
إسرائيل توسّع نطاق الحرب ضد الحوثيين باستخدام قوتها البحرية – بين التهديدات المتبادلة والقدرات الفعلية
اعتبرت مجلة فوربس الأمريكية أن لجوء إسرائيل مؤخرًا إلى استخدام قواتها البحرية في شنّ هجمات ضد مواقع حيوية تحت سيطرة الحوثيين في اليمن، يمثل تطورًا لافتًا يشير إلى تبنيها تكتيكات عسكرية جديدة في مواجهة الجماعة المدعومة من إيران.
ففي سابقة هي الأولى من نوعها، نفذت البحرية الإسرائيلية، يوم الثلاثاء الماضي، ضربة استهدفت ميناء الحديدة اليمني الخاضع لسيطرة الحوثيين.
ورافق العملية تحذير مباشر من وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي توعد الجماعة بـ"رد قوي وفرض حصار بحري وجوي" إذا استمرت في استهداف إسرائيل.
ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي بعد أسابيع من إعلان الحوثيين فرض "حصار بحري" على ميناء حيفا، وتهديدهم باستهدافه ضمن حملتهم على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. وهو ما دفع فوربس للتساؤل عما إذا كانت هذه التهديدات المتبادلة تمثل واقعًا عسكريًا محتملاً أم مجرد استعراض إعلامي.
و نقل التقرير عن الخبير البحري في معهد هدسون للأبحاث، برايان كلارك، قوله إن الحوثيين لا يمتلكون القدرة الفعلية على تنفيذ حصار بحري، وإنما يعتمدون على تكتيك "الهجمات المتقطعة" بهدف ترهيب شركات الملاحة. وهو الرأي ذاته الذي أكده المحلل الأمني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، محمد الباشا، موضحًا أن ميناء حيفا لا يتأثر عمليًا بالهجمات الحوثية، على عكس ميناء إيلات، الذي تأثر بالفعل نتيجة العمليات الحوثية المتكررة.
وأشار الباشا إلى أن الحوثيين لا يمتلكون الوسائل أو القوة البحرية اللازمة لتهديد مسارات الشحن في البحر الأبيض المتوسط، ما يضعف احتمال نجاحهم في تنفيذ أي حصار فعلي هناك.
و على النقيض من الحوثيين، تبدو إسرائيل -بحسب التقرير- أكثر قدرة على تنفيذ حصار جزئي أو توجيه ضربات محددة ضد الموانئ اليمنية، خاصة بفضل كورفيت "ساعر 6" المتطورة، التي تُعد من أبرز قطع الأسطول الإسرائيلي.
ورغم أن الهجوم الأخير على الحديدة اقتصر على إطلاق صاروخين فقط، فإن السفينة قادرة على البقاء في البحر لفترات طويلة، وتتميز بقدرات هجومية ودفاعية متقدمة، مثل صواريخ "غابرييل 5" المضادة للسفن، وصواريخ "ديليلا" بعيدة المدى، إلى جانب منظومة الدفاع الجوي "باراك 8" و"القبة الحديدية البحرية"، فضلًا عن قدرتها على حمل مروحيات هجومية مثل "سي هوك".
و أشار الباشا إلى أن سرعة وقدرة "ساعر 6" على المناورة تمنحها أفضلية تكتيكية مقارنة بالقطع البحرية الأكبر مثل حاملات الطائرات الأميركية، ما يجعلها منصة مناسبة لمواجهة تهديدات غير تقليدية كالتي يطرحها الحوثيون. وأضاف أن إسرائيل قد تستخدم هذه القطعة البحرية لاعتراض شحنات أسلحة إيرانية متجهة إلى الحوثيين، وهو جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع لقطع خطوط الإمداد دون اللجوء إلى حصار شامل.
مع ذلك، نبّه التقرير إلى أن فرض حصار بحري شامل على موانئ اليمن يبقى مهمة صعبة بالنسبة لإسرائيل، نظرًا للبعد الجغرافي، والكلفة اللوجستية، والمخاطر التي تفرضها القدرات الحوثية في استهداف السفن.
ويتوقع الخبراء أن تتجه إسرائيل نحو عمليات تفتيش محددة لسفن يُشتبه في تهريبها الأسلحة للحوثيين، عبر استخدام قوات كوماندوز بحرية مدربة، فيما أشار كلارك إلى أن هذا النهج قد يتطلب إشراك جزء كبير من القوة البحرية الإسرائيلية.
أما بشأن الغواصات الإسرائيلية من طراز "دولفين"، التي تمتلك قدرات هجومية متقدمة، فرجّح التقرير أن يُستبعد استخدامها في فرض الحصار نظرًا لصعوبة التمييز تحت الماء بين السفن المدنية وتلك المحملة بالأسلحة.
خلاصة التقرير
رأت فوربس أن إسرائيل، ورغم امتلاكها الوسائل العسكرية التي قد تخولها فرض حصار بحري على الحوثيين، إلا أن ذلك يظل رهين اعتبارات استراتيجية وتكلفة عالية. بالمقابل، تبقى قدرة الحوثيين على تهديد إسرائيل محدودة، وإن كانوا قد أثبتوا قدرتهم على تعطيل الملاحة في البحر الأحمر ومضايقة الموانئ الإسرائيلية عبر تكتيكات غير متكافئة.
وبين التهديدات المتبادلة والواقع العسكري، يبقى البحر الأحمر ساحة مفتوحة لتصعيد جديد، قد لا تقتصر تداعياته على إسرائيل والحوثيين فقط، بل تمتد لتشمل الأمن البحري الإقليمي والدولي برمته.