اليمن .. أضحية الحوثي على المذبح الإيراني
تشهد اليمن حاليًا فترة صعبة ومعقدة، حيث تتلاقى فيها معارك متعددة ومتشابكة وكثيرة التعقيدات، وتقف بين معركتنا الوطنية ومعركة العرب القومية، وبين القوى السياسية الداخلية والخارجية. والأسوأ من كل ذلك، أن الحوثيين قدموا اليمن على طبق من ذهب كأضحية على المذبح الإيراني، فانحرف مسار الصراعات كليًا وتحولت المعركة الوطنية اليمنية إلى صراع إقليمي ودولي متشعب التجاذبات.
إن الحروب والصراعات الداخلية في اليمن لم تكن جديدة في تاريخ اليمن المعاصر، فقد شهدت البلاد صراعات دامية على مر العصور والتاريخ، ولكن ما يميز الوضع الحالي ويزيده تعقيدًا هو تدخل القوى الخارجية، وتصاعد الصراعات الإقليمية. إذ قامت ميليشيا الحوثيين بانقلاب مسلح في عام 2014، وسيطروا على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في البلاد، مما أدى الى اندلاع حرب أهلية طاحنة بين الحكومة الشرعية والمتمردين واستمرت مآلاتها وانهياراتها حتى هذه اللحظة.
ومع تصاعد هذه الصراعات المتعددة الاتجاهات والأطراف في اليمن، بدأت القوى الإقليمية والدولية بالتدخل في الشأن اليمني، حيث تدعم بعض الدول العربية الموالية للحكومة الشرعية، بينما تدعم إيران وحزب الله الحوثيين. وبهذا تحوّلت المعركة الوطنية اليمنية الى صراع إقليمي بين القوى الإقليمية والدولية وتحوّلت اليمن إلى حلبة لتصفية الحسابات بين مختلف القوى.
إن الحوثيين قدموا اليمن أضحية على المذبح الإيراني، حيث استغلت إيران الصراع في اليمن لتعزز نفوذها في المنطقة وتوسع نفوذها الإقليمي. وقد قدمت إيران للحوثيين السلاح والدعم المالي واللوجستي، مما ساهم في تصاعد الصراعات وتأزم الوضع في اليمن.
ولكن السؤال الأهم هو: هل يمكن للمذبح الإيراني أن يصنع السلام في اليمن؟. الإجابة تبدو صعبة، فإيران تريد تحقيق مصالحها الإقليمية على حساب اليمن وشعبها، ولذلك فإن أي محاولة لتحقيق السلام في اليمن يجب أن تتضمن التصدي لتدخلات إيران وإبعادها عن الصراع اليمني.
وفي خضم كل هذه التجاذبات والصراعات، فاليمن بحاجة إلى حل سياسي شامل وشفاف، يحقق مطالب الشعب اليمني، ويضع حدًا للتدخلات الخارجية، ويعيد البلاد الى السلام والاستقرار، كي يحل الأمن ويعود لليمن سيادته واستقلاله.
وبالتالي، على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لوقف التصعيد العسكري والتدخلات الخارجية، ودعم جهود السلام والحوار بين الأطراف اليمنية المتصارعة للوصول لحلول تخرج اليمن من النفق المظلم.
فلا يمكن لليمن أن يكون مسرحًا لصراعات إقليمية ودولية، لأن اليمن وعلى مدى قرون بلد عريق يتميز بتاريخ حافل بالإنجازات الثقافية والتاريخية، ويجب أن يعود الى زمن السلام والازدهار والاستقرار أرضًا وإنسانًا.
اليمن بحاجة الى تضافر جهود الجميع لبناء دولة قوية ومستقرة، تحقق الأمن والسلام لشعبها الطيب وتعيد لها تاريخها العريق ومكانتها بين الدول.