هناك فساد أعظم مما كشفه مكتب النائب العام

قبل 23 ساعة و 2 دقيقة

فساد مسؤولي الدولة بالشرعية من الأمور التي لا تبعث على الدهشة والاستغراب باعتبار أن أعمال النهب ممنهجة وكل من يصعد إلى كرسي المسؤولية يأخد حصته من المال السائب.

تعاقبت حكومات على اليمن التي شهدت حالة من الاضطرابات المتلاحقة منذ 2011، وأصبح كل شيء مستباح فيها حتى اليوم، وكل حكومة تصعد  تأخد مباركة مجلس النواب دون ان تحمل في حقيبتها موازنة للدولة وتسيِّر أمورها بالبركة و"لطش اللطش"، متحجيين بالحرب مع الحوثي، وتعطل أجهزة الدولة لتصبح السرقة بالمكشوف، لا أحد يحاسب أحد، وكل محافظة تحكمها مزاجيتها في توريد إيراداتها إلى البنك المركزي، وهناك من تأخد طريقها الى شقق وفلل مستأجرة كالحاصل في مارب.

يتحدثون عن تحريك قضايا فساد في نيابة الأموال والمحافظ السابق الذي أُعلن عن نهبه 27 مليار ريال يسرح ويمرح دون أي ملاحقة قانونية، وكأنه يملك حصانة ضد المحاسبة.

اليمن الدولة الوحيدة بالعالم التي يفتح  فيها كل مرفق إيرادي حساب باسمه بعيدًا عن مراقبة البنك المركزي، والادهى من ذلك أن البنك نفسه قد يتوسط بمخاطبة  البنوك التجارية السماح بفتح حسابات لا يشرف عليها، تتعدد الحسابات بدلًا من الحساب الموحد الذي تصب فيه كافة إيرادات الدولة.

اليوم، كشفت جرائم فساد كبيرة في نهب المال العام، وتهرب ضريبي، وغسيل أموال، ومضاربة بالعملة، ومحررات مزورة لأراضي الدولة، وفساد في شركات نفطية، وقنصليات يمنية بالخارج، سلسلة طويلة مغيبة ومن يوجه إليه اي اتهام قد يكون نصيب أصغر محتال على المال العام عشرات المليارات  بينما الشعب اليمني يتضور جوعًا، ينتظر بعد أن تخرج روحه فتات الراتب الذي لا يكفي لسداد دين بقالة او دفع إيجار المسكن.

الحكومة كشفت حجم الفساد الذي ينخر أركان الدولة تحت عنوان تجفيف منابعه دون أن تتحرك للقبض على أحد من تلك العصابات ممن عُينوا بقرارات جمهورية في جهاز الدولة.

وإذا تعدينا فساد ما أعلن يبقى هناك فساد أكبر من ما كشفه مكتب النائب العام  تبدو أنها أموال حلال لا شبهة فيها إنها مرتبات كبار مسؤولي الدولة ممن يستلمون مئات الملايين من الريالات مرتب شهر ومخصص واعتمادات. تخيلوا مسؤول يستلم حوالي مليار ريال راتب ومخصصات شهرية كأقل تقدير  لا يقوم بشيء سوى السكن بالقصور والفنادق في العواصم العربية واللاجنبية، وهذ يكشف سبب عجز الدولة في الإيفاء بالتزاماتها وتوفير الخدمات وصرف المرتبات كيف لها ذلك  وهناك طابور طويل من المسؤولين بالخارج والداخل يستنزفون خزينة الدولة والوديعة السعودية؟!.

أليس هذا أعظم من الفساد الذي خرج به النائب العام؟!.. اليس هذا هو الفساد الحقيقي حينما يستلم مسؤولو الشرعية مرتباتهم بالدولار في ظل ما تعانيه الدولة من أزمة اقتصادية خانقة والمال فائض لديهم حفل زواج لابنائهم يساوي موازنة الدولة بعام؟، وهذا وحده يشكك في مصداقية مزاعم "محاربة الفساد" ومثل ما الضجة التي احدتثها قضية الفساد لا شك أنها سوف تخفت الأضواء المسلطة حولها وينسى أمرها وكأن شيئًا لم يكن. وكفى المؤمنين شر القتال.