غزة تنتصر رغم تخاذل الأشقاء وغدر الأصدقاء
منذ عقود، تتعرض مدينة غزة للاعتداءات الصهيونية المتكررة وتشهد العديد من الأزمات والأوقات العصيبة، لكنها تصمد وتنتصر في كل حروبها رغم الظروف القاسية والضغوط التي تحيط بها والإمكانيات الشحيحة.
تصمد طويلاً لأن قوتها ليست في الأسلحة أو الدعم السياسي أو العسكري فقط، بل في قوة وصلابة إرادة الشعب الفلسطيني الذي يرفض الاستسلام رغم المخاطر والتحديات الكبيرة.
لقد ردت المقاومة الفلسطينية على الاعتداءات الصهيونية المتكررة في السابع من أكتوبر 2023م، حيث وجهت للاحتلال الصهيوني ضربة قوية ولقنته درساً قاسياً لم يسبق له أن تلقى مثله خلال عقود احتلاله السابقة، ولا يمكن أن ينساه في السنوات القادمة. وكان من المفترض أن يتم مباركة هذه العملية البطولية الجبارة ومساندة الشعب الفلسطيني من قبل كافة الدول العربية والإسلامية والصديقة، لكن للأسف الشديد لم تكن مواقف الأشقاء والأصدقاء على المستوى المطلوب، فقد خذلها الأشقاء وغدر بها الأصدقاء والحلفاء الذين كانوا يُعدون الداعمين الأساسيين لفصائل المقاومة.
وقد شاهدنا مواقف دول ما يُسمى بمحور المقاومة الماكرة التي كان يُفترض أن توفي بوعودها وتقف بجانب غزة في الوقت الذي كانت تتعرض فيه للقصف الهمجي والهجوم الوحشي وتواجه قوى الاحتلال الصهيوني بإمكانياته الضخمة وآلياته ومعداته الحديثة والمتطورة.
وشاهدنا أولئك الحلفاء الذين كانوا يتحدثون عن الدعم ويتشدقون بالمساعدة والمساندة والمواجهة، كيف تراجعوا عن وعودهم وتحولوا إلى مشاهدين ومتابعين لفصول الاعتداءات والخراب والدمار والمجازر الصهيونية البشعة، وكيف استغلوا قضية ودماء وأشلاء أبناء غزة للمتاجرة.
لقد كان بإمكان ما يُسمى بمحور المقاومة أن يدعم غزة ويخدم القضية الفلسطينية عبر مساندتها من إيران والعراق وجنوب لبنان وسوريا في وقت واحد، وقت اللزوم والشدة، لكنهم مكروا وغدروا وتركوا أبناء غزة يواجهون غطرسة وإجرام الاحتلال الصهيوني المتوحش بمفردهم. إلا أن ذلك لم يؤثر على مسار معركة العزة والكرامة الأساسية. فغزة لم ولن تنتظر من الآخرين أن يحاربوا عن حقوقها أو أن يصنعوا لها النصر، فهي التي تصنعه بدماء أبنائها وتضحياتهم، وهي التي تثبت للجميع أن العدالة لا تعرف التراجع، وأن الحق لا يزول بتخاذل الأشقاء والأقرباء ولا بغدر وخيانة الحلفاء والأصدقاء.
وها هي اليوم، بعد أكثر من 470 يوماً من العدوان، تكسب المعركة وتواصل مسيرتها نحو النصر لأنها على يقين أن الإرادة الشعبية هي القوة الحقيقية التي تمكنها من تحقيق النصر في مواجهة الظلم والتخاذل، وأن الشعب الذي يتمسك بمبادئه وقيمه ويناضل من أجل قضيته المصيرية، يمكنه الصمود في وجه العواصف مهما كانت شدة الرياح، وأن الحق لا يموت أبداً وأن الأمل في التحرير والتغيير موجود رغم كل التحديات والمعوقات.