تصعيد حوثي جديد يستهدف العمل الإنساني في صنعاء باقتحام مقرات منظمات دولية
شهدت العاصمة المختطفة صنعاء صباح الثلاثاء حملة مداهمات واسعة نفذتها مليشيا الحوثي الإرهابية، استهدفت عدداً من مقرات المنظمات الدولية والإغاثية، في تصعيد خطير ضد العمل الإنساني في مناطق سيطرة الجماعة.
وأفاد مصدر حقوقي بأن مسلحين تابعين للحوثيين اقتحموا مقر منظمة أطباء بلا حدود – الفرع السويسري (MSF) قرب "جولة ريماس"، واحتجزوا عدداً من موظفيها، فيما لا يزال المسلحون متمركزين داخل المبنى حتى اللحظة.
وأضاف المصدر أن عناصر حوثية أخرى اقتحمت مقر منظمة الإغاثة الإسلامية (Islamic Relief Worldwide) في شارع حدة، وصادرت وثائق وأصولاً مهمة، إلى جانب مداهمة مقري منظمة العمل ضد الجوع (Action Against Hunger) ومنظمة أكتد (ACTED)، وهما منظمتان فرنسيتان تعملان في المجالين الإغاثي والتنموي.
كما شملت الحملة اقتحام مقر منظمة هيومن أبيل (Human Appeal) القريب من السفارة الألمانية بصنعاء، وسط مخاوف حقوقية من توسّع هذه المداهمات لتطال منظمات أخرى عاملة في المجال الإنساني.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد القيود التي تفرضها المليشيا الحوثية على أنشطة المنظمات الدولية، ما يهدد بتقويض جهود الإغاثة الإنسانية في مناطق سيطرتها. وكانت المليشيا قد شنت خلال الأسابيع الماضية حملات اختطاف طالت أكثر من 50 موظفاً أممياً، بتهم وُصفت بأنها "مفبركة" تتعلق بالتجسس.
وفي هذا السياق، كانت الجماعة قد أعلنت مؤخراً نيتها تقديم المختطفين من موظفي المنظمات الإنسانية للمحاكمة، الأمر الذي قوبل بإدانة واسعة من منظمات حقوقية دولية.
وفي تعليقها على هذه التطورات، كشفت المحللة السياسية فاطمة أبو الأسرار، الزميلة في معهد الشرق الأوسط والمحللة الأولى في مركز واشنطن للدراسات اليمنية، عن أن المليشيا الحوثية تستغل العلاقات الدولية والمنظمات الإنسانية لتعزيز سيطرتها السياسية والعسكرية، وتحويل المساعدات إلى أداة نفوذ وابتزاز.
وأوضحت أبو الأسرار أن اللقاء الذي جرى في 2 سبتمبر 2025 بين رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء ومسؤول الخارجية الحوثي إسماعيل المتوكل، عقب مقتل قيادات حوثية في غارات إسرائيلية، يُظهر بوضوح كيف توظف الجماعة العلاقات الإنسانية لتثبيت شرعيتها السياسية.
وأضافت أن الحوثيين نجحوا في تحويل المساعدات إلى وسيلة لتكريس سلطتهم، عبر التحكم في مسارات الإغاثة وتوجيهها بما يخدم أجندتهم، فيما تتجنب بعض المنظمات الدولية اتخاذ مواقف حازمة خشية فقدان إمكانية العمل الميداني.
وأشارت أبو الأسرار إلى أن الجماعة تستخدم الاعتقالات والضغط على العاملين الإنسانيين كأدوات تفاوض وابتزاز، مؤكدة أن الاعتقالات الواسعة منذ منتصف 2024 جاءت ضمن سياسة ممنهجة لتعزيز السيطرة على النشاط الدولي.
وحذّرت من أن استمرار الصمت الدولي وعدم فرض محاسبة على الحوثيين سيؤدي إلى ترسيخ سلطة أمر واقع تستمد شرعيتها من المعاناة الإنسانية، معتبرة أن تعامل الأمم المتحدة مع الجماعة تحت مبدأ "الوصول الإنساني بأي ثمن" جعل المنظمات رهائن بيدها.
واختتمت بالقول: "المجتمع الدولي يتحدث عن المساعدات كغاية، لا كوسيلة لإنقاذ المدنيين، والنتيجة أن الحوثيين حولوا العمل الإنساني إلى مصدر شرعية وتمويل لنفوذهم السياسي والعسكري."