في ذكرى ثورة 26 سبتمبر الـ 63 .. اليمن يعيش إرهاصات تنادي سبتمبر للحفاظ على أهداف ثورته المباركة
بعد مرور 63 عامًا على قيام ثورة 26 سبتمبر المباركة في 1962، تعيش اليمن حالات احتقان وإرهاصات تستدعي عودة روح سبتمبر لاستكمال أهدافها، وعلى رأسها الهدف الأول منها: "التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات".
إلى جانب الحفاظ على بقية الأهداف الخمسة المتمثلة في:
"بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها".
رفع مستوى الشعب اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا.
إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل، مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف.
العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة.
احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، والعمل على إقرار السلام العالمي، ودعم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم.
وعلى هذا الجيل والأجيال القادمة التمعن جيدًا في تلك الأهداف التي ناضل من أجلها أجدادنا وأبناؤنا وحققوها على مدى السنوات الـ 63 الماضية، قبل أن يتحول غبار الإمامة وعملاء الاستعمار إلى عامل فوضى بسبب كيانات سياسية فاشلة في تحقيق أي من أهدافها ومشاريعها، فتحولت إلى أداة هدم للجمهورية والثورة اليمنية المباركة، ممثلة بثورة "26 سبتمبر"، و"14 أكتوبر"، و"30 نوفمبر"، وعلى رأسها حزب الإصلاح "ذراع تنظيم الإخوان الإرهابي" في اليمن، ما أتاح الفرصة أمام ما يسمى "غبار الإمامة" المتمثل في عصابة الحوثي الإيرانية لمحاولة طمس أهداف ثورة سبتمبر الخالدة.
وبالنظر إلى محتوى هذه الأهداف، نجد أن المبدأ الأول منها قد تضمن: "القضاء على النظام الملكي وأعوانه، والتحرر من الاستعباد والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة نظام جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات"، وهو مبدأ يعكس بوضوح الروح الثورية والسعي نحو العدالة والمساواة، والقطيعة التامة مع الماضي الاستبدادي، الأمر الذي يجعل بقايا الإمامة في حالة رعب وهلع دائمين من ثورة 26 سبتمبر، في ذكراها أو بدونها.
عظمة أهداف الثورة اليمنية
تتجلى عظمة ثورة 26 سبتمبر في عظمة أهدافها السامية، التي جاءت لترفع من شأن الإنسان اليمني، وتصون كرامته، وتحفظ هويته ووجوده، انطلاقًا من غاياتها النبيلة والتضحيات الجسيمة التي بذلها الأحرار في سبيل التحرر من الاستبداد والعبودية، والانعتاق من قيود الجهل والخرافة.
وبالنظر إلى الواقع المعاش اليوم في البلاد، تستدعي كل تفاصيله المريرة من اليمنيين العودة إلى روح سبتمبر، واستلهام ملاحم البطولة التي سطرها الثوار الأحرار، وإعادة قراءة أهداف ثورة 26 سبتمبر الستة، والتعمق في معانيها السامية ودلالاتها العميقة، للكشف عن عظمة هذه الثورة التي أنقذت شعبًا وأعادت الحياة لأمة تم عزلها عن العالم والحياة الطبيعية للشعوب قرابة ألف عام، من قبل الأئمة والفكر الإمامي المتخلف الذي فرض وكرس الجهل على اليمنيين بالقوة، وهو ما تمارسه اليوم عصابة الحوثي الإيرانية شمالًا، ومحاكمة الاستعمار لكيانات خارجة عن إطار الوطنية جنوبًا.
ومع حلول ذكرى ثورة 26 سبتمبر الـ 63، وتليها ذكرى ثورة 14 أكتوبر الـ 62، هذا العام الذي وصلت فيه البلاد إلى حالة من الضياع، يفرض على الجميع العودة للتأمل في إنجازات وأهداف الثورة المباركة، واستلهام عظمتها، والاستفادة من دروسها، وتصحيح مسارها وتجاوز عثراتها، بما يعزز وعينا بمسار المستقبل.
ثورة في الوجدان
من المعلوم أن أهداف ثورة 26 سبتمبر الستة، التي أعلنها الثوار وسعوا لتحقيقها بكل تفاصيلها، قد تحققت بالفعل على أيدي المخلصين من أبناء هذا الوطن، وكان آخرهم الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، الذي حقق أهم أهدافها، بل معظمهما، في ظل حكمه الذي امتد على مدى 33 عامًا، وأبرز ذلك "إعادة تحقيق الوحدة"، إلى جانب "إحداث نهضة تنموية واقتصادية لتوفير حياة كريمة للمجتمع".
وبالرجوع إلى تاريخ ثورة 26 سبتمبر، نجد أن أهدافها صارت جزءًا من الوجدان اليمني، وركنًا أصيلًا في مناهج التعليم، لذا كان التعليم أكثر ما استهدفته بقايا الإمامة الحوثية، إلى جانب الفكر المشبع بالثقافة الستمبرية المتعددة، التي انبثق منها دستور الجمهورية اليمنية، القائم على التعددية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وهو ما تراه الحوثية الإيرانية أكبر تهديد لمشروعها وحلمها بالعودة إلى الإمامة.
وبالنظر إلى ما تحيكه الإمامة الجديدة "الحوثية" من خطط ومؤامرات بدعم وتمويل إيراني، ومساندة من قوى ظلامية كحزب الإصلاح "الإخوان" والتنظيمات الإرهابية "داعش والقاعدة"، نجد أنها تصب جميعها في استهداف الوجدان والثقافة والفكر لدى اليمنيين، الذين تشربوا ثقافة الحرية والديمقراطية وأهداف الثورة اليمنية المباركة.
محروسة بالدماء
تحاول كيانات الفوضى والدمار والانقلاب والخيانة المنتشرة في البلاد حاليًا فرض واقع بعيد عما عاشه اليمنيون على مدى 63 عامًا من عمر ثورتهم المباركة، واقع مليء بالفساد والإرهاب والدمار والعمالة والجرائم المنظمة غير المعروفة في ثقافة الشعب، فضلاً عن محاولة فرض أفكار وثقافات دخيلة بعيدة عن الدين الحنيف، وما اكتسبه الشعب من عزة وشموخ وحرية وحياة كريمة من أهداف الثورة.
إن تلك الأهداف تشربتها الأجيال اليمنية وقدمت من أجلها أرواحًا ودماءً طاهرة، سقت أرض اليمن بها، ورسمت ملامح مستقبل البلاد، لهذا فإن الثورة اليمنية وأهدافها محروسة بالدماء، ومصانة بالأرواح، ومتجذرة في الوعي الجمعي، وتزداد رسوخًا في وجدان الشعب، وتزداد ظهورًا ولمعانًا كلما تعرضت للتشويه أو الطمس أو التحريف.
غايات وطن وأمة
مع حلول ذكرى ثورة 26 سبتمبر هذا العام، يؤكد اليمنيون في جميع تفاعلاتهم التي سبقت هذه الذكرى، بل ويظل الحديث عنها مستمرًا، أن أهداف الثورة اليمنية الخالدة "سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر" راسخة في وجدانهم، باعتبارها غايات وطن وأمة مقدسة، لا يجوز التنازل عنها تحت أي ظرف.
وفي هذه المرحلة التي يمر بها الشعب والوطن، ما أحوجنا لتذكّر أهداف الثورة اليمنية المجيدة واستيعابها فهماً وإدراكًا، والتذكير بها بالتزامن مع ذكراها المجيدة في ظل متغيرين كبيرين: "الانقلاب الحوثي الذي يحاول إعادة النظام الإمامي البائد"، و"دعوات العودة إلى التشطير"، وسعي تلك الكيانات الحوثية والفاشلة لحكم وطن "سبتمبر وأكتوبر" بالفساد المالي والإداري والارتهان للخارج، واتخاذ من اليمنيين وقودًا لتحقيق أهداف خارجية، دون النظر إلى احتياجاتهم الحياتية، ما أوصل المواطنين إلى حافة الجوع والعوز والفقر والمرض والتخلف.
إن إرهاصات الواقع المعاش في البلاد تتطلب من الجميع العودة إلى أهداف الثورة اليمنية المباركة، ومحاكاتها بالواقع، لاستعادة الحرية وكسر القيود التي فرضتها الحوثية والكيانات الفاشلة، التي كبلت اليمنيين وحاصرتهم في مربعات حياة ضيقة تنعدم فيها وسائل الحياة الكريمة التي وفرتها مبادئ وأهداف الثورة، بل وخنقت تطلعات الشعب المشروعة في التحرر ورفض الإمامة ومخلفاتها.
فالاستبداد الذي مارسته على الشعب سابقًا، وتحاول إعادة فرضه حاليًا الحوثية، هو أسوأ ما قد يتعرض له الإنسان، ويُصيب به الأوطان "الانفراد بالسُلطة السياسية"، وهو ما رفضته أهداف الثورة وناضل من أجل الخلاص منه أحرار اليمن الأوائل، حيث تم التخلص من مخلفات الإمامة والاستعمار، بإقامة الحكم الجمهوري العادل القائم على أساس الحرية والديمقراطية والتعددية، بما يخدم حاضر البلد ومستقبله ويتطابق مع الدستور والقانون.
ومع ذكرى الثورة الستمبرية الخالدة، وهي ذكرى لا تُنسى، فهي مناسبة للتذكّر بأهداف الثورة، ولتحقيق المزيد من فهمها، والدعوة لتطبيقها والحفاظ على ما تحقق منها، وللدفاع عن مكاسبها، ومناسبة للوقوف عند مدى تحقق أهداف الثورة المجيدة.
تجسيد تلك الأهداف
لم يعد خافيًا على أحد كيف يجسد اليمنيون أهداف ثورتهم الخالدة مع حلول كل ذكرى لها، رغم ما يتعرضون له من قمع وترهيب واعتداء من قبل بقايا الإمامة ودعاة الارتهان للخارج، فالخوف يتجسد في وجدان تلك الكيانات من تلك الثورة، فتراهم يعتدون على الشباب الحاملين للأعلام اليمنية، ورغم ذلك يواصل اليمنيون بكل فئاتهم التمسك بثورتهم والاحتفال بها بطرق متعددة، ما يجسد أن أهداف الثورة حية في وجدانهم ولن تستطيع أي قوى ظلامية متخلفة ومرتهنة للخارج انتزاعها منهم.
ومع كل ذكرى للثورة اليمنية، ترى اليمنيين داخل اليمن وخارجه، يبتهجون فرحًا متشحين بالعلم الجمهوري ومرددين الأناشيد الوطنية، فتُرفع الأعلام في مناطق متعددة داخل البلاد، وعلى المركبات، وعلى جدران المنازل والشوارع، ما يرعب الظلاميين المتخلفين وبقايا الكيانات الفاشلة عملاء الخارج.
وما يُشاهد اليوم على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، وفي حسابات ملايين اليمنيين فيها، من زخم لصدى ذكرى ثورة 26 سبتمبر الـ 63، ما هو إلا ثورة متجددة ضد الإمامة، وإعلان متجدد للجمهورية اليمنية، والحرية والديمقراطية والاستقلال، مؤكدين أن اليمن، الذي يعد مقبرة للغزاة، لن يستسلم لغزاة من أبناء جلدته يلوثون عرشه ومكانته بين الشعوب، ويرفضون رهن سيادته لأي دولة وتحت أي مسمى.
هناك غليان شعبي وبراكين تستعر وتتحضر للانفجار قريبًا في وجه الاحتلال الإيراني "الحوثية" وأدوات الفشل والاستعمار، فهي ثورة "ستطغى وتكتسح الطاغي وتلتهمه"، وخير دليل على ذلك أن الجماهير لم تنتظر دولة، ولا إدارة حكومية أو رسمية لتنظّم احتفالهم الوطني، فهي احتفالات عفوية لشعب يرفض الإمامة بثوبها الجديد، ويرفض الفوضى والفساد، ومحاولة إعادة الجهل وفكر الظلام والتخلف والعمالة.