الحكومة اليمنية والضربات الأمريكية .. غياب الموقف في لحظة حاسمة
بدأت الضربات الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن، كرد مباشر على تهديداتهم المتزايدة للملاحة الدولية في البحر الأحمر، مما شكّل تطورًا مهمًا في المشهد السياسي والعسكري اليمني.
ومع هذا الحدث البارز، من المتوقع أن تتحرك الحكومة اليمنية بسرعة لتوضيح موقفها واستثمار الظرف لتعزيز شرعيتها، لكن المفاجئ أن رد الفعل الرسمي ما زال غائبًا حتى الآن، مما يثير تساؤلات حول سبب هذا الصمت وتأثيره على مستقبل اليمن.
الواقع أن الحوثيين، بتصرفاتهم الرعناء، استدعوا هذا التدخل الدولي لتسويق أنفسهم فى الداخل والخارج كقوة داخل اليمن ولها تأثيرها على الاقليم والعالم . فقد تجاوزت ممارساتهم حدود الحرب الداخلية، إلى تهديد المصالح العالمية، وهو ما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا للتحرك العسكري ضدهم. في المقابل، هناك حكومة يمنية معترف بها دوليًا، لديها جيش ومؤسسات، وهي المسؤولة عن إدارة البلاد وبسط السيطرة على كامل التراب الوطني وفقا لدستور الجمهورية اليمنية ، لكن التساؤلات بدأت تتزاحم حول غياب موقف واضح في مثل هذه اللحظة والتى يجعلها تبدو وكأنها مجرد متفرج في صراع يخصها بالدرجة الأولى.
كان من الضروري أن تبادر الحكومة الشرعية بإصدار بيان رسمي يوضح موقفها من الضربات الأمريكية، بحيث يكون خطابها قائمًا على تحميل الحوثيين مسؤولية ما يجري، والتأكيد على أن استمرار انقلابهم واعمالهم الارهابية بحق الشعب اليمني وتهربهم عن استحقاقات السلام هو السبب الرئيسي في زعزعة استقرار اليمن والمنطقة.
كما كان عليها استغلال الظرف لتعزيز دورها دوليًا، من خلال التأكيد على أنها الجهة الوحيدة المخولة بإدارة اليمن، والمطالبة بدعم دولي مباشر لاستعادة الدولة وبسط سيطرتها على كامل التراب الوطنى ، بدلًا من الاقتصار على الضربات الجوية التي قد تكون محدودة التأثير على المدى الطويل.
على الصعيد العسكري، فإن الضربات الأمريكية تمثل فرصة لا يمكن تفويتها. فالحوثيون الآن في وضع دفاعي، والتوتر الذي يعيشونه بعد استهداف بعض قياداتهم وبعض مواقعهم العسكرية يجب أن يُستغل بتحركات عسكرية من قِبل القوات الحكومية، لتعزيز السيطرة على الأرض، وفتح جبهات جديدة تستنزفهم وتدفعهم إلى التراجع.
أما على المستوى الدبلوماسي، فالحكومة الشرعية بحاجة إلى تحرك سريع، عبر توجيه رسائل رسمية إلى الأمم المتحدة والدول الفاعلة، تؤكد أن إنهاء الأزمة في اليمن لا يكون عبر ضربات جوية فقط، بل من خلال دعم الجيش اليمني وتمكينه من استعادة الدولة ومؤسساتها، لأن استمرار الانقلاب الحوثي هو السبب الأساسي في هذا التوتر الإقليمي.
إن استمرار الصمت الرسمي قد يجعل الحكومة تبدو وكأنها غائبة عن المعادلة، بينما الواقع يفرض عليها أن تكون في صدارة المشهد، تقود الرأي العام وتوجه الخطاب السياسي بما يخدم استعادة الشرعية وتثبيت حضورها كدولة لها وزنها فى معادلة الصراع الدولى فى المنطقة وخلق شراكات وتحالفات تقوى هذا الحضور ولا نريد اهدار الفرص اليوم أكثر من أي وقت مضى.
تحتاج الحكومة إلى أن تثبت للعالم أنها قادرة على الإمساك بزمام الأمور، وأنها الطرف الوحيد القادر على إنهاء الصراع، وإعادة اليمن إلى مساره الطبيعي، بعيدًا عن الفوضى التي فرضتها المليشيات المسلحة.