معالجات جريئة وحاسمة، وفي مقدمتها تحرير مدينة الحديدة من عصابة الحوثي الكهنوتية، خاصة وأن التدخلات الدولية التي بذلها الأشقاء والأصدقاء للتخفيف من تداعيات هذه الأزمة على حياة اليمنيين لم تحقق النجاح المطلوب، بسبب استمرار استيلاء مليشيات الحوثة على تلك المساعدات والمعونات وحرمان الملايين من المعوزين من مواد الإغاثة الإنسانية الغذائية والدوائية..
ونود التأكيد هنا على أن قرار تحرير الحديدة قرار إنساني مائة بالمائة، وكان لابد أن يُتخذ قرارٌ كهذا في وقت مبكرٍ، كونه يراعي مصالح أكثر 80% من سكان اليمن ممن يعانون من وضع إنساني حرج جداً، جراء انتشار المجاعة بشكل يثير مخاوف العالم، إضافة إلى تفشي الأمراض ومنها الكوليرا والتي تودي بحياة الآلاف للعام الرابع بسبب استمرار احتلال عصابة الحوثي للميناء والتي تسببت بانهيار الأوضاع الاقتصادية في البلاد، بشكل فظيع، وانعكست بصورة مخيفة على الحياة المعيشية لملايين اليمنيين.
إن تحرير مدينة الحديدة ومينائها، والذي يحتل المرتبة الثانية بالأهمية على مستوى مونئ اليمن، سيمثل انتصاراً إنسانياً بدرجة أساسية، حيث ستتدفق إليه مباشرة مختلف السلع والبضائع القادمة من مختلف دول العالم وخصوصاً السلع الرئيسية التي ستلبي المتطلبات والاحتياجات الملحة لأكثر من عشرين مليون يمني يعانون من الفاقة وسوء التغذية والأمراض الفتاكة.
دعونا من المتباكين اليوم باسم (التكلفة الإنسانية لتحرير الحديدة)..! أين كانت ألسن وقلوب هؤلاء عندما اجتاح الحوثي العاصمة صنعاء وعدن وتعز وبقية المحافظات اليمنية؟؟ ولماذا لانسمع صوتاً لهؤلاء الأمراض الذين يتلذذون بموت الآلاف من اليمنيين شهرياً قتلاً وجوعاً وأمراضاً وداخل سجون عصابة الحوثي وفي حروبه العبثية؟
وكيف صمت هؤلاء المتباكون أربع سنوات وهناك أكثر من 21 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، و19 مليون يمني لا يحصلون على مياه شرب نظيفة، إضافة إلى أن هناك أكثر من 10 ملايين يمني يواجهون مجاعة حقيقية.. ليس هذا فحسب، بل إن 95 % من سكان اليمن صاروا يعيشون بالظلام.. والأفظع من كل ذلك أن الحوثي نهب مرتبات الموظفين لأكثر من عام.. عدا عن مآسي ملايين النازحين الذين أصبحوا يعيشون في العراء بسبب السياسات الإجرامية الحوثية؟
فلو كانت هناك ضمائر حية فعلاً وتستشعر مسؤولياتها الإنسانية والدينية لما ترك الحوثة يبيدون الشعب اليمني، وكان هؤلاء المتباكون صامتين.. إن لم يكونوا شامتين!!
لذا نقول إن تحرير ميناء الحديدة يمثل ضرورة وطنية وإنسانية لابد منها لإنهاء الحصار على الشعب اليمني، وسيضع المجتمع الدولي ودول التحالف العربي أمام مسؤولياتهم الكفيلة بإنهاء معاناة اليمنيين من خلال التحرك لضمان تدفق البضائع والسلع ووصولها للشعب اليمني دون عراقيل، بعد أن ظلت عصابة الحوثي تحتكر استيراد السلع والوقود وتبيعها بأسعار مضاعفة عشرات الأضعاف لإنهاك الشعب المظلوم.
ويعني أيضا تحرير ميناء الحديدة عودة نشاط التجار اليمنيين والموردين وبداية التحرك لمعالجة مشكلة ارتفاع نسبة رسوم التأمين على السفن والبواخر التي تحمل بضائع وسلعاً إلى الموانئ اليمنية، والتي ستخفف من ارتفاع أسعار الواردات، سيما وأن المستهلك اليمني يدفع رغم فقره فارق الزيادة في فاتورة الرسوم التأمينية.
كما أن تحرير ميناء الحديدة سيضمن تدفق مليارات الريالات إلى خزينة الدولة ومنع ذهاب تلك الأموال الباهظة إلى جيوب وأرصدة عصابة الحوثي.. وسيضمن عودة نشاط الآلاف من الصيادين لإعالة أسرهم وتمكين الآلاف من المزارعين من الحصول على الديزل بأسعار معقولة لممارسة نشاطهم الزراعي، خلافاً لعودة تدفق الصادرات اليمنية الزراعية والسمكية إلى الخارج.
إن معركة تحرير الحديدة معركة إنقاذ إنساني، تفرض المسؤولية الوطنية والإنسانية التدخل وحسمها عسكرياً، ولا نتكلم هنا عن أهمية هذه المعركة ببعدها الاستراتيجي ومن ذلك تأمين الملاحة البحرية وحماية الأمن القومي العربي ووقف العبث الإيراني بأمن واستقرار دول المنطقة، فليس لذلك متسع في هذا الحيز