11 فبراير .. مصيدة وقع فيها الشباب

قبل 6 ساعة و 26 دقيقة

في الـ 11 من فبراير 2011م وفي إطار ما سُمي بـالربيع العربي بدأ العديد من الشباب في بعض المحافظات اليمنية بمظاهرات شبابية تطالب بالتغيير وتحسين الأوضاع العامة، وسرعان ما تحوّلت تلك الاحتجاجات السلمية إلى صراع معقد أودى بالبلاد إلى حرب أهلية، وعصف بطموح التغيير الذي طمح إليه العديد من الشباب إلى الهاوية.

فقد تعرض الشباب الذين كانوا في طليعة الاحتجاجات، لخداع كبير تمثل بحزمة من الوعود والشعارات الزائفه التي لم تتحقق على الأرض ولا يمكن أن تتحقق في ظل الأوضاع والامكانيات المحدودة.

فقد كان الكثير من الشباب يتوقع أن سقوط النظام سيُؤدي إلى بناء دولة حديثة ومتقدمة ومثالية على شاكلة الدول الغربية، وسوف يفتح المجال لتحقيق تطلعاتهم وأحلامهم الوردية، لكن ما حدث بعد ذلك كان مغايراً تماماً لما كان متوقع، فقد دخلت البلاد في مرحلة من الفوضى السياسية، وتزايدت الصراعات بين القوى السياسية المختلفة وخاصة العقائدية المتطرفة، وتفاقمت الأوضاع المعيشية، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية، وتزايدت نسبة الفقر، وتفشت البطالة، مما جعل الكثير من الشباب يشعرون بالخذلان من جراء الحلم الذي تلاشى أمام الواقع الكارثي المرير.

وهذا ما أكده لنا الأستاذ رزاز سيف الشرعبي موجه مادة اللغة الإنجليزية بمديرية القاهرة بمحافظة تعز الذي كان أحد شباب فبراير في ذلك الوقت، حيث قال لنا: "كنا في ذلك الوقت شبابًا لا نمتلك رؤية واضحة للمستقبل وكنا نرسم لمدينة تعز صورة في اذهاننا تفوق مدينة دبي الإماراتية، وللعاصمة صنعاء صورة تفوق مدينة نيويورك الإمريكية، ولمدينة عدن الساحلية صورة تفوق أمستردام الهولندية، وكنا نظن بأن التغيير سيجعل من اليمن دولة ثرية، وسيجعل من الشباب فئة قيادية مرموقة، وكنا نعتقد بأن إسقاط النطام واعمدة النظام سوف يوصلنا إلى تحقيق غياتنا المنشودة وتوقعتنا الخيالية، لكن ما حدث كان عكسياً فبعد إسقاط النظام وقواعده واركانه سقط السطح على الجميع وبدأت مرحلة الصراعات والأزمات والكوارث السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية والانسانية والمعيشية وتضرر الجميع من آثار الربيع السلبية".

وقال: "كنا في ذلك الحين صغارًا في سن الشباب ولا نمتلك استراتيجيات سياسية وخطط عمل فعّالة، ولهذا كان يفترض أن يكون للعلماء وقيادات الأحزاب السياسية رؤية واضحة للمستقبل وأن يكونوا مدركين لنتائج إسقاط النظام بتلك الطريقة الانتقامية والعشوائية، وكان يفترض عليهم وخاصة العلماء منهم أن يقوموا باقنعنا بالحجج المنطقية ويوضحوا لنا الأضرار المستقبلية ويطالبونا بإنهاء الاعتصامات ورفع المخيمات من الشوارع والساحات العامة، لكن للأسف الشديد ركبوا الموج وقفزوا إلى الأمام فوقع الفأس بالرأس وسقطت الدولة وبدأت مراحلة العناء والعذاب والمشقة، وفصول الصراع المسلح الذي ما زال ممتداً إلى يومنا هذا ويدفع ثمنه الجميع بدون استثناء".

ولذلك، يجب أن تكون عملية انخداع الشباب بالربيع العربي درساً حول أهمية الوعي السياسي والقدرة على التمييز بين التحركات الشعبية الحقيقية والمصالح السياسية التي قد تندرج تحت مظلة التغيير، وأن يكون الشباب أكثر حذراً من الوقوع في مصيدة الخداع والمؤامرات والنكبات السياسية.