Image

صرخة أجيال ثورة 26 سبتمبر في ذكراها الـ63: لن نستبدل الحياة بالموت، ومعركتنا مستمرة لمواجهة فكر إمامة الكهوف

افتتحت عصابة الحوثي الإيرانية نحو 1300 مقبرة خلال 11 عامًا من انقلابها، ما يجسد ثقافة الموت التي تنتهجها مع اليمنيين، وهو مؤشر صارخ على مشروع الموت الإيراني الذي جاء تحت عباءة إمامة الكهوف.

يأتي ذلك بعد مرور 63 عامًا على ثورة 26 سبتمبر الخالدة، التي قامت ضد هذا الفكر في العام 1962. واليوم يحتفي اليمنيون بذكراها، وهم يتذكرون هذا الحدث التاريخي في ظل اللحظة الفارقة التي يعيشونها تحت ثقافة الموت والتنكيل والتضليل والزيف والادعاءات الكاذبة "دينًا وسياسة وقوة".

ذاكرة الوجدان
ومع مرور كل عام على ذكرى ثورتهم المجيدة "26 سبتمبر"، تتجذر في ذاكرتهم ووجدانهم فكرة الحرية والخلاص مما يعانونه منذ العام 2014، باعتبار ذكرى ثورتهم التي تحاول عصابة إيران سرقتها واستبدالها بذكرى نكبتها وجريمتها بحق الإنسانية والتاريخ والوطن والمواطن اليمني بما يسمى "21 سبتمبر"، حتى تحاول سرقة العلم الجمهوري لتغطية جريمتها، فيما تمنع رفعه وحمله في مناسبات أخرى.
تعد ذكرى ثورة 26 سبتمبر بالنسبة لليمنيين، وفقًا للشواهد والوقائع المسجلة منذ سنوات انقلاب الحوثيين، لحظة مجد وشموخ تعيد لليمني الحر اعتزازه بنفسه وحضوره وزهوه ومكانته بين الأمم.
ثورة 26 سبتمبر المجيدة لم تكن حدثًا مفصليًا في تاريخ اليمن فحسب، بل تحوّلًا جذريًا أعاد صياغة هوية الشعب وفتح أبواب الدولة الحديثة؛ فقد أسقطت قرونًا من الحكم الإمامي الذي عزل شمال البلاد عن العالم، لتطلق مسارًا نحو التعليم والانفتاح وبناء المؤسسات.
ورغم كل الصعاب التي مرت بالبلاد، تظل ثورة 26 سبتمبر ذكرى التحرر والحرية من الانغلاق والتخلف والالتحاق بركب العصر، فقد منحت اليمنيين فضاءً أوسع للمشاركة السياسية ونافذة أمل نحو المستقبل.

مشروع مضاد للإمامة
ستظل ثورة 26 سبتمبر، رغم مرور 63 عامًا على قيامها، المشروع الوطني الوحيد الذي يقاوم مشروع الإمامة بفكره المتخلف القائم على الخرافة واستعباد الإنسان. فقد جاءت الثورة كمنصة للتعليم وتعدد الثقافات وتنوع العلوم، كما كانت بوابة نحو الجمهورية ذات النظام التعددي القائم على الديمقراطية في اختيار الحكام ونوع النظام الحاكم. إنها بوابة الانفتاح على عهد جديد فتح للمجتمع اليمني أبواب الثقافات والحريات والمعارف العالمية.
اليوم، بعد مرور 63 عامًا على قيامها، تحاول إمامة الكهوف الحوثية المصبوغة إيرانيًا إعادة إنتاج ذلك الماضي مستخدمة أدوات الحاضر لفرض عزلة جديدة على اليمنيين الذين تشبعوا بثقافة الثورة والحرية والديمقراطية في عهد نظام حكم الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، مؤسس الديمقراطية اليمنية وبناء نهضة البلاد ومحقق كل أهداف الثورة اليمنية.
تشير الوقائع إلى أن الحوثيين يسعون بمشروعهم الإمامي لإعادة اليمنيين إلى قوقعة مغلقة، محاصرين الأجيال في رواية أحادية تستحضر الكهنوت وتغتال الحاضر والمستقبل بكل ما فيه من علوم ومعارف أوصلت الإنسان إلى مراحل تفوق الخيال، وما الذكاء الاصطناعي ببعيد.
في المقابل، يمثل مشروع الحوثية الضد المطلق للواقع؛ مشروع يقوم على الإقصاء وإحياء سلطة الماضي، ومحاولة طمس كل ما أنجزته الجمهورية والثورة اليمنية، محاولًا تكريس ثقافة وفكر رفضه اليمنيون سابقًا واليوم وغدًا، وسيظل منبوذًا كالكفر بل أشد إثما منه.

خطورة الفكر والنسب
يتفق جميع اليمنيين، وعلى رأسهم المفكرون والأدباء وعلماء الفقه والسنة والسيرة النبوية الشريفة، على أن فكر عصابة الحوثي منبثق من فكر شيعة الشوارع في إيران. هذا الفكر، أول ما يبدأ بتدميره، هو العقل، ويمسخ الفطرة، في مسعى لجعل من يعتنق هذا الفكر الضال "دمية" في يد القائمين عليه، يسهل خداعها والاستخفاف بها.
ويؤكدون في منشورات وكتب ومؤلفات لهم أنه لا يوجد عاقل سليم الفطرة يصدق بأن الله سبحانه وتعالى خلق "سلالة خاصة به" وجعل سائر الناس عبيدًا لهم، ويترك الأديان، وفي مقدمتهم الإسلام، الذي ساوى بين الناس ولم يفضل أحدًا على آخر إلا بالإيمان والعمل والتقوى.
والمتتبع لما تقوم به عصابة الحوثي عبر نشر فكرها الضال القائم على الخرافة الإيرانية المدعية بالحق الإلهي، يرى أنه وصل بهم الجرأة إلى المتاجرة بالنبي الكريم من خلال الانتساب إليه زورًا، وتحويل ذكرى مولده إلى فعالية ومشروع لكسب الأموال بطرق حرام.
تؤكد الثقافات الإسلامية أن أفضلية النبي صلى الله عليه وسلم تأتي في "النبوة والوحي والرسالة والإيمان والعمل والتقوى"، فهو خير الناس دينًا وعملًا، وأطيبهم نفسًا، وأعظمهم خلقًا، وأكرمهم تقوى، وليس بادعاء النسب إليه والمتاجرة بذلك بشكل فج "سياسيًا ودينيًا وأخلاقيًا".
وحسب المعلومات، فإن المشكلة اليوم في اليمن في ظل فكر الحوثية لم تعد في السلالية والأسر الهاشمية التي ظلت كامنة في جسد الأمة اليمنية منذ قيام ثورة 26 سبتمبر، بل في الانتساب لها من قبل المجرمين والإرهابيين والباحثين عن الأموال والسطوة وممارسة الانتهاكات، ذوي النزعة الإرهابية الإجرامية، لذا يحتاج اليمنيون في ذكرى ثورتهم المباركة إلى التركيز على كشف الأنساب لتفكيك ذلك الكيان الهلامي لإنقاذ اليمنيين منهم.

إنتاج فكر التكفير
تحاول الحوثية من خلال استغلال أدوات ومنجزات الثورة اليمنية في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، التي سيطرت عليها عقب انقلابها المشؤوم في 2014، إنتاج فكر الشيعة الهادوية الذين يكفرون جميع الأمة التي لا تؤمن بالولاية بالمفهوم الإيراني.
ومن خلال الاطلاع على ما كتبه إمام الحوثية الضال يحيى بن الحسين الرسي في مقدمة كتابه "الأحكام"، نجد أنه يؤكد على ذلك بقوله: "إن ولاية علي ابن أبي طالب –عليه السلام– واجبة على جميع المسلمين، فرضٌ من الله رب العالمين"، ولا نعلم أين ذكر ذلك في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة. فمثل هذه البدع والاختراعات الفكرية كثيرة في ثقافة الشيعة حول أشياء معظمها من أسرائيليات، أعادوا تطويعها لخدمة مشروع إيران الصفوي الهادف لتكوين إمبراطورية فارس البائدة على حساب دول المنطقة لتشويه الدين الإسلامي الحنيف.
وهذا هو فكر الحوثيين الذين يؤمنون به ويطبقونه فعليًا في الواقع اليمني، ويعاملون به أبناء اليمن، متجاوزين ما كان يمارسه أئمة الزيدية الذين اضطهدوا ونكلوا باليمنيين على مدى قرون، حتى جاءت ثورة 26 سبتمبر لتخلصهم منهم ومن ذلك الفكر. فما بال جيل اليوم وهم يقفون أمام هذا الفكر الذي يعد أحد مصانع الإرهاب في اليمن والمنطقة؟.

فكر الموت "إرهاب"
لم يكن تصنيف عصابة الحوثي في اليمن كمنظمة إرهابية خطيرة قائمًا على جرائمهم فقط، بل جاء وفق دراسة بحثية حول فكرها الذي تنشره بطرق متعددة في أوساط الأجيال اليمنية بمناطق سيطرتها، وهو ما يعد خطرًا يهدد ليس اليمنيين فقط بل سكان دول المنطقة والعالم، لذا كان التصنيف "إرهابيًا".
وبالمقارنة لذلك، فقد تم تصنيف جميع الكيانات العراقية المرتبطة بهذا الفكر الإيراني الخبيث كمنظمات وجماعات إرهابية.
ومن هذا المنطلق يرى العديد من المراقبين ضرورة عقد مؤتمر دولي "يجرم كل الفكر والفرق الشيعية" التي تغذي الكراهية والعنف والتطرف، وتنشر القتل والدمار وتنتهك جميع حقوق الإنسان، وتقف ضد الحياة، وتنشر الموت، كما هو الحال بالنسبة للحوثية في اليمن.

جوهر المعركة
إن فكر الإرهاب وثقافة الموت ضد الحياة يقف أمامها اليمنيون اليوم، بل ويخوضون معركة مصيرية معها، لا يمكن تصنيفها على أنها صراع سياسي، بل دفاع عن حياة الإنسان اليمني، وصدى محاولة طمس ثورة 26 سبتمبر كهوية وطنية وركيزة للوجود اليمني الحديث. إنها معركة بقاء بين مشروع يفتح الأبواب على المستقبل، وآخر يريد أن يعيد اليمنيين إلى كهوف الماضي.
ويرى العديد من المثقفين اليمنيين أن الأمر يبلغ ذروته حين يزعم زعيم الحوثيين امتلاك "حق إلهي" في حكم الشعب وإقصاء اليمنيين، في زمن باتت قيم المواطنة المتساوية والديمقراطية وحقوق الإنسان من أبجديات العصر، وتتسابق الأمم إلى المعرفة والابتكار، بينما رجل الكهف الإمامي يريد أن يعيد اليمن إلى وهم التفويض السماوي، معتقدًا أن سلطته معصومة ومُنحت له بمشيئة إلهية على حساب إرادة الشعب.

وقفة أخيرة:
إنها مأساة وطن مختطف بيد عصابة لا ترى في الشعب إلا وقودًا لحروبها، لكن مهما طال الليل، ففجر الحرية قادم، وسيستعيد اليمنيون حقهم في حياة كريمة.

يا أجيال ثورة 26 سبتمبر: لن نستبدل الحياة بالموت، ولن نبدل الجنة بالنار، ولن نتخلى عن الحرية لنعود إلى عهد العبودية، ولن نساوم على التوحيد بالشرك.

والى وكلاء إيران الحوثيين نقول: اعلموا جيدًا أن أقدامنا ثابتة كثبات أهداف ثورة 26 سبتمبر، وسندوسكم بها، فلا مكان لكم بيننا.

إن فجر الـ26 من سبتمبر أضاء ظلمات تاريخ فكركم الضال، ودوت مدافعه لتعلن فجر الحرية والكرامة للإنسان اليمني، فلا توجد قوة على الأرض تستطيع الوقوف أمام ذلك الدوي الجمهوري المستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها.