سر بقائها ومدى استخدامها .. رداع تكشف العلاقة الخفية بين واشنطن والحوثيين
بحجة وجود قواعد راسخة لتنظيم القاعدة وداعش في مناطق رداع بمحافظة البيضاء "وسط اليمن"، تتحرك عصابة الحوثي الايرانية بضوء أخضر وتنسيق مباشر مع الاستخبارات الأمريكية.
بدأ التنسيق بين عصابة الحوثي والمخابرات الامريكية بهذا الخصوص في وقت مبكر، وفقًا لمختصين في شؤون الجماعات الارهابية، مؤكدين أن التنسيق بين الجانبين بدأ مطلع الالفية اي مع ظهور عصابة الحوثي الى العلن.
وأكد المختصون، أن ذلك النوع من التنسيق والتعاون رفضته حكومات الرئيس الراحل الشهيد علي عبدالله صالح، والتي أصرت على أن تكون عمليات مكافحة الإرهاب يمنية دون أي تدخل أجنبي او فرض إجراءات تمس السيادة اليمنية.
عملية يكلا الدامية
جاءت عملية يكلا الامريكية في رداع بمحافظة البيضاء في ٢٩ يناير ٢٠١٧، لتؤكد ذلك التنسيق السري بين الجانب الامريكي وعصابة الحوثي، سبقها تنسق مشابهة مع حكومة عبدربه منصور هادي الاخوانية ما بين ٢٠١٣ و٢٠١٤.
ففي فجر ٢٩ يناير ٢٠١٧، هاجمت طائرات امريكية بدون طيار منطقة يكلا في رداع بريف محافظة البيضاء ،وسط اليمن، فيما هبطت طائرات هليكوبتر تحمل عناصر من الكوماندوز الامريكيين في المنطقة عقب الغارة الجوية التي استهدفت عددا من المنازل في القرية، التي خلفت ٣٠ قتيلًا بينهم خمسة أطفال وتسع نساء.
وأثارت العملية التي كانت الاولى في عهد الرئيس الامريكي دونالد ترامب حينها، استياءً واسعًا وسط اليمنيين، في حين نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين أمريكيين أن العملية تمت بالتنسيق مع وزارة الدفاع في صنعاء، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وأكدت بأن العملية تمت بإسناد أرضي عبر خلية اتصال تابعة لعصابة الحوثي والتي ظلت تعمل لتنسيق المهمات الامريكية مع الحوثيين حتى اليوم، لمهاجمة عناصر مفترضة تتبع تنظيمي داعش والقاعدة رغم التحالف والتنسيق بينهما وعصابة الحوثي.
اهداف التنسيق
ومن خلال التنسيق المشترك بين المخابرات الامريكية التي انشأت التنظيمات الارهابية، وعصابة الحوثي التي هي الأخرى صنيعة تلك المخابرات، تسعى واشنطن لتنفيذ هجمات على عناصر القاعدة لأهداف سياسية واقتصادية داخلية.
ومن الأهداف الامريكية الأخرى لذلك التنسيق، تمكين الحوثيين مم بسط سيطرتهم على جميع مناطق محافظة البيضاء لتعزيز تواجدهم على خطوط التماس مع المناطق المحررة في جنوب البلاد.
وكان تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أكد في بيان له عقب عملية يكلا، وجود ما أسماه "التخادم المكشوف بين أميركا والحوثيين، إذ تتكفل أمريكا بالقصف الجوي بينما يحاول الحوثيون التقدم البري سعيًا منها لتمكينهم على الأرض".
رداع في دائرة الاهتمام
تظل منطقة رداع بمديرياتها الأربع في البيضاء، محط اهتمام الاستخبارات الأمريكية، التي تزعم انها تضم مخابئ لشخصيات مرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش.
ورغم التخادم والتنسيق المعلن بين القاعدة والحوثيين، يظل التنسيق بين والمخابرات الأمريكية وعصابة الحوثي يطغى، بدليل ما يجري حاليا من هجوم وحصار وتنكيل من قبل عصابة ايران بحق ابناء قرية "حنكة آل مسعود" بمديرية القريشية، وبمناطق قيفة رداع عمومًا.
لقد نجح الرئيس الراحل الشهيد صالح، في التملص بنجاح من هذه المهمة، لتبدأ رحلة خصومته مع الأمريكان، ومحاولات استهدافه من قبلهم، لكن حكومة هادي والاصلاح بدات تنفيذ المهمة قبل ان تلجأ واشنطن الحوثيين.
استخدام الحوثيين
لقد نجحت الاستخبارات الامريكية في توظيف عصابة الحوثي لتنفيذ عملياتها القذرة ليس في اليمن وحسب بل والمنطقة برمتها، وذلك لعدم ايمانهم بالوطن والسيادة والهوية والانتماء.
وعلى اعتبارهم عصابة او مليشيات مسلحة، استطاعت واشنطن استخدامهم في تنفيذ أجندتها باليمن، وهددت بهم حلفاءها في المنطقة، وجعلتهم ذريعة لفرض تواجدها دوليًا في البحر الاحمر الذي يضم أهم منر مائي في العالم بالنسبة لحركة البضائع والطاقة.
والآن، يبدو أن الحوثيين يتعاونون مع الأمريكان في مهمة مزعومة لمطاردة شخصيات وقيادات محسوبة، على القاعدة وداعش، شخصيات تمردت على العلاقة القائمة بين المنشئ والراعي (أمريكا) والأجير والمنفذ (الحوثيبن).
ما يجري في رداع حاليًا يثير تساؤلات حول دوافع العلاقة بين الاستخبارات الأمريكية والحوثيين، وتأثيرها على الوضع في اليمن والمنطقة.
فهاهم يجندون جماعة الحوثي في عملية مطاردة يعتبرها الكثيرون وهمية، وهدفها غض النظر عن الواقع الحقيقي الذي يفرضه الغرب في المنطقة وتحديدًا في اليمن.. عملية يذهب اليمنيون ضحيتها دون حساب أو اعتبار.
خفايا العلاقة السرية
لقد كشفت العلاقة السرية بين الاستخبارات الامريكية والحوثيين، سر الاستهداف الدائم والمستمر لمناطق رداع، وتدميرها وقتل أبنائها من قبل الحوثيين .
كما كشفت جانبًا آخرًا لهذه العلاقة، يتمثل في تسلسل الأحداث ومهامها في اليمن والمنطقة والمتمثلة باستمرار الانقلاب الحوثي على حساب الشرعية اليمنية وأحلافها في الداخل والخارج، ومنع إنهاء هذا الانقلاب منذ وقت مبكر..
ومن خفايا تلك العلاقة السرية، استمرار واشنطن الحوثيين في مشروعها التفكيكي والتدميري في المنطقة عموماً.. يؤكد ذلك حالة التغاضي عما أصبحت تشكله من تهديد مزعوم على أمن واستقرار المنطقة برًا وبحرًا وجوًا، رغم محدودية قدراتها، وعدم السماح للشريعة لإنهاء انقلابها.
كما يؤكد طبيعة ذلك التخادم بين الجانبين، التدخلات الخفية من قبل واشنطن وحلفائها لمنع اي عمليات عسكرية يمنية تجاه مناطق الحوثيين، ولو بالتدخل المباشر ، ما يثير تساؤلات عدة حول ما تريده امريكا من دعم تلك العصابة التي تهدد مصالحها لدى حلفائها في المنطقة؟