Image

الصين تسجل أسوأ انكماش في أسعار المنتجين منذ نحو عامين وسط تصاعد التحديات الاقتصادية

 سجّلت الصين في مايو (أيار) أسوأ انكماش في أسعار المنتجين منذ 22 شهراً، في ظل تصاعد التحديات الاقتصادية داخلياً وخارجياً، أبرزها استمرار التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، والأزمة المتفاقمة في قطاع العقارات، ما يزيد المخاوف من دخول ثاني أكبر اقتصاد في العالم في دوامة انكماشية طويلة الأمد.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء الصيني، الصادرة يوم الاثنين، أن مؤشر أسعار المنتجين (PPI)، وهو مقياس رئيس للتضخم على مستوى بوابة المصانع، تراجع بنسبة 3.3% على أساس سنوي في مايو، مقارنة بانكماش نسبته 2.7% في أبريل، ليسجل بذلك أسوأ أداء له منذ يوليو (تموز) 2023، وأقل من توقعات المحللين التي أشارت إلى انكماش بنسبة 3.2%.

وفي إشارة إضافية إلى تباطؤ الطلب المحلي، انكمش مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) للشهر الثاني على التوالي بنسبة 0.1% على أساس سنوي، كما تراجع بنسبة 0.2% مقارنة بالشهر السابق، على الرغم من الإجراءات التحفيزية الحكومية الرامية إلى دعم الاستهلاك.

ويرى خبراء أن هذا الانكماش يعكس ضغوطاً متزايدة داخل الاقتصاد الصيني، من بينها المنافسة الشديدة داخل القطاعات الصناعية، خاصة في قطاع السيارات الذي يشهد "حرب أسعار"، واستمرار انخفاض أسعار العقارات بعد استقرار مؤقت.

وقال تشانغ تشي وي، كبير الاقتصاديين في شركة "بينبوينت لإدارة الأصول": "الصين لا تزال تواجه ضغوطاً انكماشية واضحة... المنافسة المحلية الشديدة تدفع الأسعار إلى الهبوط، وأسعار العقارات تتراجع مجدداً".

وتؤثر هذه الضغوط أيضاً على سلوك المستهلكين الذين أصبحوا أكثر تحفظاً في الإنفاق، في ظل مخاوف من تراجع الدخل وعدم استقرار سوق العمل، ما يدفع الشركات إلى تقديم تخفيضات في الأسعار لتعزيز المبيعات، وهو اتجاه حذّرت منه الحكومة، خصوصاً في قطاع السيارات.

وعلى الصعيد الخارجي، تواصل الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة تقويض الصادرات الصينية، وسط ترقّب لجولة جديدة من المحادثات التجارية بين بكين وواشنطن تُعقد في لندن. ويُذكر أن الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ ناقشا في مكالمة هاتفية مؤخراً ملفات اقتصادية حساسة، لكن عدداً من القضايا الجوهرية لا يزال دون حل، مما يزيد من غموض المشهد الاقتصادي.

ورغم تسجيل ارتفاع طفيف في مؤشر التضخم الأساسي – الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة – بنسبة 0.6% في مايو مقارنة بـ0.5% في أبريل، اعتبر خبراء أن هذا التحسن لا يعكس انتعاشاً حقيقياً في الأسعار.

وقالت زيشون هوانغ، الخبيرة الاقتصادية في "كابيتال إيكونوميكس": "التحسن في الأسعار الأساسية يبدو هشاً... ونتوقع أن يستمر فائض الطاقة الإنتاجية في الضغط على الاقتصاد الصيني هذا العام وربما في العام المقبل أيضاً".

وتعكس هذه البيانات استمرار الضغوط الهيكلية التي تواجهها الصين، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى السياسات التحفيزية المرتقبة من الحكومة خلال النصف الثاني من العام، بهدف احتواء التباطؤ وتحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي.