
27 فبراير.. يوم مشهود في تاريخ اليمن
طواعية ليس بالاعتصامات ولا بقطع الطرقات ولا بتفجير أنابيب النفط ولا بضرب أبراج الكهرباء، سَلَّم الرئيس علي عبدالله صالح السلطة لخلفه عبد ربه منصور هادي في السابع والعشرين من فبراير 2012، حتى لا تنزلق البلاد إلى ما وصلت إليه اليوم من وضع كارثي في شتى المجالات.
الدم اليمني بالنسبة للرئيس الشهيد على عبدالله صالح كان غاليًا وهو ما أكده في أكثر من مناسبه وأكثر من خطاب، حيث أعلن أكثر من مرة أنه كان مستعدًا أن يضحي بالغالي والنفيس من أجل بلاده.
على الرغم من جراح استهداف رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح في دار الرئاسة في العام 2011 ومحاولة اغتياله، إلا أنه وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وعمل على تعزيز كلمته من خلال رسم مسار انتقالي للسلطة تم ذلك عبر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وفقاً للمبادرة الخليجية، مما ساهم في تحريك المياه السياسية وإرساء مرحلة جديدة تهدف إلى إعادة اليمن إلى مساره الصحيح.
كان هدف الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح هو تهيئة الأجواء للديمقراطية، وإنهاء آثار الماضي، وتفويت الفرصة على المتسلقين الذين يسعون للوصول إلى السلطة عبر العنف.
ورغم أن تسليم الرئيس علي عبدالله صالح للسلطة كان خطوة مهمة نحو الديمقراطية والاستقرار، لكن الطريق لتحقيق هذه الأهداف كان صعبًا ومليئًا بالتحديات وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن ليحل الخراب والدمار في جميع أنحاء البلاد ويعود حكم الكهنوت ليشعل حربًا مدمرة أكلت الأخضر واليابس، ويدخل البلد في نفق مظلم.
مثَّل انتقال السلطة في اليمن سلميًا في عام 2012 بداية لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد، ولم يكن ذلك حدثًا عاديًا، بل كان نقطة تحول حاسمة في تاريخ اليمن. فقد جاء بعد الفوضى التي شهدتها البلاد في عام 2011، حيث أصر الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح على تسليم السلطة بشكل سلمي من خلال الانتخابات، وذلك بهدف تجنيب انزلاق البلاد نحو الفوضى.
وفيما سعى الرئيس علي عبدالله صالح إلى تجنيب البلاد كل الفوضى، لكن شركاء الساحات أصروا على استكمال مشروعهم التدميري لكل اليمن، ولم يكن مشروعهم ضد الرئيس صالح فقط، بل كان ضد اليمن أرضاً وشعباً، وبالمقابل واجه الزعيم مخططاتهم بكل ثبات وحزم وحنكة وأفشل العديد من مؤامراتهم، وبيّن للجميع حجم المؤامرات التي حيكت ضد اليمن.
لم يكن يعلم عيال الساحات في 2011 الذين كانوا ينادون بسقوط النظام، العواقب السلبية التي قد تنجم عن سقوط النظام، وأن "سقوط النظام" يعني الفوضى والخراب والدمار وانهيار البنية التحتية وتفاقم الأزمة الإنسانية وعودة الإمامة من جديد.
ورغم هذا الجراح، لا يزال الشعب اليمني يحمل شمعة الأمل في قلوبهم، ويصارعون من أجل استعادة حقوقهم وإعادة بناء وطنهم الذي دمرته عصابة الحوثي الإرهابية "وكلاء ايران"، وبناء مستقبل أفضل لأجيالهم القادمة تعود فيه الديمقراطية والاستقرار، وتسطع شمس الحرية والعدالة من جديد.
ويبقى السؤال: هل تعلَّم الشعب اليوم من هذه التجارب وفهم أن التغيير يجب أن يتم بحكمة وبتنظيم وبخطة واضحة لضمان عدم تكرار الأخطاء التي قد تؤدي إلى الفوضى والدمار؟.