Image

مفاوضات الدوحة تدخل مرحلة حاسمة وسط تصعيد إسرائيلي واهتزاز فرص الهدنة في غزة

تشهد مفاوضات الدوحة التي تدخل يومها السابع مرحلة جديدة مع بروز ملامح اتفاق مرحلي جزئي بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في ظل تأكيد أميركي على رغبة الرئيس دونالد ترمب في إنهاء الحرب هناك.

وتأتي هذه المفاوضات بالتزامن مع قرار إسرائيلي، تحت ضغوط أميركية وأوروبية، بالموافقة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. ورغم ذلك، يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الخطوة قد لا تؤدي إلى تغيير ملموس، في ظل استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في القطاع، محذرين من أن استمرار العنف يقضي على أي فرص لهدنة ولو ضئيلة، ما لم تتدخل واشنطن بشكل جدي وواضح لوقف الحرب.

انخراط أميركي ومساعٍ للتهدئة

أكد البيت الأبيض، الاثنين، أن إدارة ترمب ما زالت منخرطة في المحادثات مع طرفي الصراع، حسب ما نقلت وكالة «رويترز»، وذلك عقب تقديم المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عرضاً جديداً يسعى لمنح حركة «حماس» ضمانات بأن الاتفاق الجزئي الحالي قد يمهد لوقف الحرب بشكل كامل لاحقاً، مع الضغط على الطرفين لقبول العرض، بحسب تقرير موقع «أكسيوس» الإخباري الذي نقل عن مسؤول إسرائيلي ومصدر مطلع.

ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على العرض بـ«موافقة مبدئية»، لكنها كانت مشروطة ومليئة بالتحفظات. أما «حماس» فلم تمنح حتى الآن موافقة نهائية، بل طالبت بضمانات واضحة تحول التهدئة المؤقتة إلى دائمة. ويتضمن العرض إطلاق سراح 10 رهائن مقابل وقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين 45 و60 يوماً، إضافة إلى الإفراج عن معتقلين فلسطينيين.

وفي تصريحات لشبكة «سي إن إن»، أفاد قيادي في «حماس» بأن الحركة وافقت على الإفراج عن 7 إلى 9 محتجزين إسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، بالإضافة إلى إطلاق سراح 300 معتقل فلسطيني. من جهته، قال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع لقناة «i24NEWS» إن إسرائيل تسعى إلى التوصل لاتفاق ومستعدة لوقف القتال في أي لحظة.

واشنطن تبتعد عن زيارة إسرائيل لتجنب دعم توسيع العمليات

لم تكتفِ واشنطن بإعلان الرغبة في التوصل إلى اتفاق، بل قرر جي دي فانس نائب الرئيس ترمب إلغاء زيارة لإسرائيل، بحسب موقع «واللا» الإسرائيلي، تجنباً لأن تُفسر الزيارة على أنها دعم لتوسيع العملية العسكرية في غزة، خاصة في ظل ضغوط أميركية للتوصل إلى صفقة لإطلاق الرهائن ووقف إطلاق النار.

وفي خطوة متعلقة بالمساعدات، قرر المجلس السياسي-الأمني الإسرائيلي الأحد استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر القنوات القائمة، إلى حين إنشاء آلية جديدة.

آراء وتحليلات حول المفاوضات والموقف الإسرائيلي

يرى اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي والعسكري، أن رغم الجهود الأميركية المكثفة الأسبوع الماضي أثناء زيارة ترمب للمنطقة، فإن نتنياهو لن يتجه نحو وقف إطلاق النار أو السلام ما لم يوقف التصعيد العسكري الإسرائيلي، معتبراً أن قرار دخول المساعدات بشكل منفرد عن أي اتفاق يكشف عن عدم جدية رئيس الوزراء الإسرائيلي في التوصل لسلام.

وفي المقابل، يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال أن هناك ضغطاً كبيراً على الطرفين، لكنه يرى أن نتنياهو لا يرغب في السلام، ويتمسك بمواصلة العمليات العسكرية واحتلال غزة ونزع سلاح «حماس» وتدميرها، بينما تطالب الحركة بانسحاب كامل وضمانات حقيقية، ما يجعل المسافة بين الجانبين كبيرة ولا تحمل فرصاً كبيرة لهدنة. ويضيف نزال أن واشنطن لو كانت جادة في وقف الحرب لكانت فعلت ذلك فوراً، إذ أن الضغط الأميركي يتركز حالياً على إطلاق سراح الرهائن وليس وقف القتال.

ويصف نزال قرار إدخال المساعدات الإنسانية بأنه «هزيل»، إذ يسمح بإدخال 30 شاحنة فقط، بينما الحاجة الفعلية تصل إلى 600 شاحنة، وهو ما لا يؤثر على سير المفاوضات.

تصعيد عسكري إسرائيلي مستمر وتحذيرات من مناطق قتال

وسط المفاوضات، واصلت إسرائيل تصعيدها العسكري، إذ أرسل الجيش الإسرائيلي، الاثنين، تحذيرات لسكان مناطق خان يونس وبني سهيلا وعبسان بضرورة النزوح إلى منطقة المواصي، مع إعلان المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي عبر «إكس» أن محافظة خان يونس تعتبر من الآن مناطق قتال خطيرة.

جهود مصرية وقطرية مكثفة للتوسط

أكدت مصادر مصرية رفيعة لقناة «القاهرة الإخبارية» الأحد أن هناك اتصالات مكثفة يجريها الوفد الأمني المصري في قطر، بالتنسيق مع الجانب الأميركي، للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإفساح المجال أمام مفاوضات الهدنة ودخول المساعدات.

واستمرت جهود القاهرة والدوحة في محاولة احتواء التصعيد، وسط عدم تحقيق تقدم واضح حتى الآن رغم جولات الرئيس ترمب الأخيرة للمنطقة ومشاركة المبعوث الأميركي ويتكوف في المفاوضات غير المباشرة في قطر.

توقعات مستقبلية

يرى اللواء فرج أن جهود مصر لن تتوقف على أمل أن يصاحبها ضغط أميركي جاد، محذراً من أن استمرار التصعيد العسكري سيحبط أي محاولة لوقف الحرب أو إخراج الرهائن، مؤكداً أن التفاوض هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك، لكن الرهائن ليسوا أولوية لنتنياهو.

في حين يؤكد نزال أن نتنياهو يسعى للحفاظ على الحرب لتثبيت موقفه السياسي، موضحاً أن وقف الحرب ممكن لو ضغطت واشنطن بقوة ونيّة حقيقية، وإلا ستبقى المحاولات مقتصرة على اتفاقات جزئية غير شاملة.