27 أبريل .. حين تنفست اليمن ديمقراطيتها ثم خنقها الطغاة

قبل 10 ساعة و 42 دقيقة

في السابع والعشرين من أبريل 1993، خطت اليمن واحدة من أعظم خطواتها نحو المستقبل، عندما فتح الشعب دفاتر حريته على بياض، وكتب عبر صناديق الاقتراع أول فصل حقيقي من الديمقراطية في تاريخه المعاصر.

كانت اللحظة أشبه بانبلاج فجر طال انتظاره، فبعد عقود من الظلام الإمامي والأنظمة الشمولية، بدأ المواطن اليمني يشعر لأول مرة أن صوته له وزن، وأن إرادته تصنع مصيره.

ذلك اليوم الذي صنعه فخامة الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح والشرفاء من هذا الوطن لم يكن مجرد مناسبة انتخابية؛ بل كان ولادة جديدة لليمن، ورسالة قوية بأن هذه الأرض قادرة على أن تكون ساحة للتعددية السياسية، والتنافس السلمي، والحوار الوطني، لا ساحة للاقتتال والغلبة. كانت التجربة، رغم ما اعترى طريقها من صعوبات، تشكل بصيص أمل لدولة مدنية حديثة تحترم الحقوق والحريات.

لكن مع الأسف، سرعان ما جاء من خنق هذا الحلم، فبدلًا من تطوير التجربة الديمقراطية، تصاعدت موجات الفوضى والأنانية السياسية منذ 2011، وتحوّلت مطالب التغيير إلى معاول هدم ضربت أعمدة التوافق الوطني، ثم جاءت الطعنة الكبرى بانقلاب مليشيا الحوثي عام 2014، التي نزعت الغطاء عن الديمقراطية، وأعادت البلاد إلى أسوأ عصور الاستبداد، حيث الحق يُختزل في السلالة، والسلطة تنتزع بالبندقية.

اليوم، يطل السابع والعشرون من أبريل كذكرى موجعة أكثر منه احتفالًا، يذكّر اليمنيين بالحلم الذي كاد أن يتحقق قبل أن تسحقه جرافات العنف والطمع، ومع كل معاناة يعيشها المواطن، تتأكد الحقيقة الجارحة: لا مفر من الديمقراطية كخيار وحيد لليمن للنجاة، وللعبور نحو دولة يسودها القانون وتحكمها إرادة الناس لا شهوة السلاح.

لذلك، فإن إحياء ذكرى هذا اليوم ليس مجرد استذكار لماضٍ جميل، بل هو إعلان إيمان متجدد بأن اليمن الذي عرف طريق الحرية ذات يوم، لا بد أن يستعيده، مهما طال ليل الاستبداد، فإذا كان الشعب قد أراد حريته، فلن يستطيع ليل الاستبداد أن يطول، ولا بد أن تستجيب الأرض لنبض أبنائها يومًا.