في أي سن يعمل عقلك بأفضل شكل؟
يعتقد كثير من العلماء أن الإنسان يصل إلى ذروة لياقته البدنية في منتصف أو أواخر العشرينات من عمره، وأن سعادته المثلى تكون في أوائل العشرينات أو عند التقاعد، بينما أشارت بحوث سابقة إلى أن التفكير المنطقي، وسعة الذاكرة، وسرعة المعالجة، تتراجع تدريجياً مع التقدم في العمر.
ولكن وفقاً لدراسة جديدة، فإن مرحلة منتصف العمر هي في الواقع المرحلة العمرية التي تكون فيها أدمغتنا في أفضل أداء لها.
وحسب صحيفة «التايمز» البريطانية، تستند الدراسة إلى عقود من البحث النفسي، لإنتاج ما سمَّاه المؤلفون مؤشر الأداء المعرفي للشخصية (CPFI)، وهو مقياسٌ واحدٌ يتتبع كيفية تطور الذكاء والحكم السليم، وغيرها من السمات العقلية والشخصية الرئيسية على مدار العمر.
ووجدت الدراسة أن القدرات الإدراكية للإنسان تكون في أفضل حالاتها بين سن 55 و60 عاماً، مع ميل الإنجازات -كالنجاح المهني- إلى بلوغ ذروتها.
وقال الدكتور جيل جينياك، الباحث الرئيسي في الدراسة من جامعة غرب أستراليا: «إن مزيج المعرفة المتراكمة والحكمة والخبرة الحياتية والنجاح، هو ما يُؤهل عقل الإنسان للوصول إلى ذروة أدائه في أواخر الخمسينات».
وأضاف: «لذا، فبينما للشباب مزايا، يُمكن القول إن النضج يُتيح مجموعة أوسع وأكثر فعالية من الأدوات للتعامل مع المشكلات والمسؤوليات المعقدة. وبينما قد يجد البعض هذا الأمر بديهياً، فإنه لم يتم قياسه كمياً ولم يُثبت علمياً من قبل».
وأظهرت نتائج الدراسة أن الذكاء المتبلور، المسؤول عن تطبيق المعرفة المكتسبة، واتخاذ القرارات، وحل المشكلات، يستمر في التحسن مع التقدم في العمر، ويصل إلى ذروته في أواخر منتصف العمر.
وكذلك تبلغ سمات أخرى -بما في ذلك الذكاء العاطفي، والتفكير الأخلاقي، والقدرة على التخلي عن أمر لا تثبَت فائدته- ذروتها أيضاً في هذه المرحلة العمرية.
ولكن، هذا لا يعني أن كل شيء يتحسن في منتصف العمر، فقد وجد فريق الدراسة أن المرونة المعرفية، والقدرة على الانتقال بسلاسة بين المهام أو الاستراتيجيات عند تغير الظروف، والقدرة على استنباط ما يفكر فيه الآخرون، تتلاشى مع التقدم في السن.
مع ذلك، خلصت الدراسة في مجملها إلى أن المكاسب في منتصف العمر تعوِّض الخسائر وتتجاوزها.