اغتيال الوطنية في السفارة اليمنية .. فساد بلا حدود واستغلال

10:31 2025/02/16

في مشهد يعكس أبشع صور الفساد السياسي والاقتصادي الذي ينخر في جسد الدولة اليمنية، يتصدر أسم حسام الشرجبي قائمة الفاسدين الذين حولوا العمل الدبلوماسي إلى تجارة مربحة ونهب منظم للمال العام
هذا الشخص، الذي ظل يملأ الآذان بشعارات الشرف والنزاهة خلال مؤتمر الحوار الوطني، لم يكن سوى ذئب في ثياب الواعظين، يمتص دماء اليمنيين بينما يتنعم في نعيم السلطة والامتيازات.

منذ ما يقارب عشر سنوات، تم تعيين حسام الشرجبي مستشاراً في السفارة اليمنية بلندن، وهو منصب يبدو أنه لم يكن سوى واجهة لتبديد المال العام، إذ لم يداوم يوماً واحداً في السفارة، ولم يمارس أي مهام دبلوماسية فعلية. ومع ذلك، يتقاضى راتباً يصل مقداره 14 ألف دولار، يضاف إليه بدل سكن فاخر في لندن، وسيارة دبلوماسية مع الوقود، فضلاً عن الاستفادة من الحصانة الدبلوماسية التي يستغلها لممارسة أنشطة غير قانونية مع زملائه في السوق السوداء.

السؤال الذي يطرح نفسه: كيف لموظف “وهمي” في السفارة أن يكون رئيساً للجنة الاقتصادية في الرياض ؟ ومتاجراً في دبي؟ كيف يجمع بين المناصب والصفقات والمخصصات المالية بينما ملايين اليمنيين يتضورون جوعاً ؟

لم يكتفِ الشرجبي باخذ المال العام تحت غطاء الوظيفة الدبلوماسية، بل استغل نفوذه ليصبح رجل أعمال مشبوه، يقتنص الصفقات في دبي وإثيوبيا ودول أخرى، بالشراكة مع “خليته” في السلطة، والتي وصلت بأحد أعضائها إلى درجة رئيس وزراء! كيف لا، وقد أصبحت الشرعية اليمنية مجرد واجهة لفساد منظم يخدم مصالح شخصية ضيقة، بينما الوطن يُباع قطعةً قطعة في أسواق النخاسة السياسية.

الشرعية.. هل أصبحت غطاءً لشرعنة الفساد؟

عندما نتحدث عن الشرعية اليمنية اليوم، لا نجد أمامنا سوى نظام فاسد متخم بالرواتب والمخصصات والهبات، في الوقت الذي يعيش فيه الشعب اليمني أسوأ أزمة إنسانية في تاريخه. 
لا غذاء، لا ماء، لا كهرباء، لا صحة، لا دواء، لا تعليم، بينما أبناء المسؤولين يدرسون في أغلى الجامعات والمدارس في لندن، العواصم الغربية، تركيا، وشباب اليمن البسطاء يُدفعون إلى جبهات الموت دون أدنى إعتبار لحياتهم.

إنها طبقة سياسية متعفنة، تمارس النهب والفساد بعنصرية مقيتة، لا ترى في الشعب سوى قطيع يُستغل لأجل بقائها، ولا ترى في الوطن سوى غنيمة يتم تقسيمها على طاولة اللصوص.

ما يفعله حسام الشرجبي وأمثاله ليس سوى انعكاس لواقع مأساوي، حيث تتحول المناصب الدبلوماسية إلى ملاذاً آمناً للفاسدين، وتصبح اللجان الاقتصادية وسيلة لتبييض الأموال، بينما يظل المواطن اليمني البسيط رهينة الفقر والجوع والدمار.

اليوم، لم يعد الحديث عن الشرعية اليمنية إلا حديثاً عن منظومة فساد عابرة للحدود، تُدار من العواصم الخارجية، وتنفذ أجندات مشبوهة لا علاقة لها بمصلحة اليمن العليا.
فإذا كان الفاسدون هم من يديرون الدولة، فماذا تبقى من الدولة أصلاً ؟!

إلى متى هذا العبث؟
من المسؤول عن محاسبة هؤلاء الفاسدين؟ أين هي الأجهزة الرقابية؟ أين الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والأشراف على صياغة الدستور الجديد؟ أين هي الأطراف الدولية التي تتحدث عن دعم اليمن، بينما تغض الطرف عن الفساد الذي يبتلع مقدراته؟

إن إفلات أمثال حسام الشرجبي من العقاب، هو جريمة لا تقل عن جرائم الحرب التي تُرتكب بحق اليمنيين كل يوم. 
فحين يتحول الوطن إلى بقرة حلوب، وحين تصبح المناصب وسيلة للنهب، وحين يتم اغتيال الوطنية داخل السفارات، فإننا أمام دولة مختطفة بالكامل، يديرها تحالف من الفاسدين والعملاء والطامعين.

ختاماً.. رسالة واحدة يجب أن تصل إلى هؤلاء الفاسدين: اليمن ليس مزرعة خاصة، وليس مشروعاً استثمارياً لكم ولأبنائكم.
اليمن ملكٌ لشعبه، ولن يسامح يوماً من خانوا الأمانة، وسرقوا أحلامه، وباعوا مستقبله بثمنٍ بخس.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل هناك من سيضع حداً لهذا الفساد، أم أن اليمن سيظل أسيراً لحفنة من اللصوص في ثياب المسؤولين؟