كيف كنا في عهد صالح وأين أصبحنا ؟!
اليوم، تمر علينا ذكرى عطرة لميلاد قائد وطني وزعيم بحجم الشهيد علي عبد الله صالح..
في هذا اليوم عرج عليّ شريط الذكريات منذ ان غادرت أسرتي عدن في 1978 في رحلة الهروب الى الشمال تاركين خلفنا كل شيء متوجهين الى تعز في رحلة الحياة الجديدة التي لم نعهدها ونحن أطفال، إلى جانب ما وقعت عليه أعيننا من الفارق الحضاري بصورته الحديثة ما بين الشمال والجنوب .
تعز ذات الطبيعة الخلابة كانت تفتقر للكهرباء وغاب عن شوارع احيائها الطرقات المعبدة. وجدنا الفانوس كمصدر للضوء والحمير للتنقل في المكان التي توقفت فيه محطتنا ووضعنا فيها ترحالنا بعد رحلة مليئة بالمصاعب بينما عدن فيها اول طريق بالشرق الاوسط وعرفت الاذاعة والتلفزيون ومواصلات النقل وغيرها من التكنولوجيا المتقدمة وشعرنا وكأننا انتقلنا من مدينة الى قرية .
مرت السنوات في عهد صالح الذي تولى قيادة البلد في 78 واخذت تعز كغيرها من المحافظات الشمالية تسير نحو البناء والتنمية ودخلت مشاريع الكهرباء في كافة المناطق المحرومة من الخدمة وبدأت الناس يدخلون التكنولوجيا من الاسر الفقيرة والمتوسطة الحال الى منازلهم بعد ان كان في السبعينيات من النادر ان تشاهد جهاز التلفاز في كل بيت.
في الثمانينيات، تغير كل شيء واصبحت مدننا ومحافظاتنا عصرية بكل ما تعني الكلمة، افتتحت المزيد من المدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية ودشنت المشاريع الخدمية وزفلتت الطرقات الترابية وكنا نشاهد الرئيس صالح في كل مناسبة وطنية يفتتح المشاريع واخذت الاخبار تتحدث عن مفاوضات وحدوية الى ان فتحت الزيارات بين الشطرين سابقا أواخر الثمناينيات وكانت الزيارة الى مدينتي عدن وحافة الشيخ عثمان مسقط رأسي وذكريات طفولة طالب غادرها وهو في الصف الثاني ابتدائي لم يتغير اي شيء في عدن نفس الطرقات ونفس الابنية التقدم الذي كانت تباهي به الامم ظل متوقفًا عكس الشمال الذي تغير وتطور وبصورة متسارعة في ظل حكم الزعيم صالح .
إن ما يميز عهد الزعيم علي عبد الله صالح، عهد البناء والنهوض التنموي كان الطالب المتفوق يحصل على منحة دراسية للخارج وكنت احد الطلاب ممن حصلوا على منحة دراسية الى الاردن دون اي تميز مناطقي او اسري او عصبوي وطائفي اوحزبي حتى بعد التخرج كان من السهل الحصول على الوظيفة العامة. استغرق الامر اقل من شهر لأتوظف بمؤسسة الجمهورية وهناك شاء القدر ان اكون مرتبطا باخبار وانشطة الدولة بعد ان عينت فيها مديرًا للأخبار. في هذه الادارة كنت على اطلاع عن قرب لحجم المشاريع التي شهدتها اليمن قبل الوحدة وبعدها، لا تمر مناسبة وطنية الا وتحرك مسؤولو الدولة كخلية نحل يفتتحون المشاريع الخدمية والتنموية بكافة المحافظات مشاريع بالصحة والتعليم والطرقات والمياه والكهرباء والاتصالات بمليارات الريالات ولهذا عرف علي عبد الله صالح ببشير الخير.
تجده بكل محافظة يدشن مشروع او يضع حجر اساس، وليس هذا وحسب كان المواطن يعيش في أمن واستقرار لا يخشى على روحه او ماله يتنقل من الحديدة الى شبوة ومن تعز الى المهرة وهو آمن
مطمئن، جنودنا البواسل تحرس الطرقات من القتلة وقطاع الطرق.
اليوم، ما الذي حل باليمن بعد 2011؟، عجلة البناء توقفت وجاء بدلًا عنها معول الهدم، وغاب السلم الاجتماعي وجاءت الحرب بما تحمله من دمار وخراب وامام ما حل بنا لا نجد إلا أن نتمنى عودة عهد عفاش ونظام عفاش، فبعد رحيله خسرنا كل شيء في دوامة الحرب التي تكاد ان لا تنتهي.