من مظاهر الاحتيال والمراوغة في مبادرة نصف الراتب الحوثي

قبل 3 ساعة و 56 دقيقة

على الرغم من إخفاقات جماعة الحوثي الانقلابية المتلاحقة في أن تتمثل الأنظمة، وتصبح دولة كما تطمح وتحاول أن تشي أو تتظاهر بذلك، إلا أنها لا تخفق غالباً في شيء واحد وهو استغلال النظام والقانون، والتلاعب بهما بما يخدم توجهاتها وإرادتها السلطوية، التي فرضتها ولا تزال تفرضها بمنطق وواقع القوة المسلحة.. فهي لا تفوت ثغرة أو فرصة في الأنظمة والقوانين دون أن تلوي عنقها تحت بطش وفرض إرادتها الأنانية والإقصائية..

ولو طبقنا على سبيل المثال (إلهائية) صرف نصف الراتب، والذي أصدرت فيه مؤخرا قانوناً، وكأنه أمر مبتكر ولا توجد بخصوصه قوانين عامة سابقة، والذي تدعي أنها بدأت بتطبيقه، مع أن ملامح الفشل بادية على إجراءاته وهو لا يزال في شهره الأول، سنلاحظ ونجد في أمامنا علامات المراوغة والتلاعب التي بإمكانها أن توفر فرصا عدة في مراجعة اتخاذ هذا القرار وخطوط رجعة بالإمكان استخدامها تالياً لتكون مبررا للتراجع عنه..

فبدءا من ربط صرف ذلك النصف المدعى في نص القرار ذاته بتسديد أصحاب المديونيات الصغرى، وما في هذا الملف من مجاهل ومشكلات لا حدود ولا أطراف لها، ثم بوضع أطر واشتراطات لاحقة للصرف، لا يغيب عنها بالطبع ماهو مرتبط بتأكيد الولاء للانقلاب من جهة، وما يترك مساحة للاستثناءات والإقصاءات والتحكم المطلق طبقا للرغبة والهوى، في أرزاق الناس وحاجاتهم.. وأخيرا وليس بآخر ما في جعبة الانقلاب القميء، إظهار الشح المعروف عن هذه الجماعة المتمردة في ثوب ممزق من الكرم غير المعهود..!!

وفي حين راهن الكثيرون ولا يزالون قيد رهانهم بأن هذه المبادرة ليست في باب الكرم والمبادرة الجادة من شيء، وأنها ليست أكثر من بادرة وقتية، تحاول المليشيا المنقلبة من خلالها كسب الشارع وقليل من الهدوء اللازم لها الآن، مع علمها أن كسب الشارع اليوم وتهدئته أصبح أمراً يتطلب من جهتها أكثر من قضية صرف راتب كامل وبشكل منتظم، فما بالنا بنصف راتب لا تزال تتحايل على الموظفين في صرفه، حد أن يصل إجمالي مبلغه كاملا لا يساوي ميزانية بضعة أشخاص من قياداتها وهواميرها..!!

وعودا على قرارات الصرف يتضح أن المليشيا لم تكتف بإصدار قرارها العام (المخالف) للنظم بصرف الراتب، بل تصدر أيضاً كل شهر قراراً تحتياً بصرف راتب شهر كذا وشهر كذا.. ومما يلاحظ في إطار تحايلها على الموظفين نجد أنها تصدر كل شهر قرارا بصرف (النصف الثاني)  من كل شهر وهو ما حصل مع قرار شهر ديسمبر ٢٠٢٤ والان قرار شهر يناير ٢٠٢٥م، ووصف النصف ب(الثاني) في كل مصرف يدل هنا على أنها لا تعتزم صرف راتب النصف الاول وتتعامل معه كمنعدم..!! بل وتتعامل مع النصف الثاني الذي تصرفه وكأنه راتب كامل..!!

وللدلالة على ذلك يبدو أن العصابة أصبحت مؤخرا تتعمد التعميم على كل ناشطيها ووسائل إعلامها مشددة على عدم ذكر لفظة (نصف) عند الحديث أو الكتابة عن الرواتب، وصرنا نسمع ونقرأ عن أنها أصبحت تصرف راتباً للموظفين وليس نصفاً، ولتحاشي المساءلة والتساؤل وأية نتائج محتملة وغير محتملة، توثق لفظة النصف فقط في قراراتها المكتوبة، وبتذاكٍ قذر عند وصف المصروف بالنصف الثاني من كل شهر تصرفه..

وهنا تؤكد المليشيا بتصرفات كهذه توقعات الكثيرين بخصوص عدم استمرارها في الصرف، وأن وراء هذه المبادرة حاجة وقتية، وأنها من المستحيل أن تلتزم بها، خصوصا لما عرف عنها بأنها اعتادت على الأخذ والنهب والسلب، ولم يكت العطاء من شيمها ولا من أخلاقها ولن يكون يوماً ما.