Image

خبراء ومحللون: مصرع الصماد مثّل انتكاسة كبيرة للحوثيين وعمليات القتل الأخيرة لقاداتهم الكبار نتاج اغتيالهم صالح

مثّل مصرع القيادي الحوثي البارز، صالح الصماد، إثر غارة جوية للتحالف في الحديدة، ضربة بالغة الخطورة على الصعيد النفسي والمعنوي على أنصار الجماعة الحوثية، كما سيكون له تداعيات وانعكاسات سلبية على تماسك الحوثيين، في ظل حالة التوازنات الهشة التي تخفي في طياتها صراعاً مستعراً بين أجنحة متضاربة ومضطربة في أعلى الهرم القيادي للجماعة العقائدية والسلالية.

ويقول خبراء ومحللون يمنيون وغربيون في إفاداتهم لوكالة "خبر"، إن مصرع الصماد رسالة واضحة بأن الحوثيين يعيشون حالة انهيار غير مسبوقة، خاصة مع اشتعال جبهات متعددة وأبرزها معركة الساحل التي تقودها قوات المقاومة الوطنية، التي كبدت المليشيات خسائر كبيرة وانهيارات متتالية في صفوفها، الأمر الذي دفعهم إلى إرسال الرجل الثاني في الجماعة في محاولة يائسة لرفع معنويات مقاتليهم المنهارة.

وفي تصريح خاص لوكالة "خبر"، قال مايكل هورتن، كبير خبراء مؤسسة "جيمس تاون" الاستخباراتية الأمريكية، "لا شك أن الحوثيين انهاروا إلى حد كبير منذ اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح (...) وبحسب علمي، فإن عمليات القتل الأخيرة لقادة الحوثيين الكبار تؤكد انهياراتهم من الداخل، وهي نتاج اغتيالهم صالح".

وفي حديثه عن الانهيارات المتتالية لمليشيا الحوثيين، أكد الخبير هورتن أن القوى التي يقودها العميد طارق صالح ساهمت في تمرير معلومات استخباراتية دقيقة وساهمت كثيراً في انهيار الحوثيين من الداخل لما لها من معرفة عميقة بقادة الحركة المتمردة.

بينما أشار آدم بارون، المحلل في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن مقتل الصماد يعد "بالتأكيد انتكاسة كبيرة" للحوثيين. وقال بارون، إن هذا "أكبر نجاح للتحالف حتى الآن، ودليل على أن قدراته الاستخباراتية تطورت".

لكنه حذر من أنه ما زال من المبكر تحديد ما إذا كان مقتل الصماد سيغير شيئاً، مضيفاً أن الحوثيين في السابق "خسروا قادة رئيسيين ولكنهم تمكنوا من النهوض".

بينما أكد خبير غربي آخر، اشترط عدم الكشف عن اسمه، أن الصماد كان شخصية "عقلانية" شاركت في السابق في المفاوضات. وأوضح الخبير أن مقتل الصماد يبعد "احتمالات إجراء محادثات مثمرة".

وعن تعيين الحوثيين مهدي المشاط خلفاً للصريع صالح الصماد، قال الخبير الأمريكي مايكل هورتن، لوكالة خبر: "إن تعيين المشاط خلفاً للصماد أمر مثير للقلق؛ كونه متشدد وغير منفتح على أي محادثات سلام. وأظن أن الحوثيين سوف يلعبون دوراً في تصفية قادتهم المعتدلين، وهذا بدوره قد يسرع من نهايتهم. ولذا أرى أن تقوية المتشددين أمثال المشاط سيؤدي إلى تآكل الدعم القبلي الذي يحتاجونه".

في المقابل قال بروس ريدل، مستشار سابق لأربعة رؤساء أمريكيين ومدير معهد "بروكينغز" لوكالة خبر: "إن الحوثيين استبدلوا صالح الصماد بقيادي أكثر تطرفًا وقرباً من حزب الله مما يقلل من فرص عملية السلام الضئيلة بالفعل".

ويعتقد الكثير من الخبراء أن مصرع الصماد من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم الانقسامات القائمة داخل الحركة الحوثية.

والثابت، بل والمؤكد، أن السعودية وحلفاءها لا يجدون أي خيار آخر (سوى الخيار العسكري) في هذه المرحلة، كون الحوثيين ليسوا مرنين للتوصل إلى تسوية سياسية.

ويلحظ أن التحالف يسعى جاهداً لإنهاء التمرد الحوثي، وهو ما يبرز استهدافه القيادات الكبيرة في الحركة الحوثية.

وبهذا الخصوص قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن مصرع الصماد كان جزءاً من هجوم التحالف بقيادة السعودية على الحديدة. مشيرة إلى توجيه الإمارات جهودها لدعم طارق صالح، ابن أخ الرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي يقود هجوماً لانتزاع ميناء الحديدة الاستراتيجي من قبضة المتمردين الحوثيين.

وكشف مصدر صحافي أمريكي، معلومات إضافية، من كواليس نقاشات الرئيس دونالد ترامب، مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حول الحرب في اليمن الشهر الماضي.

وقال المصدر، لمحرر "خبر"، عبر البريد الالكتروني، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منح السعودية مزيداً من الضوء الأخضر، في حربها ضد ميليشيا الحوثي في اليمن. وفي المقابل، طالب ترامب ولي العهد السعودي، بسرعة الإنجاز، وتجنب استهداف المدنيين، والعمل على تخفيف الجانب الإنساني.

وأشار إلى أن محمد بن سلمان، طلب من الولايات المتحدة زيادة الدعم الاستخباراتي الأمريكي في الحرب باليمن، أكثر من السابق.

وفي وقت أخذت فيه خسائر الحوثيين تتضاعف، على مختلف الأصعدة مع مرور كل يوم إضافي من رحلة الحرب والجنون التي اندلعت شراراتها الأولى مطلع العام 2004 من إحدى الكهوف في منطقة "مران" الوعرة بمحافظة صعدة. ويبدو أنها ستنتهي هناك، وفقاً لآخر قراءة للتطورات الميدانية التي أضحت على مسافة بضعة كيلومترات فقط من ذات المنطقة التي شهدت ميلاد ونهوض الجماعة الحوثية.