أطلال النسيج الاجتماعي اليمني

11:18 2025/04/15

 في ظل هذه الحرب التي ابتلعت الوطن، لم تعد تُحسب آثارها فقط بحجم الدمار أو عدد الضحايا؛ بل امتدت لتطال أرقى ما كان يجمعنا، النسيج الاجتماعي.

ذلك النسيج الذي كان يومًا كالخيط الذهبي يربط القلوب ببعضها، صار اليوم ممزقًا بين طرفي النزاع، يئن من الوجع ويتلاشى في زحمة الخلافات والانقسامات.

كيف لنا أن نتصالح مع واقع يجعلنا غرباء عن بعضنا؟ 

إذا ما مات لك قريب في مناطق سيطرة الحوثيين، لا تستطيع الوصول لتشارك في تشييعه أو مواساة أهله، والعكس كذلك صحيح. 

كأن الحدود التي كانت ذات يوم مجرد وهم أصبحت جدارًا صلبًا يفصل بين العائلة الواحدة، بين الأخ وأخيه، بين الجار وجاره، وبين الحزن والتعاطف.

لقد مات جدي، وجدتي، وأعمامي، ومع كل فقد كنت أبحث عن طريق للعودة، للوقوف معهم لحظة الوداع الأخير، ولكنني لم أستطع الوصول إلى شرعب، إلى مسقط رأسي وبلادي التي كانت تحتضنني يومًا، ولكنها اليوم باتت بعيدة عني رغم أنها تعيش في داخلي.

هذه الحرب اللعينة لم تكتفِ بالدمار، بل مزقت النسيج الاجتماعي، فرّقت بين الأهل والأحباب، جعلتنا غرباء عن أرضنا وعن من نحب. أصبح الوطن منفى، وأصبحت الجغرافيا سجنًا يمنعك من أن تكون بجوار من يستحقون الحب والوداع.

ورغم هذه القسوة، يبقى الوطن نابضًا في القلب، ويبقى الأمل بأن يعود لنا اليمن كما كان، يجمعنا تحت رايته بعيدًا عن الحزن والانقسام. ربما ستظل المسافات تفصلنا لبعض الوقت، لكن الذكريات ستبقى أقوى من أي حرب، وأعمق من أي حدود.

 رحم الله كل من فقدنا، وأعاد لنا وطنًا بلا حواجز، بلا فراق، وطنًا يحتضن أبناءه جميعًا.