أحمد بن مبارك .. شر البلية ما يُضحك
ليس مضحكًا على الإطلاق أن يرأس اجتماعًا في مقر صندوق النقد الدولي بواشنطن، فهذا رئيس حكومة معترف بها دوليا ومسجلة لدى بروتوكولات الأمم المتحدة كواحدة من الحكومات اللواتي حصلن على شهادة الجودة. بل إنه يستطيع أن يبرز في ويكيبيديا سيرته الذاتية الناصعة هكذا: "أحمد عوض بن مبارك سياسي ودبلوماسي يمني ولد في 27 سبتمبر 1969 بمدينة عدن، عمل مديراً لمكتب رئيس الجمهورية في 2014، وكُلف بتشكيل الحكومة في 7 أكتوبر لكنه اعتذر.
في يوليو 2015 عُين سفيراً لليمن في واشنطن، وفي 18 ديسمبر 2020 عُين وزيرًا للخارجية وشؤون المغتربين. وفي 5 فبراير 2024 أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني قراراً بتعيين الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيساً للوزراء بدلا من الدكتور معين عبد الملك".
صحيح أنه عاد إلى اليمن ليصبح وزير خارجية ثم رئيس وزراء، لكن علاقته بالأندومي لم تنقطع، خصوصًا عندما يستذكر ذلك الطقس المصاحب لهما في واشنطن. ولعله اقترح على العليمي ماذا لو أن وجبة الفاصوليا والروتي التي تتولى توزيعها للمواطنين في عدن جمعية فاطمة العليمي الخيرية، وبعدد مائة ألف وجبة يوميا، تحولت إلى مائة ألف وجبة أندومي.
في التفاصيل أن بن مبارك يستطيع أن يغرد باللغة الإنجليزية، لكنه يترك ذلك لصفحة رئاسة مجلس الوزراء، أما صفحته الشخصية فبالعربية الخالصة، حيث يكون للتغريدة معناها الحقيقي، كهذه مثلا، والتي كتبها بتاريخ 10 ديسمبر 2024 وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد: "ماضون بثبات في ملف مكافحة الفساد الذي وضعناه على رأس أولوياتنا ومساراتنا الخمس الرئيسة، بإصرار وإرادة حاسمة، وشرعنا باعتماد خطوات عملية في إحالة ملفات إلى القضاء وفقاً للقانون، والتنسيق مع الأجهزة الرقابية والأمنية لمحاسبة المفسدين، ونعول في معركتنا هذه على دعم وسائل الإعلام وأبناء شعبنا".
أما هذه التغريدة ففي 6 يناير من العام الحالي، وجاء فيها أن "مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية تمثل أحد المسارات الرئيسية لبرنامج الإصلاح الشامل الذي تبنيناه منذ اليوم الأول.. سنواصل العمل على بناء نموذج لمؤسسات الدولة يقوم على سيادة القانون والعدالة، بحيث يُحاسب فيه كل من يثبت ارتكابه للفساد أو تواطؤه معه".
وإذن فالرجل لا يمزح، بل إنه يتحدث عن فساد لا بد له كرئيس وزراء من إعلان حرب لا هوادة فيها عليه وعلى أصحابه، بحيث سـ"يُحاسب كل من يثبت ارتكابه للفساد أو تواطؤه معه".
لكن لأن أحمد عوض بن مبارك كائن ملهم ولديه ميول أدبية وثقافية، فإنه عندما يكتب أو يتحدث عن موضوع هام كالفساد، يفعل ذلك بكل إخلاص ووحي من ضميره، لدرجة أنه ينسى أمر الأندومي، فلا يذكره ذلك بأن لديه قصرا فاخرا في حي فاخر بالعاصمة الأمريكية واشنطن يُدعى "مكلين"، اشتراه (بالتعاون مع زوجته) بمبلغ 800 ألف دولار وأجرى عليه عمليات ترميم كلفت 300 ألف دولار، بحيث تجاوزت قيمة الفيلا (القصر) مليوني دولار، مثلما ينسى القصر الآخر في إحدى أغلى مناطق ولاية فرجينيا، والذي تقدر قيمته هو الآخر بأكثر من مليوني دولار. فطالما أنه عندما يكتب أو يتحدث ينسى أمر الأندومي، بالتأكيد لن يحدث له أن يرى نفسه أحد الفاسدين الذين أعلن الحرب عليهم.
وما على الشعب المغلوب على أمره إلا أن يذكره من حين لآخر بالأندومي، حتى لا ينسى أن شر البلية ما يضحك.