عشر سنوات من الخداع والخيانة..!!
هل تريد الشرعية حقاً إنهاء الانقلاب والتخلص من مليشيا الحوثي الإرهابية..؟!
سؤال يبدو غبياً للوهلة الأولى بالنظر إلى الصورة العامة لوضع اليمن وأزمته الراهنة.. أو على الأصح الصورة التي أريد لها أن تبدو داخل بروازها، الذي لا يزال راهناً وواقعاً يعاش، سواء أقبل به اليمنيون أم أبوا، فلا خيار لهم غير القبول القهري به.. وذلك باعتبار أن الشرعية قوة مناهضة أو يجب أن تكون مناهضة للانقلاب وعدواً له في الظاهر أو ما يفترض أن يكون عليه الحال..!!
ولكن عند النظر إلى الخلفيات والإمكانات والممكنات الطبيعية أو الاعتيادية، وما يجب أن يكون عليه الأمر، فالواقع يقول أن هذا الانقلاب بكل قواته وقدراته وإمكاناته أدنى وأضعف من أن يستمر، أمام دولة ذات سند شعبي ودولي وقوة عسكرية منظمة، لبضعة أشهر، فما بالنا بعشر سنوات..؟! ولكن لأن هناك من يريد للأمر أن يكون بهذه الكيفية وبهذا الشكل، دون النظر لأي ظواهر ومظاهر ونتائج وخسائر، وبدون تفعيل للمنطق والواقعية أياً كانا، فإن هذا الوضع مستمر وسيستمر، ما دام هناك محرك متحكم، يدير من الخارج وبإطلاقية تامة، كل تفاصيل ومتغيرات المشهد اليمني، منذ أول لحظة في إعلان الانقلاب وفي المقابل إعلان الحرب المزعومة ضد هذا الانقلاب..!!
إن كل تحرك ومتغير بل وكل لحظة تمر في هذه الأزمة، هي فرصة متاحة لإنهاء الانقلاب والتخلص من الجماعة الإرهابية المنقلبة، والتي أدى انقلابها، بشكل مثير للاستغراب، إلى انهيار منظومة الحكم في البلاد من أقصاها إلى أقصاها، إن لم يكن بشكل مباشر، فبشكل تراتبي ليس فيه من التراتبية إلا مظهره، الذي يفرض نفسه على الواقع فرضاً قسرياً، وفيه من التناقضات ما يدل على أن ما يحدث في اليمن، أكبر بكثير من كونه مجرد انقلاب من جماعة متمردة، كان وما يزال بإمكان وحدات صغيرة من جيش الدولة أو فئات الشعب ومكوناته الاجتماعية ركلها إلى ما بعد آخر الوجود بمسافة كافية للأمان واسترجاع نسق الحياة إلى وضعه الطبيعي وبأريحية فائقة..!!
ولعل من مظاهر هذا الزيف السيء الذي نعيشه ويتغشى واقع الأزمة اليمنية، دخول وضع الهدنة غير المعلنة، وغير القائمة على مبادئ واضحة أو اتفاقات محددة، تجعل منها هدنة طبيعية في نظر اليمنيين وفي نظر العالم أجمع.. هدنة في حقيقة الأمر لا تعدو كونها تخفيفاً غير مبرر لما تواجهه الشرعية من مساءلة شعبية وجماهيرية، تفرض عليها إنجاز الواجب الذي تكفلت به، والمتمثل في التخلص من هذا انقلاب شبه وهمي، يتناقض وجوده مع كل فرضيات ولوازم الواقع..!! هدنة مفتوحة لا ضوابط فيها ولا اشتراطات ولا صورة واضحة لما يجب أن يكون عليه حال اليمنيين، بعد سنوات من الحرب، الحرب التي لا يفترض بأي حال من الأحوال أن تكون متكافئة، بالنظر لموقع وواقع طرفيها..!!
كل ذلك حدث ويحدث إلى أن يغدو الانقلاب التافه ظاهرة دولية عظمى..!! وتغدو هذه الجماعة المتمردة الضئيلة أكثر وأكبر من واقعها الحقيقي..!! ويصور أمرها وكأنها تتحدى العالم أجمع، وفي مقدمته قوى عظمى، كالولايات المتحدة الأمريكية، التي يعلم العالم أجمع أن بإمكانها أن تُرضخ أقوى الأنظمة والتشكيلات السياسية والعسكرية والاقتصادية في العالم، بمجرد خطاب أو رفع سبابة، كما يحصل مع روسيا والصين وأنظمة وقوى الشرق الأدنى، التي تحظى بفوارق مفتوحة المدى، عن مجرد جماعة متمردة، بإمكان وحدات من جيش صغير تحويلها إلى رماد في وقت قياسي..!!
إننا كيمنيين ومعنا الكثير من الشعوب والمعنيين بقضايا شرقنا الملعون، نتعرض لخداع قبيح، يجب ألا يستمر أكثر مما استمر، ويجب على الشرعية كممثل للأغلبية العظمى من أبناء الشعب، ألا تتقبل ما طرحت فيه من وضع، يتضاءل سنده والإيمان به والركون عليه يوما بعد آخر، بل لحظة بلحظة.. عليها أن تكون أكثر شجاعة مما تظهر عليه، وأن تشرح موقفها وتبرر ما تبدو عليه من وضع، لا يمكن وصفه بغير المتخاذل، وإن كان هذا التصرف آخر ما تقوم به في وجودها، لأن ذلك سيكون أكثر شرفاً ونبلاً من أن تبدو في نظر الشعب بكل هذا الضعف وكل هذا الخذلان للوطن وللشعب، فهذا الخذلان المبهم بات يركنها كرسي الاتهام بالخيانة..!!