اذا لم تستحي فاصنع ما شئت

قبل 5 ساعة و 8 دقيقة

في اليمن لا احد يحسب الوقت بالدقائق والثواني بل بكمية الآلام والمآسي التي تمر على حياة اليمنيين حتى أصبحت كسياط من نار تجلد أرواحهم المنهكة وتفتك بهم إلى أقاصي العذاب.

يوم بعد آخر، تتفاقم معاناة الشعب اليمني وتتضاعف آلامه وشكواه في شتى المناحي الإنسانية والاقتصادية والخدماتية، وأصبح المواطن المغلوب على أمره محاصر بالأزمات من كل حدب وصوب وهو يكابد بورصة الأسعار وارتفاعها بشكل جنوني دون حسيب او رقيب، و يعاني من انعدام الأمن و الأمان، وانقطاع  الكهرباء والماء و الخدمات الصحية و التعليمية، يبحث عن مغيث، ينادي على دولته، وحكومة، على المجلس الرئاسي ولا حياة لمن ينادي..

وفي خضم كل هذه المآسي التي يعيشها اليمنيون، نجد المجلس الرئاسي لا يقيم أي وزن لكل تلك الأوضاع المتفاقمة يومًا بعد آخر، وكأن الأمر لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد، وفقدوا بذلك كل المعاني الوطنية وكل ضمير وكل ولاء لهذا البلد ولهولاء المعذبين في الداخل، ونجد الحكومة المغتربة تدير أعمالها بالواي فاي ومراسلات الواتس يوهمون انفسهم بأنهم دولة بينما اغلبهم متسلقون يبيعون الوهم ويجنون أموالًا تتدفق إلى خزائنهم عبر صفقات الفساد وما أدراك ماصفقات الفساد ! .

إن ما يثير السخرية والاستغراب حقًا، استخفاف هؤلاء بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم،  لا يحملون أدنى شعور بما تسير إليه البلاد من منزلق.  ففي الوقت الذي تعاني فيه محافظتي عدن و لحج من انعدام للكهرباء، و ارتفاع اسعار الصرف، وما شهدتهما  المحافظتين من احتجاجات جراء انعدام الخدمات، لا نجد أي إجراءات حقيقية عدا التصريحات الرنانة من الحكومة او مجلس القيادة الرئاسي لامتصاص غضب الشارع، و لم يكلفوا انفسهم بالعودة الى أرض الوطن كي يشاركوا الناس أوجاعهم و التخفيف على المواطنين وطأة الظروف المعيشية.

ورغم علمهم بسوء الخدمات فقد اكتفوا بتلبية بعض النداءات الفردية من أجل أن ينالوا التمجيد و الشكر و الثناء، متناسين أن المواطن وأحواله من صميم عملهم، وانها لو كانت حكومة بحق ومجلس قيادة رئاسي يعون مسؤولياتهم الوطنية والإنسانية لما أحتاج المواطن للمناشدات والاحتجاجات والمظاهرات ليعبر عن غضبه.

لم يتمكن مجلس القيادة الرئاسي او حكومة بن مبارك من تنفيذ أبسط مقومات الحياة للموظف المغلوب على أمره باستلام مرتبه بانتظام و لكن للاسف يتقاضى راتبه بصعوبه بالغة وبشكل فصلي او نص سنوي رغم ان لديهم من الايرادات ما يكفي لصرفها و لكن اخر همومهم الموظفين و المواطنين الذي يعانون الأمرين من سوء الأوضاع  ومن غياب الراتب، وإن حضر أصبح لا يتجاوز ثلاثون دولارا.

هذا بالإضافة إلى مجلس النواب الذي لا ندري عن من ينوب بالضبط إذا كان لا نفع له بحياة المواطن اليمني، والحفاظ عن حقوقه المكتسبة وفق الدستور والقانون  بحكم انه مجلس رقابي و تشريعي ويعول عليه في أمور البلد إنما برلماننا لا وجود له ولا حضور، وكالعادة يدير اعماله عن بعد وعبر الواتس، وأجزم ان دوره الرقابي معدوم تمامًا واصبح عدمه افضل من وجودة و يكتفي اعضاؤه بالسفريات و حضور مجالس العزاء او الأفراح والمواطن له الله.

حقيقة، إن مجلس القيادة الرئاسي و الحكومة ومجلس النواب قد سقطوا إلى أدنى المستويات بعد ان فقدوا ثقة مواطنيهم، والشارع اليمني قد فقد ثقته بهم تمامًا والشاهد على ذلك كمية السخط الشعبي ضدهم والأولى بهم أن يغادروا ويرحلوا حفظًا لماء الوجه.

الناس تموت جوعًا وفاقة، وحالات الانتحار تتزايد نتيجة سوء الأوضاع وترديها، التسول والفقر والأوبئة تتفاقم، وما من مغيث، بينما الحكومة مشغولة بالعمل على الواتس اب و مجلس القيادة الرئاسي بالواي فاي لعقد اجتماعاته والألف حرامي على الارائك متكئين.

للأسف ، حكومة المراسلات والمكبرات الصوتية سخَّرت وسائل الإعلام لتلميع أعمالها الوهمية ونفخ فلان وعلان بينما الواقع مزرٍ حد البكاء حتى أصبحت ظاهرة صوتية مقرفة يشمئز منها اليمنيون.

ان حكومة و مجلس القيادة الرئاسي للاستهلاك الإعلامي  لن يرمموا الأوضاع ولن يصلحوها طالما بينهم وبين شعبهم بُعد المشرق والمغرب، وما من حل إلا عودتهم إلى أرض الوطن  كي يستعيدوا بعضًا من ثقة الناس ويشاركون ويخففون عنهم ما يمرون به لعل وعسى تسترجع آدميتهم التي فقدوها في عيون اليمنيين، أما دون ذلك سنظل نحرث في بحر مع مسؤولين ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل : "إن لم تستحي فاصنع ما شئت".