حكومة الواتساب
لا شك أن الخدمة الاجتماعية "واتس اب" أداة رائعة للتواصل السريع وتبادل المعلومات، ولكن أن تتحول إلى مركز عمليات الدولة، فهذا قمة العبث والاستهتار. هل يعقل أن تُتخذ القرارات المصيرية، وتُدار الأزمات، وتُرسم السياسات عبر دردشات عابرة ورسائل صوتية مرتجلة؟.
أين الشفافية؟ أين آليات الرقابة والمساءلة؟ عندما تُختزل الدولة في مجموعة "واتساب"، يصبح كل شيء ضبابيًا وغير خاضع للتدقيق.
لا أحد يعرف من يقرر، وكيف يقرر، وما هي المعايير التي يعتمد عليها. تتحول الدولة إلى عزبة خاصة، يديرها المقربون والموثوق بهم، بعيدًا عن أعين الشعب وممثليه.
ماذا عن المؤسسات الحكومية العريقة؟
ماذا عن الخبرات والكفاءات المتراكمة؟.
عندما يحل "الواتساب" محل الاجتماعات الرسمية والدراسات المعمقة، يتم تهميش الكفاءات وتجاهل الخبرات، يصبح الولاء الشخصي أهم من الكفاءة المهنية، وتصبح القرارات حبيسة أهواء ومصالح ضيقة.
بالتالي ستكون النتيجة الحتمية هي الفوضى والارتجال، قرارات متضاربة، سياسات غير متسقة، وأزمات تتفاقم بسبب سوء الإدارة والتخبط. يصبح المواطن هو الضحية، يدفع ثمن قرارات غير مدروسة وتخبطات لا تنتهي.
ولا يمكن تجاهل البعد الأخطر،الفساد والمحسوبية عندما تُدار الدولة في الخفاء، ويصبح الفساد أسهل وأكثر انتشارًا، تُمرر الصفقات المشبوهة، وتُمنح الامتيازات للمقربين، وتُستغل السلطة لتحقيق مكاسب شخصية والضحية دائمًا هو المواطن الذي يدفع الضرائب ويحلم بدولة عادلة وشفافة.
إلى متى ستستمر هذه المهزلة ياشرعيتنا الموتسبه إلى متى ستُختزل الدولة في مجموعة "واتساب" ياشرعية الخذلان؟
كفى عبثًا بمقدرات الوطن ومستقبل الأجيال. آن الأوان للعودة إلى المؤسسات، وتفعيل آليات الرقابة والمساءلة، وإعلاء قيمة الكفاءة والشفافية.
إن إدارة الدولة ليست لعبة، ولا يمكن اختزالها في دردشة عابرة. إنها مسؤولية عظيمة تتطلب حكمة وعقلانية وتفانيًا في خدمة الوطن والمواطن. فهل من مستجيب؟.