زيارة المبعوث إحداها .. مكاسب عصابة الحوثي من وراء المتاجرة بالأزمات .. غزة أنموذجا
زار المبعوث الاممي الى اليمن هانس غروندبيرغ، صنعاء خلال الساعات القليلة الماضية، بعد مقاطعتها على مدى أشهر، لطرح توافقات جديدة على عصابة الحوثي الايرانية، رغم استمرار العصابة الايرانية باستهداف الملاحة بالبحر الأحمر وخليج عدن، وعدم إطلاق سراح المختطفين العاملين لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والهيئات الدبلوماسية في مناطق سيطرتها.
ويرى مراقبون الى ان زيارة المبعوث الاممي والتحركات الاقليمية والدولية لايجاد صيغة سلام لانهاء الازمة اليمنية، بما يرضي الحوثيين، تأتي في اطار المكاسب التي تجنيها عصابة ايران من خلال متاجرتها بالقضية الفلسطينية.
متاجرة بأزمة غزة
وعلى مدى عام ونيف، تواصل عصابة الحوثي المتاجرة بالقضية الفلسطينية وخاصة ما يجري في قطاع غزة، من خلال ترويجها بأنها تقف الى جانب مظلومية ابناء غزة من خلال شنها هجمات على سفن الملاحة الدولية في البحر الاحمر وخليج عدن.
والى جانب هجماتها على الملاحة التي انعكست سلبًا على اليمن واليمنيين، فان عصابة الحوثي تشن هجمات منسقة وغير مؤثرة على اسرائيل في اطار المتاجرة بقضية فلسطين وغزة.
مكاسب اقتصادية
وحسب تقرير لجنة الخبراء، فقد حققت عصابة الحوثي من خلال المتاجرة بقضية غزة، مكاسب اقتصادية داخليا وخارجيا، ابرزها "جني الحوثيين نحو 180 مليون دولار شهريا من وكالات شحن بحرية، مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن".
وحسب التقرير السنوي الصادر عن لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي المعنية باليمن، في اكتوبر 2024، توجد معلومات عن تنسيق وكالات شحن بحري مع شركة تابعة لقيادي حوثي رفيع المستوى، مضيفا أنه يتم إيداع الرسوم في حسابات مختلفة من خلال عمليات مصرفية وتسويات تنطوي على غسيل الأموال القائم على التجارة.
وفي كل الأحوال، وفق الكاتب والسياسي اليمني، "يتحول المال إلى هدف رئيسي لمليشيا الحوثي، سواءً في سعيها الداخلي أو الخارجي، فقد مارست أشكالا مختلفة غير أخلاقية لجباية المال على المستوى الداخلي من خلال فرض الفدية على المختطفين و مقايضتهم للإفراج عنهم".
ووفقا المراقبين للشأن المحلي، فقد جنت عصابة الحوثي من خلال متاجرتها بغزة، أموالًا طائلة جراء الجبايات التي فرضتها على التجار ورجال الاعمال وسكان المناطق الخاضعة لسيطرتها، بحجة دعم المجهود الحربي المساند لقطاع غزة والقضية الفلسطينية.
والى جانب جني أموال طائلة فقد تمكنت من التنصل على تنفيذ اي من الاصلاحات الاقتصادية المعيشية التي يطالب بها سكان مناطق سيطرتها التي تعيش أوضاعًا كارثية، ومن تلك المطالب صرف مرتبات الموظفين.
ووفقا للمراقبين تظل ابرز تلك المكاسب، التخلص من موجة السخط الشعبية الناجمة عن سياساتهم الاقتصادية والمالية الكارثية التي عممت الحرمان بحق مئات آلاف الموظفين في الجهاز الحكومي المدني والعسكري بسبب عدم صرف المرتبات"، بالإضافة إلى سياسة فرض الجبايات، ومصادرة الممتلكات الخاصة والعامة، ومضايقة القطاع التجاري، وتكريس الشعور بالانسداد لدى اليمنيين الواقعين تحت سيطرتها.
مكاسب عسكرية
ويرى المراقبون أن عصابة الحوثي حصلت على مكاسب عسكرية من خلال المتاجرة بدماء ابناء غزة، تمثلت بمكاسب دعائية بأنها باتت قوة عسكرية لا يُستهان بها في المنطقة، كما منحتها القدرة على تجاوز إطارها كفاعل محلي إلى لعب دور إقليمي"..وقد ظهر ذلك جليا في العمليات العسكرية، سواء تلك التي استهدفت السفن أو تلك الموجهة للقدرات العسكرية للجماعة.
ووفقا للمراقبين، فأن هذه المكاسب انعكست أيضا في إبداء السعودية تقديرا أكبر للعصابة الايرانية باليمن، ودفعتها الى متابعة المشاورات لعقد صفقة سلام معها قد تكون على حساب الشرعية واليمنيين عامة ، ما ساعد مليشيا الحوثي على الظفر بدور داخلي اكبر وتقوية مركزها.
وحققت عصابة ايران مكاسب عسكرية اخرى تمثلت بحصولها على اسلحة جديدة ومتطورة من ايران على اعتبارها الذراع الذي بات يشكل قوة ايران ونفوذها في المنطقة. حيث لعبت أدوارًا رسمتها طهران لها ضمن استراتيجية ملئ الفراغ العربي حيال القضية الفلسطينية وتوظيفه لخدمة أجندتها ومشاريعها الجيوسياسية في المنطقة.
وعمدت عصابة الحوثي الى استغلال ما تروج له من دعم لغزة، وتحويله إلى "ذريعة مناسبة لاستقطاب آلاف المقاتلين الذين تم الزج بهم في الجبهات الداخلية لها، رغم ان التحشيد يتم تحت عنوان إسناد غزة".
مكاسب سياسية
وتؤكد تحليلات المراقبين، بأن عصابة الحوثي تمكنت من الحصول على مكاسب سياسية، من خلال المتاجرة بدماء ابناء غزة وحياة اليمنيين، تمثلت باستثمار الأزمات وتحويلها إلى فرص لاستغلال التعاطف الشعبي مع غزة لتقوية علاقتها بالرأي العام المحلي خاصة القبلي، بعد ان تراجع على وقع الازمة الاقتصادية.
ومن خلال ترويجها المضلل بشأن تدخلها الرمزي تحت عنوان "مساندة غزة"، رغم أن هذا التدخل لم يترتب عليه تأثير عسكري يذكر، ولم تؤذي أي جندي إسرائيلي، ولم تلحق أضرارًا تذكر بأي منشأة عسكرية إسرائيلية، تمكنت العصابة الحوثية من ترميم صورتها التي تعرضت للتشويه، جراء دورهم في تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وامتناعها عن دفع المرتبات وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
ويشير المراقبون الى ان الحوثيين استغلوا غزة، في مواجهة المطالب الشعبية في مناطق سيطرتها، حيث شكلت دعايتها بشان الهجوم على اسرائيل، واستهداف السفن في البحر الأحمر طوق نجاة لها، وتمكنت من إلهاء السكان في مناطق سيطرتها بحجة مواجهة العدوان الإسرائيلي، ليس أكثر، إضافة إلى أن شعار الجماعة الذي كان مجرد صرخة، في نظر مؤيديها، صار شعارًا قابلًا للتصديق.
أخيرًا.. تؤكد جميع التقارير والمعلومات بأن القضية الفلسطينية وغزة لم تستفيدا من هجمات وكلاء ايران في اليمن بقدر ما شكلت "هذه الهجمات التي رافقت حرب غزة فرصًا سياسية واقتصادية للعصابة نفسها، خاصة دفعها الامم المتحدة والسعودية، للعودة نحو توفير بنود سلام ستجني منها مكاسب كبيرة مقابل التوقيع على (خارطة الطريق)".