بنك اليمن والكويت أنموذجًا .. عصابة الحوثي تتسبب بتداعيات الجهاز المصرفي
فرضت الولايات المتحدة عبر وزارة الخزانة التابعة لها مؤخرًا، عقوبات اقتصادية على بنك اليمن والكويت أقدم بنك خاص في اليمن؛ لتورطه في تمويل عصابة الحوثي الايرانية، الأمر الذي أعدهُ مراقبون مقدمة لعقوبات قد تطال بنوكًا وشركات صرافة يمنية أخرى.
ومن خلال قراءة سردت الخزانة الأمريكية سلسلة من الجرائم التي تورط بها البنك استوجبت منها فرض عقوبات عليه والتي شملت: الدعم المالي للحوثيين، والوصول للنظام المالي الأمريكي والدولي لصالح تلك العصابة الإيرانية في اليمن، وتمويل الهجمات الحوثية البحرية، وتوجيه العائدات غير المشروعة من النفط الإيراني للحوثيين، وتلقي أموال من الحرس الثوري لصالح الحوثي من تجارة غير مشروعة، وغسيل أموال لصالح قيادات حوثية، بالإضافة إلى تحويل أموال لصالح حزب الله اللبناني. كما اتهمته بأنه ساعد ونسّق مع شركة سويد للصرافة لإنشاء شركات وهمية (واجهة) لتسهيل مبيعات النفط الإيراني، يتضح الاتي:
- ان تلك السردية مؤشر حقيقي حول وجود عدد كبير من البنوك وشركات صرافة وكيانات تجارية ومالية أخرى سبتم استهدافها بعقوبات مماثلة، في حال تمادت عصابة الحوثي في غيها.
- إن تلك العقوبات التي طالت بنك اليمن والكويت، هي بداية لما سيكون عليه الوضع في عهد الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب.
- إن تلك العقوبات نوع جديد من الضغوط الأمريكية على الحوثيين للقبول بأي خريطة سلام سيتم طرحها من قبل المبعوث الأممي لليمن مدعومة بموافقة ومباركة أمريكية وإقليمية.
- كما تُعد مؤشرًا أمريكيًا على إعادة تصنيف الجماعة منظمة إرهابية من الدرجة الأولى والخطيرة المشابهة لتنظيم القاعدة الارهابي، حيث قدم 15 عضوًا من مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون إلى الكونغرس لتصنيف الحوثي منظمة إرهابية أجنبية، وهي درجة عالية تجرم أي تعامل مالي أو تجاري مع أي عضو يمثل جماعة الحوثي أو ينتسب إليها.
عمالة مالية متعددة الأوجه
وفي هذا الصدد، يرى مراقبون أن تلك العقوبات، تؤكد بأن الجانب الأمريكي كان لديه العلم الكامل بشبكة الحوثيين ولعبتهم المالية التي مارسوها ضد البنك وبنوك أخرى شملتها إجراءات البنك المركزي بعدن، ومع ذلك باركت واشنطن إيقاف تلك الإجراءات التي كانت عبر المبعوث الأممي.
وما بين التشكيك بالموقف الأمريكي من إجراءات بنك عدن، وبين المساعي الجديدة ممثلة بالعقوبات الأخيرة، يبقى المؤكد أن الجهاز المصرفي والمالي لليمن بات مهددًا بالانهيار على يد عصابة الحوثي ذات العمالة المتعددة الأوجه.
وحسب المراقبين، فإن البنوك الخاصة وشركات الصرافة في مناطق الحوثيين، تتعرض للعديد من التهديدات الداخلية والخارجية، بسبب بقاء نشاطها في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يمارسون طرقًا عدة لتوظيف وإشراك تلك البنوك بنشاطهم المالي الواقع تحت دائرة الرقابة المالية الدولية.
إجراءات توريط حوثية
عمدت عصابة الحوثي خلال السنوات الماضية الى توريط النشاط المصرفي في مناطق سيطرتها في عمليات مالية تصب في صالحها وصالح النظام الإيراني المفروض عليه عقوبات دولية وأمريكية، خاصة في مجال تجارة النفط.
ووفقا للمراقبين، فإن عصابة الحوثي عملت جاهدة على توريط تلك البنوك بما فيها بنك اليمن والكويت، في أنشطتها المالية المشبوهة عبر توريطها في تحويل أموال عائدات النفط والغاز الإيراني المقدمة للحوثيين، وتهرب إلى خارج اليمن، لتمويل الحوثي ووكلائه، بالتنسيق مع جهات مصرفية في المناطق المحررة تتبع حزب الاصلاح "ذراع تنظيم الاخوان في اليمن".
وتؤكد المعلومات، ان قيادات في البنك المركزي بعدن محسوبة على الإصلاح وشركة صرافة ابرزها شركة إنماء، متورطة بعمليات مالية مع بنك اليمن والكويت، نسق لها قصي المحطوري مدير إدارة الحوالات في البنك، قادت الخزانة الأمريكية لفرض عقوبات على البنك، خاصة عملية الحوالات الخارجية لشركات الواجهة الحوثية.
بدء انهيار البنك
وخلال الساعات الماضية، دعا بنك اليمن والكويت المودعين إلى سرعة سحب أموالهم عبر الصرافات الآلية قبل توقفها عن العمل، ما يدلل على تأثر البنك السريع بالعقوبات الأمريكية.
وكان االبنك علّق على العقوبات بقوله "لها خلفية سياسية متعلقة بالتصعيد بين الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة الحوثي في صنعاء، وليس ناتجًا عن مخالفة البنك للقواعد والأعراف الدولية المصرفية".
ونفى البنك أي تأثير لقرار العقوبات على مركزه المالي، وأنه سيستمر بكافة خدماته المحلية، وأشار إلى اقتصار تأثير البنك على الخدمات الخارجية. وأضاف أنه سيسعى عبر الطرق القانونية لإلغاء العقوبات عنه.
رغم تهوين البنك من تأثيرات العقوبات عليه إلاّ أنه لن يكون بمقدور بنك اليمن والكويت الآن التعامل مع أي بنوك أخرى محلية ودولية، كما لن يكون بمقدوره المشاركة في مزادات البنك المركزي الأسبوعية في عدن لتمويل الواردات. كما لن يستطيع استقبال الحوالات الخارجية والاعتمادات المستندية، وفق مختصين اقتصاديين.
إجراءات صنعاء وعدن
ووقع البنك كغيره من البنوك الخاصة بين إجراءات فرضتها الأحداث التي تلت فوضى ٢٠١١ وانقلاب ٢٠١٤، والتي تسببت بانقسام العمل المصرفي بين صنعاء وعدن
ففي صنعاء، منعت عصابة الحوثي جميع البنوك وشركات الصرافة في مناطق سيطرتها تسليم أي حوالة بالدولار من الخارج، ويحتكرها لنفسه، ويرفع سعر صرف الريال المحلي أمام العملات الأجنبية للاستحواذ على أكبر قدر ممكن منها لتمويل نشاطاته الإجرامية.
وفي عدن، كان البنك المركزي في عدن منح مهلة شهرين لستة من أكبر البنوك اليمنية لنقل إداراتها وعملياتها الرئيسة إلى عدن، وهي بنك اليمن والكويت، وبنك اليمن الدولي، وبنك التضامن، وبنك الكريمي، ومصرف اليمن البحرين الشامل، وبنك الأمل محذرًا إياها من التورط في جرائم تمويل الحوثيين وهي مصنفة إرهابية لدى الحكومة، و رد عليها الحوثي بالتهديد باستهداف بنوك سعودية معتبرًا إياه قرارًا سعوديًا. أدت وساطة شكلية للمبعوث الأممي هانزغروندبيرغ إلى تراجع الحكومة عن قراراتها.
وعزت الحكومة حينها قرارها لحماية القطاع المصرفي من توظيف عصابة الحوثي له، خاصة بعد استيلائها على أرصدة البنوك وودائع العملاء وإصدار قانون يعطل معظم أنشطتها بذريعة مكافحة الربا.
تداعيات شاملة
وفي هذا السياق، برى مراقبون أن فرض العقوبات على البنوك اليمنية، لن تكون تداعياتها على عصابة الحوثي فقط، بل على الشعب اليمني ككل، ولتجنب ذلك يجب رفع يد الحوثيين عن التدخل في عمل الجهاز المصرفي في مناطقها.
إلا أن عصابة الحوثي كما هو معروف عنها فإنها تواصل تدمير جميع المؤسسات اليمنية، وتواصل المقامرة بالمؤسسات المصرفية التي تشكل قلب العملية الاقتصادية في البلد دون مبالاة، معتمدة على شبكاتها المالية الخاصة واقتصادها الموازي الذي بنته على مدى عشر سنوات. ولهذا فهي قادرة على تجاوز العقوبات الأمريكية على المؤسسات المصرفية اليمنية.
وكانت تقارير دولية أكدت مؤخرًا، قيام عصابة الحوثي بعمليات غسيل أموال لتمويل أنشطتها الإرهابية عبر شبكة دولية، الأمر الذي فتح باب الرقابة الدولية على تلك الأنشطة المرتبطة بايران مباشرة، والتي على ما يبدو قامت بتوريط بنوك عاملة في مناطقها فيها بينها بنك اليمن والكويت من خلال قيادات حوثية عاملة ومساهمة في إدارة البنك.