التدخلات الخارجية والاختلافات الداخلية..أهم أسباب إطالة الأزمة اليمنية
منذ عام 2014م واليمن تشهد واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية والسياسية في المنطقة، حيث أصبحت اليمن مسرحاً لصراع دامٍ أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وأدى إلى نزوح الملايين من اليمنيين.
ورغم بعض الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى إيقاف هذه الحرب التخريبية، إلا أن الأزمة اليمنية لا تزال مستمرة مع تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ولعلّ أبرز الأسباب التي ساهمت في إطالة عمر هذه الأزمة هي التدخلات الخارجية والاختلافات الداخلية، اللتان تتداخلان معاً لتفاقم الموقف وتمنع الوصول إلى حسم عسكري أو تسوية شاملة.
حيث تعد الاختلافات والصراعات الداخلية واحدة من أهم الأسباب الرئيسية التي ساهمت في إطالة الأزمة اليمنية، فلم تقتصر الأزمة على الصراع بين الحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية فقط، بل شملت أيضاً صراعات داخلية بين العديد من الفئات والمكونات السياسية والقبلية والمنطقية التابعة للشرعية، مما أدى إلى إنحراف مسار المعركة العسكرية، وتمزق القوى الجمهورية، وتعدد الأهداف والتوجهات السياسية، مما تسبب في تعقيد الأزمة اليمنية وأطال أمد الحرب والصراع في الجمهورية.
وإلى جانب الاختلافات الداخلية تبرز التدخلات والضغوطات الخارجية كعامل آخر ساهم بشكل كبير في تعقيد الوضع وإطالة أمد الأزمة اليمنية. فالصراع في اليمن لم يكن داخلياً بحتاً، بل شمل قوى إقليمية ودولية تتنافس على تحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. وقد ساهمت هذه التدخلات في استدامة القتال على الأرض، وتعقيد الحلول السلمية، وعرقلة الحلول العسكرية، وتفاقم الازمة الإنسانية.
لقد أدت الاختلافات والانقسامات الداخلية، والتدخلات والضغوطات الخارجية، وغيرها من الأسباب الأخرى كالفساد المستشرى في الأجهزة الحكومية، وانشغال قيادات المكونات والفصائل الشرعية بالاستحواذ على المناصب الحكومية، وتحقيق المكاسب المادية، والتوسع في المناطق المحررة، إلى عرقلة العملية العسكرية واستكمال تحرير ما تبقى من المناطق والمحافظات الخاصعة لسيطرة العصابة الحوثية.
علاوة على ذلك، فإن استمرار الاختلافات الداخلية والتدخلات الخارجية واستمرار تدفق الدعم الخارجي للأطراف المختلفة يزيد من صعوبة تحقيق تسوية محايدة تلبي تطلعات جميع المكونات السياسية.
ولذلك فإن الأزمة اليمنية ما زالت تعاني من تعقيدات خارجية وداخلية، جعلت من اليمن ساحة مفتوحة لتجاذبات متعددة تعيق الحلول السلمية، وتعرقل الحلول العسكرية، وتطيل أمد الصراع وتضاعف من مآسي ومعاناة الشعب اليمني.