على خلفية تقرير جهاز الرقابة.. "كهرباء عدن" .. ملف الفساد المظلم (الحلقة الرابعة)
تظل قضايا الفساد هي حجر عثرة أمام ما تعانيه البلاد من تردي الخدمات الأساسية في المناطق المحررة، او الواقعة تحت سيطرة عصابة الحوثي الايرانية، في ظل سلطات فاشلة وجدت نفسها مسؤولة عن إدارة البلاد.
وعلى ضوء ما أثاره تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الأخير، من قضايا فساد في عدة مرافق حكومية تجاوزت قيمتها أكثر من ٢.٢ مليار دولار، كان أبرزها وأهمها ملف الكهرباء المظلم والمتشبع بالفساد، والمستمر منذ تدمير مؤسسات الدولة من قبل كيانات وأدوات الفوضى.
كان لدينا دولة
يردد معظم المواطنين في جميع مناطق البلاد، وعلى راسهم أبناء عدن المكتوين بنار الحر ولهيب أسعار السلع، والمنهكين بحمل هموم الحياة التي حلت عليهم منذ العام ٢٠١١ وتفاقمت بعد انقلاب عصابة الحوثي الايرانية في ٢٠١٤، وما تلاها من حروب ، وصولًا الى ما تعيشه عدن وبقية المناطق المحررة من ضنك العيش اليوم.
ومنذ ثلاثة أيام عادت أزمة الكهرباء في عدن، إلى الواجهة رغم انها ازمة متكررة إلا أن هذه المرة ادخلت العاصمة المؤقتة ومحيطها في ظلام دامس على مدار الساعة، اي انقطاع الخدمة ٢٤/٢٤ ساعة متواصلة، والسبب متكرر "نفاد الوقود" بمعنى اشمل "الفساد".
ومنذ العام ٢٠١٥، فشلت جميع الجهات والحكومات التي تشكلت عقب إسقاط النظام والدولة، في توفير أبسط الخدمات وعلى راسها الكهرباء الى عدن ذات المناخ الحار على مدار الفصول يميل الى الاعتدال قليلًا في فصل الشتاء.
وعلى وقع ما تناولته التقارير الرسمية والدولية بشأن الفساد المستشري في المناطق المحررة او مناطق عصابة الحوثي، نجد ان ملف كهرباء عدن يظل ابرز قضايا الفساد واكثرها تأثيرًا على حياة الناس.
ذلك الفساد والفشل الذي ابدته الادوات التي ظهرت وتشكلت عقب انهيار الدولة واسقاط النظام، دفعت جميع سكان عدن لرفع اصواتهم عاليا "كان لدينا دولة" واضعناها ودمرناها بإيدينا.
أزمة لا تنتهي
تظل أزمة كهرباء عدن، مفتوحة لا تنتهي منذ سقوط النظام وتدمير الدولة، بل وتتصاعد نتيجة الفساد وسوء الادارة، رغم ما يتم الحديث عنه من قبل الجهات المسؤولة عن الخدمة من تنفيذ عمليات "صيانة للمحطات، وبناء محطات جديدة وصولًا الى محطة الطاقة الشمسية وقريبًا الرياح"، سيظل الفساد يفشل كل ذلك مع غياب الدولة.
ومع استمرار تقديم التبريرات حول ما تشهده الخدمة من انقطاعات مستمرة منذ عقد من الزمن، وأبرزها "نفاد الوقود، وخروج المحطات نتيجة تيار راجع، والصيانة، والتبريد ، وانفجار كابلات" وغيرها، إلا أن الفساد في هذا القطاع يظل السبب الاول والرئيسي.
وبالعودة الى زمن الدولة لمعرفة كيف كانت تدار خدمة الكهرباء، نجد ان المنظومة الموحدة للطاقة، كانت تعمل وفق استراتيجية معينة تقوم على تشغيل كل محطات التوليد في الجمهورية وابرزها محطة مأرب الغازية، وعمل توازن بين المدن.
وكانت محطات توليد الكهرباء العاملة بالديزل والمازوت، تعتمد بتزويدها بالوقود على شركة مصافي عدن وشركة النفط، في منظومة أداء مؤسسي متكامل فيما بين الجهات المختصة، وحسب الإمكانيات المتاحة، وفي ظل فساد محدود، وكانت كافية في توفير التيار على مدى الساعة خاصة للمناطق الحارة.
مؤامرة التدمير
تؤكد المعلومات والوقائع ان مؤامرة تدمير الدولة واسقاط النظام، كان هدفها اليمن وليس شخص الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، والذي كان صالح يحذر وينصح ويطرح الحلول لتفادي ما تعيشه البلاد اليوم من ازمات.
كانت لدينا دولة بموارد شحيحة، وكان لدينا ادارة ناجحة في اطار دولة، كانت توفر الخدمات بما فيها الكهرباء خاصة في عدن التي كانت تشهد فقط انقطاعًا لساعة او ساعتين باليوم في وقت الذروة بفصل الصيف.
ومع ذلك استغلت ادوات الفوضى تلك الساعات القليلة للتحريض على النظام، وادعت قدرتها على ايجاد دولة شبيهة بماليزيا او سنغافورة، لنجد انفسنا في عهد تلك الادوات في ازمات لا تنتهي، فبدل ما كنا ننعم بالكهرباء ٢٢ ساعة باليوم والليلة بتنا على عكس ذلك لا نجد الكهرباء خلال ٢٢ ساعة.. وكذلك بالنسبة للمرتبات والاسعار، والمشتقات النفطية، والغاز، والأمن والأمان ... الخ.
كهرباء عدن
تناول تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الاخير، فساد قطاع الكهرباء، كشف فيه عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.
ومع ذلك يُعدُّ ملف كهرباء عدن من أكثر القضايا التي كشف عنها التقرير والمقتصرة على ما تم تناوله في العام ٢٠٢٣، بينما ملف فساد الكهرباء متشعب حسبما تناولته التقارير والوثائق خلال السنوات القليلة الماضية.
تعود جذور أزمة الكهرباء في عدن إلى ما بعد فوضى ٢٠١١، حيث شهدت المدينة تراجعًا مستمرًا في خدمة الكهرباء أثرت بشكل مباشر على قطاع الخدمات بشكل كامل، كنتيجة طبيعية لغياب الادارة والسياسات الحكومية والتي ادت، الى استشراء الفساد، مما أدى إلى تفاقم الأزمة تدريجيًا.
تأثيرات الأزمة
في ظل انقطاع الكهرباء المتكررة شهريا وسنويا، وانقطاع الخدمة لساعات طويلة في اليوم الواحد، اثر ذلك على قطاعات اقتصادية حيوية مثل الصناعة والتجارة، تراجعت معه عمليات إنتاج بسبب إغلاق العديد من المصانع، مما أدى إلى فقدان العديد من المواطنين لمصادر رزقهم. كما تأثرت الأعمال التجارية الصغيرة بشكل كبير، حيث أن غياب الكهرباء يعوق قدرة هذه الأعمال على تقديم خدماتها بشكل فعال. إضافة إلى ذلك، زاد الاعتماد على مولدات الكهرباء الخاصة، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف التشغيل على أصحاب الأعمال وزيادة الأعباء المالية على المواطنين العاديين.
فساد عقود الطاقة
كشف تقرير جهاز الرقابة الاخير، عن تجاوزات جسيمة شابت عقد شراء طاقة كهربائية بقدرة 100 ميجاوات على متن سفينة عائمة من شركة “برايزم انتر برايس”، بقيمة 128 مليون دولار ولمدة ثلاث سنوات.
وأوضح التقرير أن العقد تضمن بنودًا مجحفة لصالح الشركة المتعاقد معها على حساب المصلحة العامة، حيث تم دفع 12.8 مليون دولار كدفعة مقدمة دون ضمانات بنكية، ما يعرض حقوق قطاع الكهرباء للخطر في حال إخلال الشركة بالتزاماتها.
وأكد التقرير أن التعاقد تم دون مناقصة عامة وبمشاركة شركات محدودة، ما يخالف قانون المناقصات ويهدر فرص تحقيق وفورات مالية للدولة.
وأشار الجهاز إلى أن العقد منح الشركة إعفاءات ضريبية وجمركية، إضافة إلى تجاوزات أخرى، منها إلزام قطاع الكهرباء بدفع 17.8 مليون دولار لتنفيذ خطوط نقل ومحطة تحويل بزيادة تفوق 10 ملايين دولار عن العروض المقدمة من شركات أخرى.
كما أظهر التقرير غياب أي بنود تلزم الشركة بحماية البيئة البحرية من مخلفات إنتاج الطاقة، ما قد يهدد الثروة السمكية.
وشدد الجهاز على أن التأخر في تشغيل السفينة العائمة أدى إلى استمرار الاعتماد على محطات تعمل بوقود الديزل، ما كلف الخزينة العامة 107 ملايين دولار سنويًا إضافية.
ما كشفه التقرير من مخالفات في عقد واحد لشراء الطاقة، وهي نفسها بنود المخالفة التي رافقت عقود شراء الطاقة التي ابرمتها حكومات عدن المتعاقبة منذ العام ٢٠١٦.
تقرير برلماني
وبالعودة الى اغسطس ٢٠٢٣، نجد ان تقرير برلماني، تحدث عن ملف كهرباء عدن ووصفه بأنه تحوّل إلى "ثقب أسود" لابتلاع المال العام، لصالح شبكات مصالح وشركات الطاقة المشتراه، ومستوردي الوقود، مع تفشي ظاهرة الفساد المالي والاختلالات الإدارية وتعطيل في ثلاث جهات ذات علاقة بهذا القطاع .
جاء ذلك في تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، الصادر حينها، ما دفع رئيس مجلس النواب الى توجيه رسالة لرئيس الوزراء ملزماً الحكومة بتنفيذ توصيات اللجنة البرلمانية وتصحيح الاختلالات الجسيمة والانتهاكات الخطيرة التي وقعت فيها عدة جهات رسمية، بما في ذلك وزارة الكهرباء ومؤسستها العامة.
وتناول تقرير اللجنة البرلمانية حينها، الموازنة المخصصة للكهرباء لعام ۲۰۲۲م والبالغة 569 مليار ريال وهي أعلى موازنة دعم ترصد للكهرباء، وبنسبة 85 بالمئة من إجمالي الدعم الحكومي المخصص للوحدات الاقتصادية.
وقالت اللجنة في تقريرها، إن جل المبلغ والمقدر 557 مليار ريال بما نسبته (98 بالمئة) خصص كمستحقات لموردي وقود الكهرباء وموردي مواد وقطع غيار سابقة.
واستغربت اللجنة ضياع هذه المبالغ الضخمة "في الوقت الحرج والمتأزم الذي تعانيه البلاد من تداعيات أزمة الكهرباء، دون تخصيص أي مبلغ يذكر لأي من المشاريع المعتمدة أو المقترحة، ذات العلاقة بمعالجة أزمة الكهرباء في عام ۲۰۲۲م، أو لمواجهة متطلبات صيف ۲۰۲۳م".
ليست ازمة موارد
وأكدت اللجنة البرلمانية في تقريرها "أن أزمة كهرباء عدن ليست في أزمة الموارد - كما تدعي الحكومة- فحسب بل في أزمة إدارة الموارد المتاحة، وأن المدخل الحقيقي للحل يكمن في تفعيل آليات المساءلة وإنقاد القانون ومواجهة الفساد وتجنيب هذا القطاع التأثيرات السلبية لصراع مصالح قوى النفوذ والشروع بالمعالجة عبر التحول من إنتاج الطاقة من مصادر ذات كلفة عالية إلى المصادر ذات الكلفة".
وبشأن ذلك أوصت اللجنة البرلمانية "بتكليف نيابة الأموال العامة بإجراء تحقيق شامل وشفاف في الانفاق الفعلي لمبلغ ٥٥٧ مليار ريال وبما نسبته 98% من إجمالي دعم الكهرباء لعام ٢٠٢٢م لبعض المديونيات السابقة لشركات الطاقة المشتراة ولموردي قطع الغيار والوقود كما تدعي الحكومة".
وأِشارت إلى أن المسؤولين اعتبروا إنفاق المليارات لبعض المديونيات "ذات أولوية عن مشاريع الأولوية القصوى لذات العام، والتي تم تأجيلها كمشروع خطوط النقل والتصريف ۱۳۲ ك ف بكلفة لا تتجاوز ١٥ مليون دولار، وتعزيز مصادر التغذية للمحطات التحويلية ٣٣/١١ك .ف. بمبلغ لا يتجاوز ١١ مليون دولار ومنظومة الغاز لتشغيل المحطات الغازية (الرئيس + القطرية) لتعزيز كفاءتها التوليدية إلى الحد الأقصى بقدرات (٤٦٠) ميجاوات و (٦٠) ميجاوات على التوالي. لتغطية العجز المزمن في كهرباء عدن".
وأكدت أن ذلك يقتضي "مساءلة المتورطين في سوء إدارة الموارد المتاحة وتحديد الأولويات من جهات أو أطراف او مسؤولين وتحميلهم تبعات استمرار العجزة واستمرار الطاقة المشتراة من الديزل وتكبيد الخزانة العامة مئات الملايين من الدولارات، والتسبب في المحصلة النهائية بالأضرار البالغ بالمصالح العامة للمواطنين".
أخطر بؤر الفساد
واعتبرت اللجنة البرلمانية حينها، "الاستمرار في شراء عقود الطاقة من وقود الديزل الأعلى كلفة وتجديد العقود السابقة منذ عدة سنوات ولمدد مستقبلية طويلة، انتاج لأخطر بؤر الفساد في المالية العامة للدولة، وتتسبب في استنزاف جزء كثير من موارد الدولة، رغم توفر البدائل المتاحة للاستغناء عن مثل هذه العقود المكلفة، وتجنب خزينة الدولة الخسائر التي تتحملها المقدرة بما يتجاوز ٤٠ بالمئة مقارنة بكلفة انتاجها في المحطات الحكومية".
واشارت الى ان "ارتفاع نسبة الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بوقود الديزل عالي الكلفة مقارنة بنسبة الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بوقود المازوت منخفض التكلفة (حيث ترتفع كلفة الطاقة المولدة من محطات وقود الديزل بما نسبته ٦٠% عن محطات وقود المازوت) وتمثل العقود من الطاقة المشتراة من المحطات العاملة بالوقود عالي الكلفة الديزل ما نسبته ٨٧% من اجمالي عقود الطاقة المشتراة، (فهناك ۲۳ محطة توليد بوقود الديزل عالي الكلفة مقابل محطة واحدة تعمل بالمازوت منخفض الكلفة).
وأكدت اللجنة عدم التزام الجهات الحكومية بقانون المناقصات ولائحته التنفيذية في عقود شراء الطاقة سواء الجديدة منها أو تمديد العقود السابقة، وزيادة نسبة الفاقد الاجمالي للطاقة وبمعدلات عالية جداً وغير مقبولة وصلت خلال عام ۲۰۲۲ بنسبة (٤٥%) من إجمالي الطاقة المتاحة في عدن والمناطق المحررة".
وأوصى التقرير البرلماني في هذا الخصوص، بضرورة "كشف ملابسات استمرار عقود شراء الطاقة بوقود الديزل وتكرار تجديدها العديد من المرات في اهدار متعمد للمال العام، وما يترافق معها من فساد وافساد خلافا للقوانين واللوائح التنفيذية والتوصيات المتكررة لتقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة".
فساد تجاوز الـ 500 مليون دولار
وفي مثال واضح على ضخامة الفساد الذي ينخر في مؤسسات الدولة، أشار تقرير اللجنة البرلمانية إلى تأخير متعمد لتنفيذ العقد المبرم لشراء الطاقة من شركة برايزم التربرايس عبر الباخرة العائمة بقدرة ۱۰۰ ميجاوات تعمل بالمازوت منخفض التكلفة.
وقالت إنه "منذ أكثر من عام من تاريخ توقيع العقد، قد ترتب (على تأخير تنفيذه) والاستمرار في التعاقد مع شركات بيع الطاقة بوقود الديزل عالي التكلفة، تكبيد الدولة خسائر مقدارها (٥٧٥) مليون دولار وفق لما جاء في ردود وزارة الكهرباء، مقابل الفارق بين سعر الديزل وسعر المازوت خلال مدة فترة التعاقد والبالغة (۳) سنوات"، وهو ما تناوله تقرير الجهاز المركزي للرقابة الاخير.
وبهذا الخصوص، أوصت اللجنة بأن تحقق نيابة الأموال العامة في ذلك، مشددة على ضرورة "الكشف عن المتورطين في تأخير نفاذ العقد الوحيد للطاقة المشتراة بوقود المازوت لكهرباء عدن بقدرة ١٠٠ ميجاوات الموقع مع شركة بريزم التربرايس عبر السفينة العائمة، بتاريخ ٢٠٢٢/٤/٦م، والذي تم فتح الاعتماد المستندي له بتاريخ ۲۰۲۲/۱۱/۷م".
وأكدت أن التأخير "تسبب بخسائر كبيرة تكبدتها خزينة الدولة، كفارق كلفة بين إنتاج الطاقة من الديزل بدلا عن المازوت خلال فترة التأخير، والتي قدرت بمتوسط ١٠٧ مليون دولار، وفقا لتقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة رقم بتاريخ 4 مايو 2023م".
مديونات غير مسددة
وذكرت اللجنة في تقريرها مديونيات المؤسسة العامة للكهرباء ارتفعت وبلغت ما يزيد عن (٢٦٠) مليار ريال (مديونيات الحكومة - كبار المشتركين - صغار المشتركين).
وأشارت إلى تراكم الغرامات المفروضة على شركات بيع الطاقة لصالح المؤسسة العامة للكهرباء والتي تتجاوز بحسب تقارير الجهاز مبلغ (۳۰) مليون دولار، وهو ما يمكن الاستفادة منها في صيانة محطات التوليد وإصلاح شبكة النقل والتوزيع.
المساءلة والمحاسبة
وأكدت التقارير البرلمانية "غياب مبدأ المساءلة والمحاسبة الفعلية في آليات عمل وزارة الكهرباء ومؤسساتها على الرغم من وفرة وتعدد التقارير الدورية عن المخالفات في هذا القطاع".
وأورد نموذج عن ذلك، في تكرار تمويل محطات الكهرباء بوقود رديء غير مطابق للمواصفات المعيارية التي كانت آخر عملية منتصف يوليو ۲۰۲۳م، وكذا استمرار عقود شراء الطاقة وتجديدها لأكثر من سبع مرات والممتدة حتى ٣١ أكتوبر القادم في كهرباء عدن.. كدليل سافر على التغييب المتعمد لمبدئي المساءلة والمحاسبة".
وأوصت اللجنة في تقريرها، بـ"التحقيق في ملابسات تكرار عمليات توريد الوقود الرديء، غير المطابقة للمواصفات التي كان آخرها صفقة يوليو ٢٠٢٣م، وكشف المتورطين بهذه العمليات، وتحميلهم تبعات الأضرار الناجمة عنها".
مشاريع غير مكتملة
وتناولت التقارير الرسمية الصادرة عن اللجنة البرلمانية او الجهاز المركزي للرقابة، وجود مشاريع طاقة غير مكتملة مثل استكمال شركة بترومسيلة تنفيذ إعادة تأهيل شبكة النقل ١٢٢ ك ف كجزء غير منجز حتى الآن من مشروعها محطة عدن الجديدة، والتزام الحكومة بإصلاح خطوط النقل والتوزيع لتعزيز مصدر التغذية لمحطات التحويل ١١/٣٣ ك.ف، في حين تحدثت التقارير عن فساد كبير شاب مشروع انشاء محطة بترومسيلة في عدن، التي كانت مقرر لها توفير ٢٤٠ ميجاوات، بدلا من ١٢٠ ميجاوات الحالية.
ومن المشاريع المتعثرة بسبب الفساد، عدم استكمال إعادة تأهيل واستعادة محطة الحسوة ٢ للعمل بقدرة ٦٠ ميجاوات خلال عام ٢٠٢٣م ، وكذا عدم استكمال إعادة التأهيل واستعادة محطة المنصورة ٦٠ ميجاوات للعمل خلال العام ٢٠٢٣. والتاخذل الحكومي في إعادة التأهيل واستعادة التوربين الصيني ٦٠ ميجاوات إلى العمل في محطة الحسوة.
الى جانب تعثر المرحلة الثنية من محطة الطاقة الشمسية، وفشل تعهدات الحكومة ومجلس القيادة بالعمل على توفير متطلبات الحل الجذري للعجز المؤمن في كهرباء عدن وغيرها من المحافظات المحررة.
أخيرًا.. ان الحديث عن فساد كهرباء عدن، يحتاج الى موسوعة كبرى، خاصة فيما يتعلق بعقود شراء الطاقة والوقود، والتي رغم توصية البرلمان في ٢٠٢٣، بعدم إبرام عقود شراء وقود او طاقة بالنسبة لكهرباء عدن بدون إنزال مناقصة من قبل لجنة المناقصات.
ومع ذلك كل ذلك الفساد والافساد فيما يتعلق بكهرباء عدن، وصلت المدينة الى مرحلة الظلام الدامس كظلام عقول وضمائر المسؤولين عن توفير هذه الخدمة الاساسية للمواطنين.
والخميس، أعلنت مؤسسة كهرباء عدن عن توقف كامل الخدمة عن المدينة خلال ال ٧٢ ساعة المقبلة، نتيجة عدم وجود وقود لتشغيل محطات التوليد.. حيث جاءت هذه الأزمة متزامنة مع صدور تقرير جهاز الرقابة وإحالة ملفات ٢٠ قضية فساد ابرزها فساد كهرباء عدن الى النيابة العامة.. حيث يتوقع ان تشهد عدن ولحج وابين والضالع مظاهرات واحتجاجات على خلفية هذه الازمة.. فقد بلغ السيل الزبى ، وحان وقت المحاسبة الشعبية لأدوات الفساد والفشل والفوضى والانقلاب.