
دموع الأربعيني... وفرصة المراهق: حين التقت أجيال المجد في ليلة واحدة
في نهاية المشهد، لم يكن الطفل صاحب الميدالية الفضية هو من بكى، بل كان الرجل الأربعيني... غارقاً في دموع الفرح.
كريستيانو رونالدو، الذي خاض على الأرجح واحدة من آخر محطات مجده الدولي، لم يتمالك نفسه وسقط على ركبتيه تأثراً، بعدما حسم روبن نيفيز لقب دوري الأمم الأوروبية لصالح البرتغال بركلة ترجيح حاسمة، وفقاً لما ذكرته شبكة "The Athletic". لحظة أخرى تُضاف إلى سجل لا يُصدق من الألقاب، هي الثالثة له مع بلاده في مسيرة تمتد لعشرين عاماً.
لكن المشهد كان أكبر من مجرد تتويج. كان صداماً بين جيلَين... بين من يستعد للرحيل ومن يطرق أبواب المجد مبكراً. لامين يامال، الفتى الإسباني المعجزة، واجه أسطورة لا تزال تُلهم، في واحدة من أندر اللحظات التي يتقابل فيها لاعب في سن الـ17 مع آخر يبلغ الـ40، في هذا المستوى من اللعبة.
رونالدو قال قبل اللقاء: «واحد يدخل المشهد، والآخر يغادره. إذا أردتم رؤيتي جزءاً من جيل سابق، فلا بأس». وبالفعل، رؤية الفارق الزمني بينه وبين يامال تكفي لتأكيد المعنى. والد يامال أصغر من رونالدو، وابنه كريستيانو جونيور يبتعد عن يامال بثلاث سنوات فقط. الفارق بينهما: 23 عاماً... مسيرة كاملة.
لكن نجم المباراة لم يكن لا العجوز الخالد ولا المراهق المبهر، بل الظهير البرتغالي نونو مينديز. اللاعب الشاب تألق بكل المقاييس: سجّل هدف التعادل، وصنع الثاني لرونالدو، وتكفّل بمراقبة يامال إلى الحد الذي أجبر فيه المدرب الإسباني على استبداله بين شوطي الوقت الإضافي.
لم تكن ليلة يامال. الصبي الذي أذهل فرنسا في نصف النهائي بدا شاحباً أمام القوة والتنظيم البرتغالي. توقعات العالم كانت أثقل من سنّه، ورونالدو حذّر قبل اللقاء: «دعوه ينمو... لا تضعوا عليه الضغط».
أما رونالدو، فكان حاضراً حين احتاجته بلاده. لم يلمس الكرة كثيراً، ولم يظهر بنفس السرعة، لكنه سجّل. الهدف رقم 938 في مسيرته، والـ138 مع البرتغال. وعندما قرر الخروج، كان ذلك بقراره هو، بعد أن أنهكه الألم، لكنه قال: «كنت مستعداً لكسر ساقي من أجل الفوز. وساعدت بالهدف».
رونالدو لم يعد اللاعب الذي يركض طوال 90 دقيقة، لكنه ما زال يملك تلك الغريزة... ذلك التوهج في لحظة واحدة، تكفي لصناعة الفارق.
في المقابل، يامال قد لا يكون مبالغاً فيه. أرقامه بالفعل خارقة: 21 مباراة دولية، 15 مساهمة في أهداف. 106 مباراة مع برشلونة، وهو لم يبلغ الـ18. مقارنته برونالدو في هذه السن تضعه في مقدمة مواهب جيله، وربما أجيال قادمة.
لكن الحقيقة الأكبر أن الزمن وحده من سيُجيب: هل سيملك يامال روح المقاتل التي أوصلت رونالدو إلى الأربعين وهو لا يزال يُسجل ويحتفل وكأنه طفل؟
قال رونالدو عن يامال بعد اللقاء: «إنه ظاهرة. سيفوز بكثير من الألقاب».
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل سيفوز بها وهو في الأربعين؟