هذه بلاد أم مصح عقلي..؟!

11:42 2025/03/08

مثلما يخرجك مصور ومعلق من أجواء وأحداث مباراة مصيرية، إلى مشاهد جانبية لا قيمة لها في المدرجات أو إلى تفاصيل مجانية على هامش الماتش، ينجح مديرو وأطراف الأزمة اليمنية في لفت انتباه المهتمين وغير المهتمين، وفي مقدمة الجميع المعنيون والمتضررون من تطاول وترهل هذه الأزمة، من قلب الأزمة إلى هامشها، بأفيشات ومشاهد إلهائية تعودنا على تلقيها وجرنا قسراً إليها، بالرغم من هامشيتها وأحيانا تفاهتها، مهما كان ارتباطها بأسباب ومتغيرات الأزمة، التي يفترض ألا تحتمل مثل تلك الترهات، وأن يكون التعاطي معها أكثر جدية وحساسية، نظرا لما صار إليه حال اليمنيين كشعب من تدهور وانتكاس نتيجة هذه التأزم الخانق الذي يفترض واقعيا ألا يستمر مثلما استمر لعشر سنوات..!!

من انبطاحات حمود شرف الدين المخزية وفريقه في لبنان، وذلك الكم الهائل من الصور ومقاطع الفيديو (التي تسربت وربما سُربت له..!!) إلى مسلسل معاوية، وتلك المناوشات والمناورات المفتعلة بين معاوية وعلي ابن أبي طالب (اللذين توفيا منذ أكثر من 1400 سنة..!!)، اشتعلت ولا تزال تشتعل حرب افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، وكأن هذا هو جوهر قضيتنا، وكأن مشكلة وأزمة اليمن واليمنيين وما يحدث لنا في هذا البلد المغبون، ليس انقلاباً ولا تدميراً للوطن ولا تمزقا ولا تشرداً وجوعاً لمعظم أبناء الشعب، ولا حرباً بين شعب ووطن ودولة من جهة وبين مليشيا إرهابية متمردة من جهة أخرى..!!

وهكذا يتم التلاعب بنا منذ أكثر من عشر سنوات، باختلاق مثل هذه الترهات والمعارك الوهمية الجانبية، في محاولات تنجح في الغالب في إلهائنا رغماً وطوعاً، وكأننا مجرد لفيف من المعتلين النفسيين أو المرضى العقليين، يتم التلاعب بهم في مصح نفسي أو عقلي، بل إن أولئك أفضل وأعلى رتبة منا، فهم يتم التلاعب بهم في حين تجري معالجتهم، ليتجاوزوا حالتهم المرضية، بينما نحن يتم التلاعب بنا وبعقولنا دون أفق واضح، أو وعد بشيء يمكن أن ننتظره، بعد هذه الألعاب والخدع التي تمارس في حقنا منذ ما يقرب من عشر سنوات، كما أن علاج أولئك لن يحتاج لكل هذا الوقت، ونسبة فرص تعافيهم أعلى بكثير منا، بل أن فرصنا في التداوي تكاد تكون منعدمة، ما دمنا على هذا الحال الذي نعيشه، وسنظل كذلك إلى أمد غير معلوم، ما دمنا لا نستطيع حتى أن نحرك ساكناً ولو بسيطاً في طريق الخلاص والدفاع عن حقنا في الحياة..!!