
العملات المشفرة تتراجع تحت ضغط التوترات الجيوسياسية وتقلبات السياسات النقدية
سجلت العملات المشفرة أداءً سلبيًا نسبيًا خلال تعاملات الأسبوع الأخير، وسط أجواء مشحونة بالتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وعلى وقع عدم اليقين الذي يخيّم على الأسواق العالمية. وجاءت هذه التراجعات نتيجة مباشرة لإعادة ترتيب المستثمرين لمراكزهم المالية في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، ما دفع الكثيرين إلى تخفيف انكشافهم على الأصول عالية المخاطر، وعلى رأسها العملات الرقمية.
ورغم ما يُتداول عادة عن قدرة العملات المشفرة على لعب دور "الملاذ الآمن" في أوقات الأزمات، إلا أن الواقع الأخير كشف عن هشاشة في ثقة المتعاملين، خصوصاً في ظل ضغوط متزايدة من السياسات النقدية العالمية المتشددة، واستمرار أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، ما جعل الكثير من المستثمرين يعمدون إلى عمليات بيع واسعة النطاق.
أبرز التراجعات:
بيتكوين، العملة الأكبر في السوق، انخفضت من 105 آلاف دولار إلى 103 آلاف دولار خلال أسبوع، وهو نفس الأسبوع الذي شهد اندلاع الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران.
إيثريوم تراجعت من مستويات فوق 2500 دولار إلى 2400 دولار بحلول نهاية الأسبوع الثالث من يونيو.
سولانا انخفضت بدورها من مستويات تفوق 140 دولاراً إلى ما دونها بحلول 20 يونيو.
عملات أخرى مثل دوجكوين (Dogecoin) وإكس آر بي (XRP) شهدت تراجعات متفاوتة، لكنها عكست الاتجاه العام الهابط للسوق.
العوامل الضاغطة:
التصعيد الجيوسياسي في الشرق الأوسط: زاد التوتر بين إيران وإسرائيل من ضبابية المشهد الاستثماري، ما أثّر سلباً على إقبال المستثمرين على الأصول عالية المخاطر.
السياسات النقدية المتشددة: استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي في التلميح بعدم خفض أسعار الفائدة قريباً، شكّل عبئاً إضافياً على أسواق العملات المشفرة.
التقلب في أسواق الطاقة والسلع: ساهمت التحركات الحادة في أسعار النفط والمعادن في تعزيز الحذر الاستثماري وتوجه رؤوس الأموال نحو الأصول الآمنة.
محفزات لم تؤتِ ثمارها:
ورغم توفر بعض المحفزات التي قد تدعم السوق، مثل:
تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على تمرير قانون GENIUS لتنظيم العملات الرقمية المستقرة.
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤيدة لتقنين وتنظيم سوق العملات المشفرة.
إلا أن تأثير هذه العوامل ظل محدودًا في ظل الغلبة للعوامل الجيوسياسية والمالية.
آفاق السوق:
بحلول يوم الجمعة، بلغت القيمة السوقية الإجمالية لسوق العملات الرقمية نحو 3.31 تريليونات دولار. ويُجمع المحللون على أن المستقبل القريب مرهون بتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، إلى جانب استراتيجية البنوك المركزية الكبرى، لا سيما الاحتياطي الفيدرالي، والتي ستؤثر بشكل مباشر على اتجاهات السوق.
وفي ظل هذه التحديات، يترقب المستثمرون أي مؤشرات للتهدئة السياسية أو تغيرات في التوجهات النقدية قد تُعيد بعض الزخم الإيجابي إلى سوق الكريبتو خلال الأسابيع المقبلة.